يطلق الموسيقي اللبناني توفيق فروخ ألبومه الجديد «مدن لامرئية» Villes invisibles غداً في مقهى «دو براغ» بالتعاون مع «نادي لكل الناس». إنّه العمل السادس لفروخ الذي ألّف ووزع وأنتج الألبوم، على أن يقدّم حفلة في 7 كانون الأول (ديسمبر) في «ميوزكهول» لعزف تلك المقطوعات أمام الجمهور اللبناني. يتشارك الألبوم الجديد العنوان نفسه مع كتاب المؤلف الايطالي إيتالو كالفينو. هي رواية تستكشف الخيال عبر وصف 55 مدينة غير موجودة، جاعلةً القارئ يسافر إلى عوالم أخرى. عن هذا العمل الجديد، يقول فروخ لـ«الأخبار»: «المدن موزعة حسب موضوعاتها المختلفة. وجذبتني خصوصاً «المدن والذاكرة» و«المدن والرغبة» و«المدن والأموات»».
13 مقطوعة تدخلنا الى مزيج من الأنماط والإيقاعات

يضمّ الألبوم 13 مقطوعة تبدأ بمقدمة تحمل عنوان الألبوم وتدخلنا في أجواء العمل الداعية الى السفر والى مزيج من الأنماط والإيقاعات الحالمة. في هذا الاطار، لجأ فروخ الى آلات موسيقية متنوعة، سواء من الموسيقى الشرقية أو الغربية، تعطي طابع امتزاج الحضارات هذا وتوحي بالسفر، مثل الساكسوفون الذي يعزف عليه فروخ، والاكورديون (ديدييه إيتورساي) الطاغي في عدد من المؤلفات، إضافة الى آلات إيقاعية مختلفة (بشار خليفة)، من دون أن ننسى العود (أحمد الخطيب) وعدداً من الآلات الأخرى. يشعر فروخ بالفخر إزاء تعامله مع كل الموسيقيين في الألبوم، ويعلق حول مشاركة هؤلاء في صناعة العمل بالقول: «اختيار الموسيقيين لتنفيذ المشروع هو توازن دقيق ومسؤول، لكن فعل الاختيار بذاته هو امتياز للمؤلف الموسيقي. عندما نستمع إلى عمل موسيقي ما، تشير طبيعة الآلات إلى مزاج المؤلف الفني. لذا عليه أن يجد عازفين يحافظ كلّ منهم على طبيعته بقدر المستطاع».
في الألبوم أيضاً تحية الى عبد الوهاب عبر إعادة توزيع لإحدى أغنياته Rio de Cairo المقتسبة من «أنا والعذاب وهواك» وكلمات جديدة من تأليف نعيمة يزبك ممزوجة بإيقاعات لاتينية. كذلك يستوحي فروخ من أعمال جورج ديليرو في Le Cerisier d’Automne. أما «أنجيلا»، فاقتباس لرقصة رومانية شعبية.
نشعر أن لكل أغنية قصتها التي تفتح باباً ما أو تدعونا الى الغوص في عالم ما. لا ننسى أن فروخ عمل على موسيقى عدد من الاعمال السينمائية، وبالتالي فعلاقة الموسيقى بالصورة لا بد من أن تظهر في مؤلفاته. يقول في هذا الصدد: «أي شيء قد يكون دافعاً يحثني على التعبير عمّا أرغب فيه. الأهم أن تتمتع القطع بروح ومشاعر. شاهدت بعضاً من الأفلام المصورة من فلسطينيين مقيمين في مناطق الصراع في الضفة الغربية، وتحديداً فيلم «خمس كاميرات محطمة» للمخرج عماد برناط. هذا الفيلم يظهر مدى تصاعد العنف في هذه المجتمعات ونتائجه المباشرة على المدنيين من اعتقالات وجرحى أو حتى قتل. صورة المعتدي في الفيلم تهيمن عليها الرغبة في السلطة؛ السلطة الكاملة، وذلك للتعويض عن حالة حادة من الضعف الداخلي».
يصف فروخ ألبومه بأنه سعي للوصول الى حقيقة «عارية»، هي حقيقة مؤلفها وموضوعها «حقيقة عارية وسرية للمدينة والحياة اللتين اجتمعتا أخيراً وتداخلتا. والنتيجة مجموعة نابضة من الأصوات والمشاعر».
في التأليف الموسيقي، يعتمد الفنان على أنماط توارثها أو لها علاقة بثقافتنا أو ذاكرتنا السمعية كما يقول، مضيفاً: «التأليف يرتقي إلى مجال الفن عندما يتجاوز الاستيعاب ويبحث عن الجديد عبر استخدام تقنيات ونظريات مألوفة أو على العكس عبر معارضة هذه الأدوات والجذور والثقافة والتاريخ الشخصي والجماعي. كل ذلك يسري داخل أنفسنا، في عالم يتحول بفعل العولمة والشبكات الاجتماعية. أنا أتساءل عن مفهوم الانتماء. إذا كانت الموسيقى تعرِّف عن مجتمع ما، فهي وسيلة لتأكيد الانتماء إلى مجموعة فنية أو ثقافية ما. «مدن لامرئية» يطمح إلى تجسيد هذه الأفكار والتساؤلات عبر الموسيقى فقط بدون امتياز أو تنازل». لا يحب فروخ أن يملي على المستمع ما يشعر به في مؤلفاته. لذا لا يتحدث عن أسلوب موسيقي أو خانة موسيقية محددة: «في ألبوماتي الخاصة، يتعلق الأمر بالتفكير. ولكن ليس بطريقة أكاديمية ولا بمعنى الأجواء المسيطرة. هي فكرة عليها أن تكون في حركة مستمرة، أشبه برقصة. عندما أؤلف، هدفي الفني هو خلق الأحاسيس الفكرية والجسدية».

* توقيع ألبوم «مدن لامرئية»: 18:00 مساء الغد ــ «دو براغ» (الحمرا) ــ للاستعلام: 03/888763