زينب مرعيمحمود درويش فردٌ أم جماعة؟ «هل هو الشاعر الذي كتب فلسطين أم أنّ فلسطين هي التي صارت قصيدة؟» تساءل الروائي إلياس خوري في الأمسية التكريميّة التي أُقيمت مساء الاثنين لذكرى درويش في المكتبة العامة لبلديّة بيروت. محمود درويش الذي أراد أن يُحاسَب على قصائده كشاعر أولاً لا كمواطن فلسطيني، تجد بعد رحيله أنّ أصدقاءه وقرّاءه يحتفظون في ذاكرتهم بالجزء «الدرويشي» الذي أحبّوه. قبل أن يبدأ الشاعر عبّاس بيضون بقراءة قصيدتي حب من كتابي درويش «ورد أقلّ» و«هي أغنية... هي أغنية»، أعلن أنّ درويش كان شاعر فلسطين. مع ذلك يصعب دمجه مع شعراء القضيّة، لأنّه خلافاً لهم، «الآخر» أو العدو حاضر في شعره، والمديح والانتصار غائبان عنه. بل في قصيدة درويش «صراع يائس ومأساوي، ودرويش نفسه شاعر انهزامي».
أما إلياس خوري، فكان له رأي مختلف. بالنسبة إليه، درويش هو «شاعر القضيّة». شاعر مهزوم من دون شكّ، لكن «مهزوم لا تعني انهزامي»، برأي خوري. إذ بمجرّد أن نروي حكاية المهزوم حتى يتجاوز انهزامه. ويرى أنّ درويش كان الشاعر الجسر بين مرحلتين: «الأولى، كان الشعر والنثر فيها صانعاً الأحلام، وكان شعر درويش فيها غنائياً، والثانية هي مرحلة الخيبات، تحوّل فيها شعره إلى مزيج من الغنائيّة والملحميّة».
بدا واضحاً في الأمسية أنّ القراءات الشعريّة لكل من لوركا سبيتي، مازن معروف، ناظم السيّد وغسان جواد وحُسن عبود انحازت إلى صورة «محمود درويش، القضيّة». رغم أنّ مازن معروف، مثلاً، نوّع في الكتب التي قرأ منها: «أثر الفراشة»، «لا تعتذر عمّا فعلت»، «كزهر اللوز أو أبعد» وغيرها، إلّا أنّ هذا التنوّع لم يطل مواضيع القصائد، فكان لها نفساً واحداً، يلتزم «القضيّة». يشرح معروف «حاولت اختيار قصائد له عن المرأة، الموت أو الأنا، لكني أظن أنّه في لاوعينا يبقى درويش شاعر القضيّة». ناظم السيّد اختار أن يقرأ قصائد درويش إلى بيروت، من «ذاكرة للنسيان»، وهو كتاب نثري. يبرّر السيّد اختياره: «أفضّل نثر درويش على شعره». لوركا سبيتي قرأت «تُنسى كأنك لم تكن»، «سجّل أنا عربي» و«تكبّر». كما قرأ غسان جواد قصيدة «البئر» من «لماذا تركت الحصان وحيداً»، بينما قرأت حُسن عبود «أنا من هناك» و«نحن نحب الحياة».