-1- يؤكد رفعة الجادرجي أن العولمة هي المظهرُ الأبرزُ اليوم. وهو يرى، أن مؤثّراتِها لا تنحصرُ في النواحي السلبيةِ رغم كَثْرتِها، بل يرى فيها أيضاً بعضَ القيم الإيجابية. إن احتلال أوروبا الكولونيالي للبلدان المختلفة، واستتباعَها، والسيطرةَ عليها، أنتجت مفهومَ المركزيَّةِ الأوروبيَّةِ الغربية للمرة الأولى وفق ما يقول الجادرجي. وهو مفهومٌ يؤكّد، اعتِبارَ الحضارة الأوروبيَّة الغربيَّة، أساساً للحضَارةِ بعامة. وقد استغلَّ المستعمِر الأوروبيُّ الغربيُّ هذا المفهوم، لمنحِ هَيمنتِهِ شرعيَّةً سياسيةً وأخلاقية. إن هذا الموقف الأخلاقي والمتعالي، استمرَّ، إلى أن ظَهرت بدايات العولمةِ في عصرنا، أي بعد الحربِ العالميَّةِ الثانية. فأمعنَ هذا الموقِفُ في تهميشِ شبكات كلجريات (ثقافات) الشعوبِ المستعمَرة (بفتح الميم)، وفي تجاهُلِ خاصيَّاتِها، وفي التعامُلِ معها بما يتناقضُ مع مكوّناتها الاجتماعية، وعموميَّة كلجرياتها (ثقافاتها). إنها تدقيقاتٌ هامةٌ، تِردُ عند الجادرجي للمرَّة الأولى.
-1-1-

عَرض الجادرجي النقْلاتِ في المصنّعات، التي حقَّقها المعمارُ في أوروبا، وخاصَّةً في إنكلترا مع القصرِ البلَّوري في بداية مرحلة الحداثة، وفي فرنسا مع لو كوربوزييه، وفي أميركا مع فرانك لويد رايت ومع غيرهم كثر. إلا أنّ تجاوزَ المرجعيةِ المشتركةِ التي سَادتْ في المجتمعِ التقليدي، وأمَّنت تماسكاً ضرورياً للعيشِ الآمنِ السليم، أدَّى إلى ظهورِ نوعٍ من التماسُكِ في مجتمعِ الحداثةِ، سمَّاه الجادرجي التضامن الاجتماعي، الذي يؤكّد حريَّة الإنسانِ الفردِ في اختيارِ مقوّمات هُويته. فتعدَّدت بهذا الهُويات ــ وفق ما يرى الجادرجي ـــ واغتنت العِمارة بخصوصيَّاتها.
إلا أن تعدُّد الهُويَّاتِ، خلقَ مبالغةً في التعاملِ الحرّ معها، استغلَّها بعـضُ المعماريين أمثـال بيتر إيزنْمانْ وغيره، ليعتبروا أن العِمارة هي تصورٌ لأشكالٍ مجرَّدةٍ، من دون أن تكونَ لها وظيفةٌ اجتماعية. هكذا، اكتسب بعضُ معماريّي العولمة موقعاً لهم، وروَّجوا لعِمارة الإثارة وكلجرية (ثقافة) الصُّورة، بعيداً عن متطلّبات الحداثة. وهي، كما عرفَّها الجادرجي، إنسانيةٌ، ليبرالية، اشتراكية. ينعزلُ المعمارُ عن المُجتمعِ، فيترافق ذلك مع انفلاتِ الرأسمالية اللاإنساني.
--1-2-

المِعمارُ، الذي أَخذَ يحتكرُ بالتدرُّجِ، المعرفةَ والأحاسيسَ ضِمنَ المرحلةِ الرؤيويةِ، لم ينعزل عن الناس، واستمرَّت أعمالُه مفهومةً منهم في بداية النهضة، حين لم يحصلْ تغيرٌ جذريُّ في تقنيات التصنيع. لقد تغيَّرتْ هذه العلاقةُ مع ظهور المكننة، إذ عجزتِ الدورةُ الإنتاجيَّةُ عن تقبُّل ضروراتها. وأهمُّ أسباب هذا العجزِ:
أولاً، عجزُ التعليم عن نشرِ المعرفة الضروريَّة، لفهمِ الأشكالِ المعاصرةِ والحديثة، والإحساسِ بها. وقد تفاقَمَ هذا العجزُ في بلدانِ الأطرافِ خاصةً، مع السرعةِ في تطوُّرِ الإنتاج المُمكْنَن.
ثانياً، لقد حصلت النقلةُ في أوروبا الغربية، من دون أن تُحدِث انقطاعاً في المعرفة وفي الأحاسيس، لأنَّ الأشكالَ الجديدة للمصنَّعاتِ ومنها العِمارة، جاءت مُستلهَمَةً من العِمارة الكلاسيكية في أوروبا، والتي كانت آثارُها لا تزال موجودةً هناك، فبدت، كأنها استمرارٌ للعِمارة السابقة.
أما على الصعيد الفكري، فقد أظهرَ المجتمعُ القروسطيُّ، قدرةً على تقبُّلِ العلومِ الإغريقية وفلسَفتها، فاستمرَّت بذلكَ جسورٌ معرفيةٌ، بين العصورِ الوُسطى وعصرِ النهضة.
ثالثاً، القاعدةُ الإنتاجية في أوروبا في العصورِ الوسطى، كانت حرفيَّةً. لذا بدا بديهياً ربَّما، استيعابُ أوروبا للحرفةِ، في عصرِ النهضة.
-1-3-

