أدرجت «منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة» (اليونسكو)، أول من أمس الجمعة مدينة بابل الأثرية العراقية ضمن قائمة التراث العالمي عقب تصويت جاء بعد عقود من الضغط من جانب العراق.ويجعل التصويت، الذي جرى في اجتماع لجنة التراث العالمي التابعة للمنظمة في مدينة باكو، المدينة القديمة الواقعة على نهر الفرات سادس موقع للتراث العالمي في البلد الذي يعرف بأنه مهد الحضارة.
في هذا السياق، قال الرئيس العراقي برهم صالح إنّ المدينة التي أشير إليها للمرة الأولى في لوح من الطين يعود للقرن 23 قبل الميلاد عادت إلى «مكانتها التي تستحقها» في التاريخ بعد سنوات من الإهمال من قبل الزعماء السابقين. ورحّب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بالإعلان، قائلاً إنّ الاختيار «تذكير بأن أرض الرافدين هي بالفعل عماد ذاكرة البشرية، وأصل انبثاق الحضارة منذ بدأ الإنسان التدوين». على خطٍ موازْ، أكدت الحكومة إنها ستخصص أموالاً لجهود الحفاظ على الموقع وصيانته.
يقع موقع بابل الأثري على بعد 85 كيلومتراً من بغداد ويتكون من آثار المدينة التي كانت مركز الإمبراطورية البابلية الحديثة بين عامي 626 و539 قبل الميلاد إلى جانب عدد من القرى والمناطق الزراعية المحيطة بالمدينة القديمة.
وذكر الموقع الرسمي لليونسكو على الإنترنت أنّ هذه الآثار التي تشمل الأسوار الداخلية والخارجية للمدينة والأبواب والقصور والمعابد «شهادة فريدة على واحدة من أكثر الإمبراطوريات نفوذا في العالم القديم».
وأضاف أنّ بابل «تجسّد إبداع الإمبراطورية البابلية الحديثة في أوجها»، مشيراً إلى أن ارتباط المدينة بواحدة من عجائب الدنيا السبع قديما وهي حدائق بابل المعلقة كان له تأثير على أشكال الثقافة الفنية والشعبية والدينية على مستوى العالم.
يمكن للزوار التجول عبر بقايا هياكل الطوب والطين التي تمتد عبر 10 كيلومترات مربعة ومشاهدة تمثال أسد بابل الشهير وكذلك أجزاء كبيرة من بوابة عشتار الأصلية.
وبينما بدأت الشمس تغرب على الأثار المتهدمة، توافد نشطاء وسكان على نسخة مطابقة من بوابة عشتار عند مدخل الموقع للاحتفال بما وصفوه بـ «لحظة تاريخية».
وبحسب وكالة «رويترز»، بدأت أعمال التنقيب في بابل في أوائل القرن التاسع عشر على يد علماء آثار أوروبيين. وفي سبعينيات القرن العشرين وفي إطار مشروع ترميم، أعيد بناء جدران وأقواس القصر الجنوبي بشكل رديء فوق الآثار الموجودة، مما تسبب في أضرار واسعة. حالة الإهمال تفاقمت وصارت الصيانة حاجة ملحة، بعدما زاد الأمر سوءاً خلال الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 عندما تمركزت قوات أميركية وبولندية بالقرب من الموقع وبنت قاعدة عسكرية فوق آثار بابل.
تجدر الإشارة إلى أنّ العراق يعج بآلاف المواقع الأثرية التي تعرّض كثير منها لأضرار كبيرة أو النهب على يد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي خلال حكمه الوحشي الذي دام ثلاث سنوات وانتهى في عام 2017. والمواقع العراقية الخمسة الأخرى المدرجة على قائمة التراث العالمي، هي: منطقة الأهوار الجنوبية، ومدينة الحضر، وسامراء، وأشور، والقلعة في أربيل.