طعون ثلاثة في قانون التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة حطّت في المجلس الدستوري الذي قرّر تعليق العمل بالقانون في انتظار صدور قراره النهائي. صحيح أنّ تعليق العمل بالقانون بحسب خبراء، هو واحدٌ من المؤشرات التي تُرجّح إبطاله، إلا أن لا شيء مؤكّداً حتّى يجتمع المجلس الأسبوع المقبل. فيما يعتقد متابعون أن «المخرج السياسي» مؤمّن عبر «الغمز» من القضاة المقربين من القوى السياسيّة بعدم تأمين نصاب المجلس خلال المهلة المُحدّدة أو عدم خروجه بقرارٍ بالأكثريّة المطلقة، إذ إنّ القانون يُحتّم حضور 8 أعضاء من أصل 10 لاكتمال النصاب القانوني، واتخاذ القرار بأكثريّة 8 من أصل 10 في حال حضر كل الأعضاء، أو أكثريّة 7 من أصل 8 الذين أمّنوا النصاب القانوني. وبالتالي، سيخرج المجلس بـ«اللاقرار»، ما يعني الإبقاء على قانون التمديد حتّى السنة المقبلة. وهذا ما يُفسّر «استلشاق» الأحزاب في التّعامل مع الانتخابات وكأنّها بحكم المؤجّلة.في المقابل، يرجّح قانونيون إبطال القانون وخصوصاً أنّ الصيغة المعتمدة فيه هي نفسها التي اعتُمدت في قانون التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة عام 1997 والذي أبطله المجلس.
لكن، هذا ما لا يمكن أن يتكهّن به رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب الذي يلفت إلى أنّه وردت إلى المجلس ثلاثة طعون: أحدها قدّمه حزب القوات اللبنانيّة وثانٍ قدّمه حزب الكتائب وثالث قدّمه «نواب التغيير». وأوضح أنّ الأرجح أن «المجلس سيعمل على ضم الطعون الثلاثة خلال جلسته الأولى بسبب تشابهها». وأوضح لـ«الأخبار» أنّ المُقرّر الذي عيّنه المجلس سيرفع تقريره في 13 أيّار، ليكون أمامه 5 أيّام لتبليغ الأعضاء بموعد الجلسة الأولى، عى أن تتوالى الاجتماعات المفتوحة 15 يوماً، ما يعني إمكانيّة صدور القرار مع نهاية الشهر ، مشدداً على أنّ «المجلس ينظر في دستوريّة القوانين بغضّ النظر عن الأسباب الموجبة التي أدّت إلى صدورها».

تمديد غير قانوني؟
وعليه، تُطرح إشكالية جديدة في حال تمّ تعليق العمل بقانون التمديد قبل ساعاتٍ قليلة من موعد الانتخابات التي حدّدها وزير الدّاخلية والبلديات سابقاً في 31 أيّار المقبل، إذ سيكون مستحيلاً إجراؤها مع عدم تقدّم أي مرشح بأوراق ترشيحه وعدم استعداد الجهاز الإداري في وزارة الدّاخلية. وبالتالي، سيكون على الوزارة تغيير المهل القانونيّة السابقة وتحديد موعد جديد للانتخابات ربما في أيلول المقبل.
بالنسبة إلى الخبير المتخصّص في القانون الدستوري وسام اللحام، «لا يجوز تعطيل الاستحقاقات الدستوريّة بذريعة أي مشكلة إداريّة»، كأزمة إضراب الموظفين في الدوائر الرسمية التي منعت الراغبين بالترشّح من التقدّم بطلبات ترشيحهم رغم فتح باب الترشيح في محافظتي عكار والشمال. وأوضح لـ«الأخبار» أنّ «الحل هو باجتهاد المجلس الدستوري ليقرر بدء مفاعيل الإبطال بعد فترة معيّنة، شهر على سبيل المثال، وهذا موجود في القانون الفرنسي تحت مسمّى «La modulation dans le temps»، ولكنّه غير موجود في القانون اللبناني، وبالتالي هناك اجتهاد من قضاة المجلس الدستوري».
لكن دون هذا الحل عقبات قانونيّة عدة، أُولاها انتهاء ولاية المجالس البلديّة مع استحالة إجراء الانتخابات. هنا، يلفت اللحام إلى أنّ السلطة السياسيّة، ممثلةً بالحكومة أو وزارة الداخليّة والبلديات، قد تخرج بقرارٍ تُعلن فيه وجوب استمرار المجالس في عملها إلى حين إجراء الاستحقاق «عملاً بمبدأ استمراريّة المرافق العامة، وهو ما حصل أكثر مرّة خلال فترة الحرب الأهليّة، ما يحصر عمل البلديات بتسيير الأمور الضروريّة، أي أنها ستكون أشبه ببلديّات تصريف أعمال»، لافتاً إلى أنّه يُمكن الطعن في أي قرار يصدر عن المجالس البلديّة خلال هذه الفترة أمام مجلس شورى الدولة لأنّ قرار الحكومة أو وزارة الداخلية والبلديّات لا يُعتدّ به كـ«غطاءٍ قانوني»، كون لا صلاحيّة للسلطة التنفيذيّة في التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة.
أما المُشكلة الكبرى فتكمن في المخاتير الذين يقومون في بعض الأحيان بوظيفة قضائية (يتم اعتبارهم عنصراً مساعداً للضابطة العدليّة عند جمع المعلومات والمداهمات...). إذ لا ينطبق على هؤلاء مبدأ استمراريّة المرفق العام، وفق ما يقول اللحام. وبالتالي، سيكون أمام المعنيين سيناريو اختيار صيغة «المعاملة المستحيلة» كتلك المعتمدة أحياناً في فرنسا والتي يُطلق عليها «Formalite impossible»، ما يعني الاستغناء عن الأوراق الصادرة عن المخاتير في الأوراق الرسميّة أو الإبقاء على عملهم مع التعهّد بإصدار قانون للتمديد لهم بمفعولٍ رجعي، «إلا أن هذا الأمر غير قانوني أيضاً»!