كانت أوروبا إذاً متهيئةً لاستقبالِ عصرِ النهضة (وهذا بديهي، فالنهضةُ نهضتها) الذي شكَّل القاعدةَ الرئيسةَ لظهورِ الحداثةِ، في مجتمعِ الإنتاجِ الممكننِ ومصنَّعاته بأشكالها الجديدة. إلا أنه، مع انتقالِ البحثِ المعرفيّ من دكَّان الحرفيّ إلى المختبرِ والجامعاتِ، ظهرتِ المعرفةُ التي تتطلبُ متخصّصاً، يَستوعبُها ويستخدِمُها في مراحلِ التصنيع. بدأت تظهرُ فجوةٌ معرفيَّةٌ بينَ الناسِ والتكنولوجيا، في الإنتاج الحديث. فجوةٌ بين معمارِ الحداثةِ وتصوُّراته للمصنَّعات من جهة، وبين معرفةِ الناس من جهةٍ أخرى. تفاقَمت هذه الفجوةُ، عندما انتقلت المصنّعاتُ الحديثةُ إلى بلدان الأطراف التابعة ومنها العالم العربي (لم تنتقل، بل فرضها الأوروبي الغربي بالاحتلال الكولونيالي)، لأن شَبَكَةَ الكلجريات (الثقافاتِ) في هذا العالم، لم تكنْ متهيّئةً للتعامُل معها.

-2- الحداثة، والعولمة
-2-1-

يشكّل ظهورُ المكننةِ ــ وفق ما يكرر الجادرجي ــ قاعدةَ الحداثة. وهي مرحلةٌ لاحقةٌ بالمعاصرة وامتدادٌ لها. وما كان للحداثة وقاعدتها (المكننة) أن تظهرا، لو لم تظْهر مقوّماتُ المعاصرةِ المتمثلةِ بالتشخُّص والتخصُّص. لقد ظهرتْ المعاصرةُ في مطلعِ القرن الخامسِ عشر، وظهرتْ معالمُ الحداثةِ في أواخرِ القرنِ الثامن عشر. وظَهرتْ، كامتدادٍ للحداثة، حركاتٌ مهنيَّةٌ وفنيَّةٌ متعدّدة، كالتجريديَّة، والتكعيبية، والسريالية، وما بعد الحداثة.
-2-2-

والعولمةُ، هي مرحلةٌ جديدة في تقنيَّاتها، وفي صيغِ تحكُّمها بالشعوب، يقولُ الجادرجي. إنها تُبنى على كلجريَّاتٍ (ثقافاتٍ)، تتجاوزُ حدودَ الدولِ القوميَّةِ، وكلجرياتها (ثقافاتها) المحليَّة.
لقد بُنِيَ الاستعمارُ العالميُّ، على مصالحَ استعماريةٍ واضحةٍ، عسكريَّةٍ وسياسيةٍ واقتصادية. وإن تدَاخَلتْ أحياناً مع هذهِ المصالح، القيمُ التي جاءت بها الحركاتُ التنويريَّةُ، مثلَ الديمقراطيَّةِ، وحقوقِ الإنسانِ، واحترام القانون، وحمايةِ البيئة، والتقدُّم التكنولوجي، وغيرها من مُكوّناتِ الثورة البورجوازية في أوروبا. والعَولمةُ، كمرحلةٍ، في سياقِ تحوّلاتِ رأسِ المالِ العالميِّ المسيطر، حمِلَتْ في تكوينها مقوِّمات الاستعمار العالمي، ونظْرةَ الغربِ إلى ذاتِه بكونِه المركزَ الوحيدَ لكلّ التقدُّم، وكلّ الرقيّ، وكلّ القِيَم الحَضَاريَّة. قامَت العولمةُ على مؤسَّساتٍ جديدةٍ، مثل الإنتاج والتسويقِ العابرَين للسيادةِ القوميةِ أو الوطنيةِ للدولِ، وعلى التطوُّرِ في التكنولوجيا الإلكترونيَّة، وفي المعلوماتيَّة، وفي وسائلِ الإعلام.
ما تمَّ تشييدُه في عصرِ الحداثةِ، هو في غالبه عمارةٌ لا تتعاطَفُ مع وجدانِ المجتمعاتِ


