تقدّم الفنانة غادة شبير وفرقتها الموسيقية أمسية طربية في «مركز الصفدي الثقافي» في طرابلس، عند العاشرة والنصف من مساء اليوم. الأمسية الرمضانية، يسيطر عليها الارتجال الذي تعتبره شبير فناً شبه منقرض. تعود شبير للتو من جولة أوروبية، وجدول أعمالها كالعادة حافل بالنشاطات المحلية والخارجية التي تُضاف الى اهتماماتها الاكاديمية. البرنامج الذي أعّدته من أجل أمسيتها الطربية في طرابلس متنوّع كما قالت في اتصال مع «الأخبار»، وسيكون جزء منه لبنانياً. هناك قصائد وطرب، ولكن الارتجال يسيطر على الاجواء.
استندت شبير إلى قصائد لجبران خليل جبران والحلاج، وصلتها ببعض الموشحات. الغرض من هذا أخذ المقام والعمل عليه من أجل تقديم أداء غنائي للقصيدة. من الموشحات التي تقدّمها «أشرق يا طلعة البدر» لفؤاد عبد المجيد المستكاوي بالاضافة الى قطع لسيّد درويش. ترافق شبير على المسرح فرقة موسيقية مكوّنة من عدة آلات، كالكونترباص والناي والرق والقانون. غادة شبير خريجة «جامعة الروح القدس ــ الكسليك»، حائزة على دكتوراه في العلوم الموسيقيّة وديبلوم في الغناء العربي. وهي اليوم أستاذة لمادة الغناء العربي، ومديرة «الفرقة العربيّة» في الجامعة، ومنسّقة الدروس الشرقية في كليّة الموسيقى. هي من دون شك من أجمل الاصوات الطربية الشرقية حالياً، تتمتع في الوقت عينه بثقافة واسعة في المجال، تقودها الى العمل على كتاب موشحات وتمارين تطبيقية لصفوف الغناء.
من ضمن المكافآت التي نالتها، حازت غادة شبير على «جائزة الأغنية العربية» في مصر عام 1997. كما أن الـ «سي دي» الذي أصدرته تحت عنوان «موشّحات» حاز جائزتَين عالميّتَين لأفضل آداء وأفضل عمل من «بي بي سي»، هيئة الاذاعة البريطانيّة لعام 2007، عن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والجائزة العالمية أيضاً كأفضل عمل عالمي. لشبير عدد من الالبومات الأخرى التي أصدرتها في السنوات الاخيرة ونالت عنها التقدير أيضاً مثل «قوالب» (2008)، و«القصيدة» (2009)، و«أندلسيّة» (2011)، وسلسلة من الألبومات والأغنيات المسجلة السريانيّة المترجمة الى لغاتٍ ثلاث. بعد حفلتها الطرابلسية، تستعدّ لإقامة أمسية موشحات في لبنان. كما ستنطلق بعدئذٍ الى إيطاليا للمشاركة في مسرحية مع أوركسترا تؤدي فيها دور المرأة العربية التي ترتجل، «هو فنّ شبه منقرض اليوم» تعترف.

في إيطاليا ستشارك في
مسرحية مع أوركسترا تؤدي فيها دور المرأة العربية

ترى الفنانة أن الموسيقى العربية تعيش حالياً نوعاً من المخاض بين تجديدها والحفاظ على أصالتها، وذلك منذ بداية القرن العشرين. تقول: «هناك صراع حول كيفية تجديدها والحفاظ عليها. سيد درويش وعبد الوهاب والرحابنة جددوا ولكنهم حافظوا على الطرب، ولم نخسر خصوصية الأداء والغناء. اليوم الخطأ الذي وصلنا اليه هو إخسار الغناء والموسيقى هويتها وتلبيسها شيئاً لا يشبهها. نستغني عن أنماط المقامات الاساسية مقابل أن نغني الـ «ماجور» والـ «مينور» فحسب، وننسى أن للموسيقى العربية سلّماً متحركاً. لا معنى لها إذا كان أساس اللحن ضعيف. فكلما جددنا تراجعنا الى الخلف. يجب إعطاء الأداء حقه، والحرص على تلك الخصوصية في طريقة الشغل وعدم أخذ الموسيقى العربية الى دهاليز». تضيف: «من السعبينيات حتى اليوم كانت هناك محاولات كثيرة. بعض الاعمال كان جيداً ولكن هناك أيضاً تجارب سيئة وغير مهنية. هو شغل سوق لكي يستمتع به المرء في المطعم. نمط الموسيقى يشبه نمط الحياة. قد أستمتع أيضاً إن كنت في المطعم بأغنية خفيفة. أفضّل معظم الوقت ألا أسمع شيئاً. فلا يمكن للمرء أن يركز في الوقت عينه على الطعام والاصغاء الى الموسيقى بتركيز. قبل السبعينيات كان الفن بالاجمال أصيلاً. وقد أنعم الله ببعض الهبات على لبنان مثل وديع الصافي وزكي ناصيف وفيليمون وهبي وغيرهم. فهم صنعوا لنا هوية. أما بالنسبة الى التجارب الاخرى، فسنرى إن كانت ستمرّ بالغربال».

* أمسية طربية لغادة شبير: 22:30 مساء اليوم ــ «مركز الصفدي الثقافي» (طرابلس). للاستعلام: 06/411543