لقد سبق للجائزة أن واجهت اعتراضاتٍ في النسختين الأولى والثانية، لكن فوز المصريين بهاء طاهر ويوسف زيدان بها، خفَّف من حدّة الاعتراضات. فوز رواية «واحة الغروب» لطاهر كان مقبولاً بسبب خصوصية مسيرته الروائية. وعلى النحو نفسه، جاء فوز «عزازيل» لزيدان بالجائزة نتيجة الإجماع الذي حصدته لدى لجنة التحكيم ولدى شرائح واسعة من القراء والنقاد. وينبغي أن نضيف هنا أن التاريخ الروائي المصري، الضخم والمتنوع النبرات والحساسيات، ساهم في إسكات المعترضين. في المقابل، فإن فوز مصر بـ«بوكر» مرتين، بدَّد أي إمكانية لفوز محمد المنسي قنديل ومنصورة عز الدين بالجائزة في نسختها الثالثة.
أما فوز عبده خال، فمختلف تماماً. هل سيعيد الروائي السعودي إحياء مقولة أدب الأطراف وأدب المركز؟ هل سيُنظر إلى وجود الكويتي طالب الرفاعي على رأس لجنة التحكيم، والعماني سيف الرحبي في عضويتها، كسببٍ في ترجيح كفّة خال على منافسيه الخمسة الآخرين؟ هل سيذكّر بعضهم بالتاريخ القصير والمستجد للرواية السعودية، مقارنةً بالتاريخ الأطول والأقدم والأكثر تنوعاً لسائر المتنافسين؟
لعلّ لجنة التحكيم انحازت إلى الهمّ الاجتماعي
يستثمر خال الواقع السعودي، لكنه يقدم صورة قاسية وتحت أرضية لهذا الواقع. تتسرب الخرافة والأسطورة والغرائبية والطقوس والمعتقدات الشعبية إلى رواياته، وتمنحها نوعاً من الخصوصية في مناخات السرد وبناء الشخصيات. تبدو الرواية الفائزة مثل خلاصة لنبرة هذا الروائي الذي تتمتع أعماله بالقدرة على جذب القارئ إلى عوالمها الغريبة وشخصياتها المطحونة، لكنها تعاني من مشكلات على صعيد اللغة وانسيابية السرد.
لعل اللجنة انحازت إلى الهمّ الاجتماعي الذي تطرحه رواية خال. لكن هل ينبغي للقضايا والمضامين النبيلة أن تحجب عنا فكرة أن الرواية تتطلب مهاراتٍ وتقنياتٍ غير عادية كي يتحوَّل الهمُّ الاجتماعي إلى فنٍّ روائي خالص؟ ملاحظةٌ كهذه يمكنها أن تضع نقاشات لجنة التحكيم نفسها موضع تساؤل.