قبل عامين، أعاد لبنان والعالم اكتشاف جورج نصر (1927 ـــ 2019) أب السينما اللبنانية. ابن طرابلس كرِّم في تلك السنة في «مهرجان كان السينمائي الدولي» ثم صدر فيلم وثائقي («نصر» - 65 دقيقة ـــ للمخرجين بديع مسعد وأنطوان واكد) عنه، وكتاب حول مسيرته بعنوان «جورج نصر: السينما الداخلية» (إشراف غسان قطيط ـــ منشورات جامعة الـ «البا». علماً أنّ نصر تولى تعليم مادة الإخراج هناك على مدى سنوات). غداً، تودّع مدينة طرابلس ابنها الذي وافته المنية عن 92 سنة صباح اليوم، وسيقام له مأتم حاشد غداً الخميس في «كنيسة مار مارون» في طرابلس.وكان نصر قد قدم للسينما الكثير من الأفلام، وأبرزها «الى أين» الذي صورت بعض مشاهده في اهدن. شكّل الشريط محطة مفصلية في تاريخ السينما اللبنانية، إذ وَضَعَها على خريطة الفن السابع العالمية كونه شارَك عام 1957 ضمن المسابقة الرسمية لـ «مهرجان كان»، وكان بذلك أول عمل سينمائي لبناني يُعرَض عالمياً. بعدها كرت سبحة أعماله (رغم أنّها قليلة)، إلا أنّه مخرج الحظوظ السيئة. في كتاب «جورج نصر: السينما الداخلية»، يحكي السينمائي كيف أنّه «حورب» في لبنان تلك الفترة، خصوصاً أنّ المخرجين والممثلين المصريين هجوا إلى بيروت زمن التأميم، وباتت الأعمال المصرية التي كانت تنتج في بيروت مثل أعمال محمد شامل، رائجة جداً في تلك الحقبة، ومسيطرة على الذائقة العامة. فأفلام جورج نصر، حملت هموم المواطن اللبناني في تلك المرحلة مثل الهجرة، والزحف التكنولوجي على الريف، وتقهرقره أمام الحداثة واندثار عادات وتقاليد هذا المجتمع.