وربَّما كانَ في هذا التطوّرِ السريعِ بعضُ الإيجابيات. إلا أن المنتفعَ الأوَّل بها، هم مُبتكِروها في دولِ المركزِ الرأسمالي، وبعضُ المروِّجين لها في بلدانِ الأطرافِ التابعةِ (بلدان العالم الثالث سابقاً). وأتتِ السوقُ الحرَّةُ، لتُكمِل ما بدأَه مفهومُ التبادُلِ الحرِّ، الذي كان قد ظهر في أوائل القرن التاسع عشر، مع الكولونياليتَّين الجديدتين، البريطانية والفرنسية، فتحوَّل كلُّ الإنتاجِ الاجتماعيّ إلى سلعٍ، بما فيها الثقافةُ، والفنونُ، والعِمارة.
سِلعٌ، يتمُّ تبادُلها في السوقِ الحرَّةِ بهدفِ الربح السريعِ. ويتمُّ الترويجُ لها بالإغراءِ، والإثارة، وكلجرية (ثقافة) الصور. ارتبكَ الفكرُ المعماريُّ، وانزلقَ معماريُّون كثرٌ إلى ممارساتٍ شكليَّةٍ منعزِلَةٍ عن همومِ المجتمعِ، فزيَّنُوا، وزيَّفوا، وأثاروا. ففصَلوا الشكلَ في العِمارة، عن وظيفةِ الإنتاجِ الاجتماعيّ، وعن هُمومِ المجتمع. وروَّجوا لهذا التلوُّثِ في وسائلِ الإعلامِ الأكثر انتشاراً. عمَّت العِمارة العبثيَّة الملوِّثة العالمَ بكامِله، وظهرت بوقاحةٍ في بلدان الأطراف التَابِعة (بلدان العالم الثالث سابقاً). وربَّما تمَّثلتْ هذه العِمارة، في أعمالِ فيليب جونسون Philip Johnson الأخيرة، وبيتر أيزنمان Peter Eiseman، وفرنك غري Frank Gehry، وبرنار تشومي Bernard Tshumy، وزها حديد Zaha Hadid، ورافقتها فكرياً كتاباتُ تشارلز جانكس الأخيرة.

-2-3-

تَطابَقَ هذا الفكرُ المعماريُّ بالكامِلِ، مع العولمةِ بكَوْنِها المرحلةَ الحاليَّة في تحوُّلِ رأسِ المالِ النيوكولونيالي، الذي جدَّد الاستتباعَ، والاحتلالَ العسكريَّ المباشَر، فسلَبَ المعمارَ المحليَّ خُصوصيَّته، وأبعدَه عن هُمومِ مجتمعِه، وأغرقَهُ في كلجرية (ثقافة) الصورِ تُنتجِها العَولمةُ، وتصدّرُها إلى البلدان التَابعةِ، أشكالاً جاهزةً، ومعرفةً سطحيَّةً، مُهمِلةً حاجاتِ المجتمع.
إن الخضوعَ لهذه العِمارة، أو قبولهـا، أو إنكار وُجودها، هي مواقفُ تُسهِمُ في إفسادِ المجتَمَع. ولم يظهر هذا التلُّوثُ إلا مع سلبياتِ الحداثة، وما سلبيَّاتُ العولمةِ سوى امتدادٌ لها وفق ما يؤكّد الجادرجي.
-2-4-

لقد ترسَّختِ العولمةُ مع التكنولوجيَّاتِ المتقدِّمة، التي أنتَجت فائضاً هائلاً. وأنتَجَ هذا الفائضُ ممارساتٍ هجينةً، غير قادرةٍ على إدراكِ المتطلّباتِ الجدليَّةِ لدورةٍ إنتاجيةٍ سليمة. كما مكَّن، من إنتاج أشكالٍ مؤقتةٍ، لا تتحقَّق فيها صفةُ الإبتمال (التوازن الأمثل). والشكلُ الهجينُ، هو شكلُ مصنَّعٍ، أُعِدَّ ليُنتجَ حرفيّاً، فأنتِج بتكنولوجيةٍ متقدِّمة. وبقدر ما أنتجتِ المكننةُ فائضاً، تحرَّر التصنيعُ المُمكنَنُ من ضروراتِ تحقيق صفةِ الإبتمال (التوازن الأمثل). لكنَّهُ تحرُّرٌ كاذبٌ يقولُ الجادرجي. لأن المُتعاملِ مع المادة لا يمتلك المعرفة المناسبة. وهو تحرُّرٌ خادع، يقول، لأن المتعامِلَ لا يمتلِكُ الوعيَ، بأن صفة الإبتمال في المادة المتعامَلِ معها، هي ضرورةٌ للإنسان في وجوده. لقد سمحَ هذا التحرُّر الخادعُ، عَبْرَ تجاوزِ ضرورةِ تحقيقِ صفةِ الإبتمال (التوازن الأمثل)، بظهور المُصنَّعاتِ والعِمارة الهَجينَتين، لأن سيرورةَ استعمالِ الطاقةِ في الإنتاج الحرفيِّ، تختلفُ جذرياً عنها في الإنتاج المُمكْنن. فالإنتاجان، الحرفيُّ والمُمكنَنُ، يختلفان جذرياً، باختلافِ التقنيَّةِ المستعمَلةِ في كلِّ منهما. لذلك أنتجا أشكالاً مختلفة. ومع انتشارِ العِمَارةِ والمصنِّعاتِ الهجينة، عجزَ المجتمعُ عن اكتسابِ المعرفة والأحاسيسِ المناسبةِ للتعامُلِ مع صفة الإبتمال، وأصبحَ معظمُ الناسِ أمِّيين، في ذوقهم وفي أحاسيسهم.
-2-5-

