ما زالت قِبلة الفنانة مريم غانم تتجه جنوباً. العام الماضي، دعت الفنانين/ات، وحتى غير المحترفين إلى ملاقاتها على الجدار الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة في كفركلا، بغية تحويل العوازل الإسمنتية مساحة بصرية فنية، حيث تحولت بفعل الغرافيتي الى لوحات تحاكي الصمود والمقاومة. واليوم، استطاعت غانم بمبادرة من «تجمع الشباب الجامعيين» (أكثر من 50 شاباً/ ة جامعياً تهدف أنشطتهم الى تقريب المسافات بين الأجيال الجديدة)، وبالتعاون مع بلدية عيناثا (جنوب لبنان)، أن تنجز أربع جداريات توثّق لذاكرة وتراث البلدة الجنوبية. تحت عنوان «جدران الذاكرة»، فتحت عيناثا أبوابها لفن الغرافيتي، وزّينت معظم جدرانها بلوحات أربع تتشعب مواضيعها بين تجسيد بعض الخصوصيات الإجتماعية للبلدة وأخرى تتوسع بإتجاه فلسطين والجنوب اللبناني بشكل عام.
الحاج يوسف الجمّال: على عين عيناثا عبرنا عشية… عليها عيون العاشقين عواكفُ
الجدارية الأولى التي تقع على مشارف البلدة، حملت أغنية فيروز الشهيرة «اسوارة العروس» (كلمات جوزيف حرب)، وعبارة: «انت مشغول بقلوب يا تراب الجنوب». أما في وسط البلدة، فقد تسيّدت جدارية «باقون باقون ما بقي الزعتر والزيتون». لوحة جسدت المرأة الجنوبية، إذ تنبت من بين يديها شجرة زيتون، التي ترمز الى الثبات في الأرض والصمود. الجدارية الثالثة حملت صورة «أيقونة حرب تموز» (2006)، الحاجة كاملة سمحات، بجانب منزلها هناك. المرأة وثقتها كاميرا «المنار»، وقتها، وهي واقفة فوق ركام منزلها المهدم في الضاحية وتقول: «فدا إجر المقاومة». الجدارية أتت لتوثق وجهاً مقاوماً من البلدة، تصرخ بأعلى صوتها: «ريتك تنكسري يا إسرائيل». أما الجدارية الأخيرة التي نفذت في «الضيعة القديمة»، فقد شارك فيها الفنان محمد عطية، وتحمل بيتاً من الشعر، اشتهرت فيه البلدة: «على عين عيناثا عبرنا ..عشية عليها عيون العاشقين عواكف»، مصحوبة بصورة لرجل محبوب من قبل أهل القرية يدعى «يوسف جمال» يحمل بيده كأساً من الشاي.
الحاجة كاملة سمحات: ريتك تنكسري يا «إسرائيل»
الجداريات الأربع التي زينت البلدة الجنوبية، فتحت شهية باقي القرى المجاورة لتزيين جدرانها بلوحات الغرافيتي، تبعاً لما قالته لنا غانم. لكن، التركيز يجري اليوم، كما أضافت على إستكمال هذا النشاط، داخل بلدتها ومسقط رأسها، سيما في الأحياء القديمة، وبإدخال أفكار وتيمات مختلفة على جدرانها. وعن إختيار مواضيع الجداريات، تؤكد الفنانة اللبنانية، أن الإختيار لم يتدخل به أحد، وكان متركزاً على عوامل ووجوه توثق للذاكرة الشعبية والمقاومة داخل البلدة الجنوبية.
«باقون باقون، ما بقي الزعتر والزيتون»