ألكسندر دوما: فرنسا تفضّل «الأبيض»!
باريس ــ عبد الاله الصالحيجيرار دوبارديو يجسد الكاتب الخلاسي على الشاشة
وليس هناك من شكّ في أن إجحافاً ملحوظاً، يلحق بالأقليات «الملونة» من عرب وسود وآسيويين، في ما يخص ندرة ظهورهم على الشاشات الفرنسية. وهذا ما دفع بـ«المجلس الأعلى للقطاع السمعي والبصري» إلى الدعوة منذ سنوات إلى فسح المجال للملوّنين لتقديم نشرات الأخبار والبرامج في قنوات التلفزيون، أسوة بالنموذجين البريطاني والأميركي. لكن فيلم «دوما، الآخر» يثير مفارقة أخرى. هو يحكي قصة أوغوست ماكيه (أدى دوره بونوا بيلفورد بإتقان) الذي كان يشتغل لدى ألكسندر دوما كـ«كاتب شبح»، أو Nègre كما يقال بالفرنسية والمفردة تعني أيضاً «عبد» بالمعنى الحصري. إطلاق تعبير Nègre في اللغة الفرنسية على الشخص الذي يقتات من بيع موهبته الكتابية فيه كثير من اللبس. الكلمة تعني الزنجي، أو الرجل الأسود، حتى ولو تعلق الأمر بشخص أشقر أو أصفر اللون. كما أنها تعتبر شتيمة عنصرية للحط من قيمة السود.ثمة إجحاف لساني غريب لا يخلو من العنصرية جعل اللغة الفرنسية، والإسبانية أيضاً بالمناسبة، تختار إطلاق صفة العبد على كاتب يبيع غيره قلمه، وتسوِّدُه. في المقابل، تقترح اللغة الإنكليزية خياراً أقل إجحافاً وأكثر دقة حين تطلق عليه تعبير Ghost writer أي «الكاتب الشبح» بدلاً من Nègre. فالتعبير الإنكليزي يحيل إلى شبح غير مرئي يخدم الكاتب من وراء الستار، ويهبه مادة من دون توقيع. ويبقى في النهاية تعبيراً لطيفاً بحمولة تكاد تكون شعرية.
الحقيقة التاريخية تؤكد أن الخلاسي ألكسندر دوما، كان يستعين بأوغوست ماكي كـ«عبد» أبيض في كتابة رواياته. هذا الأخير سخّر قلمه ومخيلته لخدمة دوما، ما جعله يشعر بالغبن والاضطهاد. نستطيع القول إذاً إن دوما قلب المعادلة الاستعبادية التي تريد للأسود أن يخدم الأبيض. غير أن الفيلم خفف من وقع المعادلة المقلوبة حين أعطى دور دوما الخلاسي لجيرار دوبارديو الذي بقي أبيض رغم أدائه البديع، وحيل الماكياج التي جعدت شعره وسوّدت لونه.