أيّ عمل، مهما كانت طبيعته، سواءً يتعلق بالفن أو بالسياسة أو الطهي أو بأيّ شأن آخر، يقلّل من خطورة إقامة علاقات مع «إسرائيل» ويسخّفها، فهو يسهم في تتفيه فكرة الاحتلال. لا شكّ أنّ المقاطعة صارت أكثر تعقيداً على صعيد العالم اليوم، لا سيّما في المشاركات الدوليّة كالمهرجانات والأحداث الكبرى. لذلك على كل شخص يرفض التطبيع، دراسة خطواته بذكاء أكبر بعيداً عن العشوائيّة كي لا تخسر القضيّة الفلسطينيّة أحقيّتها أمام الرأي العام العالمي. باختصار، على المقاطعة أن تنبع من قناعة شخصيّة قبل الاستناد إلى القوانين.

أنا شخصياً أرفض الوجود على منصّة مع أيّ فرد «إسرائيلي» لأشاركه نشاطاً أو حواراً ما، مستثنياً تناول أوّلاً الاضطهاد والظلم الذي يمارسه هذا الكيان، الذي يماثل بممارساته أنظمة التطهير العرقي، لأنّني بذلك أتجاوز قضيّة إنسانيّة وأخلاقيّة بالدرجة الأولى، وأسهم في التغطيّة على جريمة مبدئيّة؛ فلنناقش الجرم أوّلاً، إن سُويّة المسألة، نتناول من بعدها مواضيع أخرى كالحمّص وغيرها. ينطبق هذا المبدأ على كل مستوى برأيي، سواء كانت قضيّة زياد دويري أو سواها. ما قام به هذا المخرج خلال تصوير فيلم «الصدمة» غير مناسب على الصعيدين السياسي والإنساني، إن كان يعتبر نفسه شخصاً يمتلك موقفاً مواجهاً للظلم ومدافعاً عن الحق. إنّ أيّ عمل بمعزل عن ماهيته يرتبط بالمشروع الإسرائيلي غاضّاً الطرف عن الظلم، يصبّ في خانة التطبيع من دون شك.