والعِمارةُ المعاصرةُ والحديثة، كمصنَّعٍ، حَملتْ معَها خللاً متأصِّلاً في تكوينها. ففي مكوّناتها صفتان: إيجابية وسلبية. ولكلّ من التشخُّص، والمكننة، والتخصص، هذان الوجهان المتناقضان، وفق ما يؤكِّدُ الجادرجي. وبقدرِ ما أعاقت هذه المكونات انسيابَ المعلوماتِ بين مراحلِ الدورةِ الإنتاجية، فقد أعاقت أيضاً، الإنتاجَ المعماريَّ الأليف. إلا أنها كانت السببَ في ظُهورِ عمارةٍ متميِّزةٍ نادرةٍ. إذ إنَّ مُعظَم ما بُني في عصرِ الحداثةِ، منذ بداية القرن العشرين حتى يومنا هذا على امتداد الكرة الأرضيَّةِ، هو عبارةٌ عن عمارةٍ بليدةٍ لا علاقة عاطفيَّة للناس بها.
-2-6-

مع امتدادِ عِمارة المعاصَرةِ في الحداثة، ظَهرَ خللٌ متأصّلٌ في علاقاتِ إنتَاجِها. فلكلّ من التشخُّص، والمكننة، والتخصُّص، صفاتٌ إيجابية وأخرى سلبية، يكرِّر الجادرجي مجدَّداً. وإذا تجلَّت الإيجابياتُ في الانسيابِ الشفَّاف للمعلوماتِ بين مراحلِ الإنتاج، وبالأداءِ الفكري الأمثلِ خِلالَها، فإن السلبيات تُسبّبُها سدَّاداتٌ تُعيق هذا الانسياب، فيعْجِز الفكرُ عن الأداء المجدي.
لقد أنتَجت مقوّماتُ المعاصَرةِ، القليلَ من الروائعِ المعماريَّة التي تميَّزت بقيمٍ مُبتملة، وحقَّقت توافقاً جدلياً، بين متطلِّبات التشخُّص والمكْننةِ والتخصُّص من جهة، وبين متطلِّبات الوظائفِ الاجتماعيةِ الجديدة، من جهة أخرى. وما لبثت أن تفاقَمت سلبيات مقوِّمات الحداثة. ولم ينتهِ القرنُ العشرون، حتى عمَّ التلوُّث المعماريُّ كلّ المجتمعاتِ، خاصةً بلدان الأطرافِ التابعة. إن ما تمَّ تشييدُه في عصرِ الحداثةِ، هو في غالبه عمارةٌ لا تتعاطَفُ مع وجدانِ المجتمعاتِ، ولا تشكّل للإنسان أداةً تلبيّ حاجاتِه، وتمنحَهُ عيشاً مريحاً. وأصبحَ المِعمارُ المبدعُ، نخبوياً، متعالياً عن همومِ الناس والمجتمع.
-2-7-

تنوعت مواقف المعماريين في المجتمع المعاصر، فظهر بينهم:
أولاً، المِعمارُ المتعاطفُ مع همومِ المجتمع.
ثانياً، التقنيُّ الماهِرُ، غيرُ المتعاطِف مع هذه الهموم.
ثالثاً، التقنيُّ الذي جعلَ من معرفتِه هُويتَه، فأصبح الإبداعُ عنده وسيلةً إعلامية.
رابعاً، المحسِنُ الذي قامَ بأعمالٍ خيريَّة. خامساً، الثائرُ الرومانسيُّ، ضدَّ المكننةِ ومضارّها. لقد أدى كلُّ ذلك إلى تعدُّد المرجعيات، فظهر معها عالمٌ فكريٌّ خاصٌّ، وممارساتٌ تتمُّ خارجَ لغةِ المجتمع العاديَّة.
-2-8-

