«خوّنوك القطيع كل ما طالبت بتغيير الوطن/ يأسوك حتى تبيع حرياتك لما يضيع الوطن». هذا بعضٌ مما جاء في كلمات أغنية «للوطن» التي أطلقتها فرقة «مشروع ليلى» في عام 2013. مجدّداً، تواجه الفرقة اللبنانية مطالبات بمنعها من الغناء. هذه المرّة قضية حرية التعبير التي نحن في صددها ليست في الأردن أو في مصر، بل في لبنان الذي يفترض أن يكون بؤرة مضيئة وسط الظلام ومنارة حقيقية لحرية التعبير. إلا أنّ دعوات متزمّتة انطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلى منع حفلة الفرقة المرتقبة في التاسع من آب (أغسطس) المقبل ضمن فعاليات «مهرجان بيبلوس الدولية»، على خلفية سوء تأويل وفهم لأغاني الفرقة. إذ اعتبر بعض المنتقدين أنّ أعمالها (مثل «الجن») «تهين المعتقدات المسيحية ورموزها» كما أنّها «تشجّع على المثلية الجنسية»، ووصل الأمر إلى حدّ الدعوة للتحرّك على الأرض تزامناً مع موعد إحياء السهرة.
كالعادة، الدعوات تلقفتها مواقع دينية بارزة، من بينها رئيس ​المركز الكاثوليكي للإعلام عبدو أبو كسم الذي شدّد في أحاديث إعلامية على أنّ «العقيدة المسيحية ليست مساحة للتهكم والاستثمار في أمور رخيصة لا علاقة لها بالقيم»، مؤكداً أن «للكنيسة موقفاً صارماً في هذا المجال ولن تسمح بأي مشروع أو حفل يهين مقدساتنا ومعتقداتنا الدينية... وما رح تقطع». أما المكتب الإعلامي في أبرشية جبيل المارونية، فقد لفت في بيان إلى أنّه «بعد الاطلاع على أهداف فرقة «مشروع ليلى» ومضمون الأغاني التي تؤديها والتي تمس بأغلبيتها بالقيم الدينية والإنسانية وتتعرّض للمقدسات المسيحية، تشجب مطرانية جبيل المارونية شجباً قاطعاً إقامة الحفلة المقرّرة في 9 آب 2019»، مضيفة أنّ «جبيل مدينة التعايش والثقافة لا يليق بها استقبال حفلات مماثلة على أرضها، وخصوصاً أنّها تتعارض بشكل مباشر مع الإيمان المسيحي والخلقيات الدينيّة والإنسانيّة».الأحزاب السياسية دخلت على الخط ــ خصوصاً التيار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية ــ وانخرطت في حفلة المزايدات وبازار الشعارات الشعبوية. وفي غضون ذلك، تداول روّاد السوشال ميديا أنباءً عن نشر حامد سنّو، المغني الرئيسي في الفرقة التي انطلقت من «الجامعة الأميركية في بيروت» عام 2008، صوراً «مسيئة للمسيحية» على حسابه على فايسبوك.
تعليقاً على ما يجري وفي ظل استعار الحملة، اكتفى سنّو بالقول على فايسبوك: «طبعاً أكتر شيء مضحك بكل هل بلبله، إنو أنا بس حطيت مقال ع صفحتي بيتعلق بالمغنية madonna وكان في بالمقال صورة، لا أنا عملتها، ولا أنا كتبت المقال. وكمان في بلبله على كم meme، كمان لا أنا كتبتهم، ولا أنا رسمتهم». وسأل: «بقى مش عم بفهم لوين وصلنا؟ حرية تعبير ما في... بس حتى حرية القراءة؟ طب ما تسكرو الانترنت كلها فرد مرة مش أسهل؟». ثم شدّد على أنّه من الواضح أنّ «محاولات المنع مش من ورا مقالات بقى وحياتكن حاج تتخبو ورا صوابعكم. بعدين يللي عاملينلي فيها انهم عم يحموا أخلاق البلد، أقل شي بالأخلاق الواحد ما يكذب، لذلك بلا نفاق وكذب وحاج تنشروا أكاذيب إنّي أنا يللي صنعت هذه الأشياء بمحاولاتكم التافهة بإيثار فتن أخلاقية ورعب جماعي».