«لا يعدّ الضوء أداة كشف، إذ أنّه بحدّ ذاته انكشاف ومصدر وحي». كلمات قليلة، عبّر من خلالها الفنان البصري الأميركي المعاصر جيمس توريل (74 عاماً) عن مفهومه لهذه الطاقة المشعّة التي أحدثت إلى جانب الكثير من الفنانين، «ثورة» عبر تسخيرها للتلاعب بها كموضوع ووسيط. لا يبدو علاء ميناوي (1982) بعيداً عن هذه الأجواء، فهو المتأثّر والمؤمن بفلسفة الفنان البصري والمخرج المسرحي الأميركي روبرت ويلسون الذي شارك في اثنتين من ورش عمله. في مسرح ويلسون، الضوء هو العنصر الأهم: «إنّه الممثل الرئيس على الخشبة التي تشكّل لوحة ضوء يتم رسمها».ميناوي الذي أكمل دراسته في «الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت»، لم يكتف بما اكتسبه على يد أستاذه المعروف بشغفه بالتجريب، منح الضوء بعده الروحاني، مشدداً على أنّه «شخصية مستقلة وحاضرة كهالة جامعة». ولعلّ أوضح تجسيد لهذه الرؤية هو تجهيزه الضوئي «نور يرتحل» الذي أعدّه في عام 2014 كتحية إلى اللاجئين «الذين يستحيلون مع الوقت شعاعاً من نور»، ويضم ستة مجسمات مصنوعة من مصابيح النيون تمثّل أمّاً وأباً وجدّاً وعمّة وأولاداً، استوحاها ميناوي من لقائه بعائلة سورية اتخذت من لبنان ملجأ هرباً من أتون الحرب. لاقى العمل الذي يسمّى بالإنكليزية My Light is Your Light ردود فعل إيجابية وجال العالم، إذ يتحضّر الآن لترك لندن متوجّهاً إلى النمسا.
صحيح أنّ مشوار علاء ميناوي لا يزال في بدايته، غير أنّه يحب أن يشارك الخبرة والتقنيات والأفكار التي اكتسبها خلال السنوات الماضية مع المهتمين بهذا المجال عبر إقامة ورش عمل كلّما سنحت له الفرصة والظروف.
هذا الشهر، وعلى الرغم من زحمة مشاريعه المهنية والدراسية، سيدير صاحب «بطاقة إلى أتلانتس» ورشة عمل حول الإضاءة في «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). على مدى أربعة أيام، سيتمكّن مبتدئون مهتمون بالتعامل مع الضوء بطريقة مختلفة أو محترفون يبحثون عن وجهة نظر إضافيه للضوء أو على طرق قد تكون ملهمة لأعمالهم من الإفادة هذا الشهر من تجربة ميناوي بواسطة حصص تجمع بين الجانبين النظري والعملي.
«لا يشهد لبنان الكثير من ورش العمل المشابهة، كما أنّني أحاول أن أشارك معرفتي مع الناس في كلّ مرّة أشعر فيها بأنّ لديّ جديداً لأقوله»، يقول علاء في اتصال مع «الأخبار». نظرياً، سيقدّم الشاب الذي يعيش حالياً في أمستردام حيث يستكمل تحضيراته لشهادة الماجستير (بحث فنّي حول الانتماء وعلاقته بالفضاءات الحسيّة) شرحاً لمفهوم الضوء وأنواع الإضاءة المستعملة على المسرح والفروقات بينها (مسرحيات، رقص، مسرحيات غنائية، حفلات، عروض أزياء...)، ولمحة تاريخية عن تصميم الإضاءة. وستشمل الورشة كيفية الاستحصال على النصوص والموسيقى والرسومات والتفكير فيها من ناحية الضوء، والحديث عن زيادة الاهتمام بالتجهيزات الضوئية حول العالم، مع كيفية تفكير المخرج بتصميم الإضاءة والتفاعل بينه وبين مصمّم الإضاءة خلال عملية بناء العمل الفني.
أما عملياً، فسيسعى علاء ميناوي إلى تطبيق بعض الأفكار التي تمّت مناقشتها: «سيصمّم كل مشارك عمل إضاءة صغيراً. يمكنهم الاستعانة بما قلته بالطريقة التي يرونها مناسبة... ومَن يدري، قد يفضّلون فعل العكس!».
على الرغم من أهميتها، إلا أنّ هذه التجربة تشكّل مساحة صغيرة على قائمة المهمّات التي يتحضّر علاء لإتمامها. فقد طلبت منه «جامعة شنغهاي» أخيراً إعداد تجهيز خاص بها لعرضه خارج حرمها، كما تلقّى طلباً مشابهاً من رومانيا في مناسبة مرور مئة عام على تأسيس الدولة الكبرى، فضلاً عن مشاريع إضاءة وسينوغرافيا لمسرحيات في أمستردام.

* 23 و24 و26 و27 آذار (مارس) الحالي ــ بدءاً من الثانية عشرة ظهراً ــ «مترو المدينة» (الحمرا ــ بيروت). للاستعلام:76/309363. للتسجيل: [email protected]