مع تعدُّد المرجعيات هذه، بتعدُّد الاختصَاصَاتِ، تعطلَّتِ انسيابيةُ المعرفةِ، وظهرتْ السدَّاداتُ التي سبقَ أن أشارَ الجادرجي إليها، فاصلةً مقوماتِ مرحلَتَيْ الرؤيةِ والتصنيع عن المتلقّي، الذي أصبح مُستهلكِاً أمياً. فقدَ المتلقّي دوره في تهيئةِ تغذيةٍ استرجاعيةٍ مناسبةٍ إلى المرحلتين الأولى والثانية، فعُزِلَ، وأصبحَ يتعاملُ مع مصنَّعات تُقدَّم لهُ كبدائلَ جاهزةٍ، لا دور له في تصوُّر تصنيعها، وفي كيفية استخْدَامِها. تعدَّدت متطلّبات التسويق، واستُحدث لذلكَ الإعلانُ التجاريُّ، بوظيفتهِ الحقيقيَّةُ، وهي إغراءُ المتلقّي، لا تزويدُه بالمعرفةِ لميّزات المصنَّع.
-2-9-

يعودُ الجادرجي إلى مقولَتِهِ السَّابقة، إذ يؤكّد مجدَّداً أن الدول الغربية المستعمِرة (بكسر الميم)، روَّجت مفهومَ المركزيَّةِ الغربيَّة كمبرّرٍ لاحتلالها البلدان، تباعاً. واعتبرتْ أوروبا عَبْرَ هذا المفهوم، أن الحَضارة الأوروبية الغربيَّةَ هي ركيزةُ التطوُّرِ الحضاري بعامة، وهي أكثرُ رقيَّاً من كلّ الحَضارات الأخرى. أعطت لنفسِها بذلك شرعيَّةً سياسيةً مزوَّرة، استخدَمتْها لتُحكِم سيطَرَتها على البلدانِ التي احتلتها. وما العولمةُ، التي بدأت بالظهورِ بعد الحربِ العالميَّة الثانية، سوى أحدُ مظاهرِ هذا الموقفِ الأوروبي الغربي المُتعَالي، والعنيفِ، والقامع. وانطلاقاً من هذا المفهوم الفوقيّ، أهملت عمارةُ الطرز الدولي الحديثة، الخصائصَ المحليَّةَ ومتطلّباتِها في كلِ أرجاء العالم، وفي بلدان الأطراف التابعة، خاصةً، مما سبَّب تلوُّثَ البيئةِ المعمَّرةِ في هذه البلدانِ، وأفرغَها من وظيفتِها الإنسانية.
-2-10-

لم تحقِّق الحداثةُ أهدافها، وتعدَّدت ردودُ الفعلِ على ما اعتَبرهُ البعضُ فشلاً لها. رآها معماريون متميِّزون، كهنري فان دوفلد، وفيكتور هُورتا، نمطيَّة مُمِلَّة. كما رأوا أن إستطيقية/ جمالية المكننة، لا تلبّي أحاسيسَهم وهمومهم الجمالية. جاءت ردةُ الفعل الأولى على هذا الفشل، عَبْرَ حركةِ الآرنوفو (Art Nouveau) التي أسَّساها، متصوّرينَ أشكالاً جديدةً متميِّزةً، تهدُفُ إلى تنويعِ إستطيقية/ جماليَّة المكننة، فأضافوا مَعالمَ شبهْ حِرفيَّةٍ، إلى مصنَّعاتٍ حقَّقوها عن طريقِ التصنيع المُمكنن.
وفي نوعٍ آخرٍ لمواجهةِ نمطيَّةِ عِمارة الحَداثة، ظهرت عمارةٌ نحتيَّة تُحقِّقها تكنولوجيا متقدمة، يكونُ للحرفةِ فيها دورٌ مُكمّل. وقد تمثَّلتْ هذه الحركةُ في عِمارة أنطونيو غاودي في إسبانيا، وفي عِمارة سانت ايليا في إيطاليا، وفي عمارة إريك مندلسون في ألمانيا.

n- 3- الحداثة، والطرزُ الدوليُّ في العمارة، وما بعد الحداثة
-3-1-

لقد ظهرتِ الحداثةُ في بدايةِ القرنِ التاسع عشر، مع الثورة الصناعية الأولى. هذا ما يؤكِّده الجادرجي في كـلّ كتاباتِه. كانتْ البدايـاتُ الفعليةُ مع المكتبةِ الوطنيةِ فـي باريـس لهنري لابروست Pierre-Francois-Henri Labrouste، ومع مقـرّ البورصـةِ فــــي أمســـتردام لبرلاج Hendrik Petrus Berlage، ومن ثمَّ، مع أعمال مجموعة الفرك باند Deutscher Werkbund في ألمانيا، التي تأسَّستْ عند بدايةِ القرنِ العشرين في ميونيخ. تَبعَ ذلك، تأسيسُ مدرسةِ الباوهاوس Bauhaus في ألمانيا أيضاً، بعدَ الحربِ العالمية الأولى. شهد العالمُ معها أشكالاً معماريةً جديدةً أملتها متطلِّباتُ المكننة. وظهـرت بعـد ذلك أعمالٌ مميَّزةٌ لمعماريين كبار، أمثال لو كوربوزييه Le Corbusier، وميزفان دروه Mies van der Rohe. وقد بـرز إلى جانبهم البنائِيُّون البلاشـفـة الروس Constructivists أمثال ملنيكـوف Melnikov، والأخـوة فِسنين Vesnin brothers وتاتلن Tatlin. وقام على هذه الأساسات المتينة، بنيانُ «الطرز الدولي للعمارة الحديثة».
-3-2-

كانتْ حركةُ الحداثةِ في بدايتها اشتراكيَّة، طوباوية، إنسانية. توهَّمت بأن الفائضَ من الإنتاجِ الصناعيّ، سيُنتجُ عمارةَ البحبوحةِ والرفَاه، التي ستعمُّ العالمَ، مؤمِّنةً الاستقرار والأُلفة، بين الناس، والتواصُل الاجتماعيَّ والإنسانيَّ الخصبَ بينهم. فغرِقَت الحداثةُ في العِمارة، في أوهامِها الشُموليَّة الكونيةِ هذه، وأهمَلتْ الخاصيَّاتِ الموضُوعيةَ للأوطانِ والشعوب. الخاصيَّاتُ الاقتصاديةُ، والاجتماعيةُ، والثقافيةُ. وخاصيَّات الهُويةِ والانتماءِ إلى الأمكنةِ، بأرضِها وناسِها وذاكرتها وتاريخها. ويتوقَّفُ الجادرجي بعدَ هذا التقويمِ الموضوعيِّ الجميلِ لأوهامِ الحداثةِ في العِمَارة، عند ما أنتجه الطرزُ الدوليُّ، من عمارةٍ ملوَّثةٍ لا إنسانية، تبعثُ في الناس الكآبة والغُربة. ويُذكّر بمعماريين كثرٍ كانــوا أولَ المعترضين في بدايةِ القرنِ العشرين، أمثـال أنطونيو غودي Antonio Gaudi وإريك مندلسون Eric Mendelsohn وسانت إيليا Antonio Saint’ Ellia. ثم يذكِّرُ بالمعترضين اللاحقين في منتصف القرن، أمثال هانس شارون، ولويس كان Louis Kahn، وكارلو سكاربا Carlo Scarpa، وأوسكـار نيمييـر Oscar Nemeyer... مهملاً معترضين آخرين أمثال ألفار ألتو Hugo Alvar Henrik Aalto، وريكاردو لوليغوريتا، وراج ريوال Raj Rewal، وجيفري باوا، و الفارو سيزا، ورفاييل مونيو، وتاداو أندو Tadao Ando وغيرهم كثر.
تعدُّد الهُويَّاتِ، خلقَ مبالغةً في التعاملِ الحرّ معها، ليعتبر بعضُ المعماريين أن العِمارة هي تصورٌ لأشكالٍ مجرَّدةٍ


ويرى بعدَ ذلكَ أنَّ تفاقُم سلبياتِ الطرزِ الدوليِّ للعِمارة، قد أدَّى في منتصفِ الستينات وفي أوائل السبعينات، إلى نشوء حركةٍ معترضةٍ بالعمقِ، لها معماريُّوها ومنظِّروها. وهذه الحركةُ هي حركةُ ما بعد الحداثة. ويعتبرُ الجادرجي أن منظّرَها الأوَّل هو المعمار الإيطالي – الأميركي روبرت فنتوري. ثم يذكرُ من أعلامها مايكل غرايفس Michael Grave، وباولو بورتوغيزي Paolo Portoghesi، وريكاردو بوفيل Ricardo Bofill، وريم بيتيلا Frans Reima Ilmari Petila.
وفي مناقشَتِه لمواقفِ منظِّري ما بعد الحداثة، الذين يرون أن عِمارةَ الطرزِ الدوليّ مسؤولةٌ عن تلوثِ البيئة المعمَّرة، يؤكّد الجادرجي أن هذا النقد صائبٌ، وأنَّ عِمارة الطرزِ الدوليّ فقدت بالفعلِ رؤيتها الإنسانية، وجدليَّة إنتاجِ الشكلِ فيها. إلا أن هذا لا يعني أن مُقوّماتها فاسدةٌ منذ نَشْأَتها. وما فسُد أو أُفسِد، فهو دورُ المعمارِ في صنعِ عِمارةٍ تلبِّي حاجة المجتمع، وتؤمِّن له مجالات للعيش يستحُّقها. فالشكلُ في العِمارة، يتابعُ الجادرجي، ليس مكوّناً بصريَّاً هو أساسُ الفعلِ المعماري، بل هو محصّلة له.
ويرى الجادرجي، أن تقدُّم العلمِ، والانفتاحَ التنويري، والليبرالية، وحريَّة انتشارِ المعرفةِ في عصرِ النهضةِ، تداخل وتناقضَ، مع إقدامِ دولِ أوروبا على استعمارِ البلدانِ الأخرى، واستتباعها. وقد أدَّت هذه العلاقةُ بين المستعمِر والمستعمَر، إلى استحداثِ مفهوم المركزية الأوروبية – الغربية، يكرّر بلا كلل. وقد سخَّر المستعمِرُ الأوروبيّ هذا المفهومَ لدعمِ هيمنتِه. واستمرَّ هذا الموقفُ حتى ظهور العولمة بعد الحرب العالمية الثانية.

n- 4- الحداثة، الطرزُ الدوليُّ للعِمارة، والعولمة، مجدَّداً

-4-1-

يرى الجادرجي، أن تأثيرَ العَولمة، باعتبارِها المظْهَرَ الرئيسَ للاستعمار اليوم، لا ينحصرُ بالسلبياتِ التي أشار إليها، بل يرى فيها بعض مقوِّمات فكرِ التنوير الأوروبي الإنساني، ومقوِّماتِ كلجرياتٍ (ثقافات) معرفية متقدمة. هكذا تتصفُ العولمةُ، كما يراها، بَهاتين الناحيتين المتناقِضَتين. وعلينا، عند مواجهتنا لعِمارة العولمة، أن نميِّز بين هذين الموقفين المتناقضين. ثم يستنتج بعد ذلك، أن غلبة العناصرِ السلبيةِ، قد أدَّت غالباً إلى عُزلةٍ تامَّةٍ للمعمارِ عن همومِ المجتمع. طغى على العمارةِ مفهومُ البهرجةِ، استجابةً لمتطلِّبات الثروات الفاحِشة، وقد حققها أشخاصٌ أو مجموعاتٌ. فتمَّ فصلُ شكلِ العمارة عن واقعِ متطلّبات الإنتاج، وعن همومِ المجتمعِ، وأصبحَ «الإبداعُ» تلاعباً مع أشكالٍ مجَّانيةٍ هجينةٍ، جُرّدت أصلاً من مضَمُونها الاجتماعي. فأخذَ بعضُ الأكاديمّيين والإعلامّيين يروّجونها كوسائل للإثارة. ومن بينِ هؤلاء، فيليب جونسون Philip Johnson في أعماله الأخيرة، وفرانك غيري، وبرنار تشومي، ودانيال ليبسكند، وبيتر ايزنمان Peter Eiseman، وزها حديد Zaha Hadid وغيرهم. وما سلبيَّاتُ عِمارةِ العولمةِ، سوى امتدادٌ لسلبياتِ العولمةِ بصفتِها المظهرَ الأبرَزَ للاستعمارِ والاستتباع، راهناً. فهي تسلبُ المعمارَ في البلد المستتبَعِ (بفتح الباء) خصوصيَّته، وتُبعِدَه عن همومِ مجتَمعِه، وعن مواجهةِ التلوُّثِ المعماريّ في هذا المجتمع بخاصة. ويرى الجادرجي أن هذا لا يعني أبداً، أن عِمارة العَولمة هي سلبيةٌ بشكل دائم. فهناك معماريون آخرون يسعـون للتحـاوُرِ معَ المجتمـعِ مثـل نورمان فوستر Norman Foster، ورنزو بيانو Renzo Piano وغيرهما.
-4-2-

لقد سبقَ العولمةَ الاستعماريَّةَ اليوم، وسبقَ تأثيرَها المدمِّر، تياراتٌ فكريَّة بارزةٌ، أهمُّها تيارُ ما بعد الحداثة، مع روبرت فنتوري وكتابهُ عن «التناقضِ والتعقيدات في العمارة». لقد رأى فنتوري في نقده، أنَّ الطرَز الدوليَّ للعِمارةِ الحديثةِ، غيرُ قابلٍ للإصلاح، لأنه غيرُ قادرٍ على استيعابِ التنوُّعِ، والتعقيدِ، والتناقُضِ، الموجودةِ كلها في العِمارة. وقد تميَّز داخلَ تيارِ ما بعد الحداثة، معماريون بارزون أمثال باولو بورتوغازي، وريكاردو بوفيل، ومايكل غرايفس، وغيرهم.
-4-3-

لقد أدى تفاعُلُ السلبياتِ المتأصِّلة في تكوينِ الحداثة، إلى إرباك الفكرِ المعماري بعامة في مرحلةِ العولمة. فانزلقَ معماريُّون بارزون إلى ممارساتٍ شكلية صافيةٍ، كما لو كانت مهمَّةُ العِمارة تنحصرُ في شكلِها. فانصرَفوا إلى ممارساتٍ لا تهتمُّ إلا بالبهرجةِ والإثارة، إرضاءً لنزواتِ أصحاب الثرواتِ الفاحشة من أفرادٍ أو جماعات.
-4-4-

ومن المفيدِ ربَّما في هذا السياق، التذكيرُ بدورِ مدرسة البوزار الباريسية في هذا المجال. لقد عمَّمت هذه المدرسةُ منحى الاستمرارِ في استنساخِ طُرُزٍ هجينة، واستمرَّ تأثيرُها من منتصَفِ القرنِ التاسع عشر متجاوزاً منتصف القرنِ العشرين. لقد تنكَّرت هذه المدرسةُ، للتغيير الجذري الذي حصل في تكنولوجية الإنتاج، وتعاملتْ بسلبيةٍ فاقعةٍ مع متطلِّباتِ المكننة، ومع مسائلَ اجتماعيةٍ هامَّةٍ، ظهرتْ مع توسُّعِ العمرانِ الذي تطلَّبه الإنتاجُ الرأسمَاليُّ الممَكْنن، ونزوحِ سكَّان الريفِ إلى المدن. ورافقت المكننةَ إشكالياتٌ اجتماعيَّة كُبرى ظهرَتْ مع الرأسماليةِ، ومع الإنتاج الصناعيِّ الحديث، ومع توسُّع التجارة الدولية وتوسُّع الكولونيالية على المستـوى الدولي.
بعدَ الحربِ العالميةِ الثانيةِ، ظهرتْ ردودُ فعلٍ أخرى، في مواجهةِ عِمارة الطرزِ الدوليّ الحديثة

وبـرزَ فـــي خضــمّ هذه المتغيّراتْ، معماريُّونَ طليعيُّون روَّاد أمثــــال لا بروست Leon-Henri Prost، وبرلاج Hendrik Petrus Berlage، وأُود Jacobus Oud، وتوني غارنيي Tony Garnier، وأوغوست بيريه August Perret، الذين هيَّأوا لظهورِ حركة العمارة الحديثة. هذه الحركةُ التي حققَّتْ، للتذكيرِ مرَّةً أُخرى، مع مدرسة الباوهاوس في ألمانيا ومع غيرها، أشكالاً معماريَّة وصناعيَّة متوافقةً مع متطلباتِ المكننة، ما أدى إلى تحقيقِ صفاتٍ إبتماليةٍ جديدة، ربَّما لا تقل أهمية بالنسبة لتطور العمارة، عما حقَّقته قبلها حضاراتُ المُدنِ، المتمثلة بعِمارة وادي الرافدين السومريَّةِ والبابليَّة، والعمارة المصريَّة الفرعونية، والعمارة الإغريقية، والعمارة الرومانية.

-4-5-

مع معماريين حداثويِّينَ طليعيين أمثال لو كوربوزييه، وميزفان در روه، وولتر كروبيوس، وغيرهم، في أميركا، وفي روسيا السوفياتية، وفي النمسا، وفي هولندا، تأسست حركة الطرز الدولي للعمارة الحديثة. ويمكن اختزالُ حركةِ الحداثة في العمارة بأنها:
أولاً، توافُقُ سيرورةِ الدورة الإنتاجيةِ مع متطلِّباتِ التصنيعِ الممكنن.
ثانياً، ليبراليةُ واشتراكيَّةُ الموقفِ حيالَ هموم المجتمع.
لقد افترضتِ الحداثةُ أن يكونَ جميعُ الناسِ متساوين بقدرٍ مناسبٍ في حياتهم اليومية. كما افترضَت أنَّ في قُدرةِ المكننةِ تهيئة عمارةٍ صحيَّةٍ إنسانيةٍ لكلِّ أفرادِ المجتمع. وافترضَت أنه على المعمار وعلى الدولة، تهيئةُ عمارةِ رفاهٍ، ورعايةٍ اجتماعية شاملة. لقد عبَّر عن هذه الافتراضات لوكوربوزييه في مواقفه كمعمار، وكاستطيقي/ جمالي، والسويسري هانس ميير Hannes Meyer كموقف سياسي.

n-5- العمارة الحديثة، وميزات الأمكنة، وخاصياتُ العمارة المحليَّة
بعدَ الحربِ العالميةِ الثانيةِ أيضاً، ظهرتْ ردودُ فعلٍ أخرى، في مواجهةِ عِمارة الطرزِ الدوليّ الحديثة. من ردودِ الفعلِ هذه، حركةُ إعطاءِ الشكل في العمارةِ ميزاتٍ وخصَائصَ محليَّة، بما يُنتج التنويع والخصوصية. فيتم تجنُّب التكرارِ والتغريبِ في آن واحد. تمثَّل هذا النهج في عمارة كونستانتينيدس في اليونان، وألفار ألتو في فنلندا، وهانس شارون في ألمانيا، ولويس كان في أميركا، وكارلو سكاربا في إيطاليا، وأوسكار نيميير في البرازيل، وساكيو أوهاتي في اليابان، (وراج ريوال في الهند، وريكاردو ليغورتا في المكسيك، وجيفري باوا في سريلانكا، وألفارو سيزا في البرتغال، وتاداوو أندو في اليابان)، ورفعة الجادرجي (وقحطان عوني، ومحمد مكيَّة) في العراق، وراسم بدران (وجعفر طوقان وفاروق يغمور، وأيمن زعيتر) في الأردن، (وأنطون تابت، وفريد طراد، وجوزيف فيليب كرم)، وعاصم سلام، في لبنان وغيرهم كثر.

* معمار لبناني