تشكل بذور الخُضر والفواكه الموسمية أحد أهم المستلزمات الزراعية التي يتم استيرادها من الخارج بنسبة 95% من الدول التي تنتج البذور الصالحة للزراعة ضمن المواصفات المطلوبة. وهي تكلّف لبنان سنوياً عشرات ملايين الدولارات لأن شراءها يتمّ عبر شركات تهتم بتهجينها وتحسين نوعيتها، ولا سيما تلك التي تُزرع في الخيم البلاستيكية. ويعتمد لبنان بشكل دائم على استيراد البذور من عدة دول تُعنى بإنتاج كميات كبيرة من البذور المهجّنة، أبرزها إسبانيا وإيطاليا وهولندا وأميركا (ولاية كاليفورنيا).في شهر نيسان من كلّ عام تنطلق الزراعات الموسمية الصيفية، وتزدحم المشاتل التي تبيع مختلف أنواع الشتول بكبار وصغار المزارعين، وحتى الهواة منهم. لكن هذا الموسم غابت عن المشاتل تلك الزحمة المعهودة التي كنا نشاهدها سابقاً بسبب ارتفاع أسعار الشتول، حيث لم تعد لدى المزارعين القدرة على شراء كميات كبيرة منها كما في السابق.

دور المراكز البحثية
يحذّر المهندس الزراعي حسن حمزة من تقليص الرقعة الزراعية وخروج عدد من المزارعين من القطاع. ويبرّر ارتفاع أسعار الشتول بارتفاع أسعار البذور التي تُستورد من الخارج مع كلّ المستلزمات الزراعية، إذ «يصل السعر الوسطي للبذور إلى 80 دولاراً أميركياً لكلّ ألف بذرة، وهذا يرتب على المزارعين تكلفة عالية، كما ينعكس على بيع المحصول الزراعي في الأسواق المحلية، لأن المزارع يبيع بالليرة ويشتري مختلف المستلزمات الزراعية بالدولار». ويعبّر حمزة عن خشيته من «تراجع الزراعات الموسمية في الفترة المقبلة في ظلّ غياب أيّ خطة ودعم من وزارة الزراعة لدعم المزارع، وتحسين وضعه، إضافة إلى غياب دور المراكز البحثية التي يجب عليها أن تراقب نوعية البذور المستوردة إذا ما كانت صالحة وملائمة للأراضي اللبنانية التي تتفاوت بين ساحل وجبل، كما أن لها دوراً مفيداً فهي تُعنى بمجال تهجين البذور المحلية وتحسين نوعيتها». وعن إمكانية وضع خطة ليكون لبنان قادراً على إنتاج البذور، يؤكد حمزة أن «هذا المشروع، إذا ما بدأت فيه وزارة الزراعة، بحاجة إلى مدة زمنية لا تقل عن 20 سنة تتضمّن مختبرات علمية تُعنى بالتأصيل والتهجين، ومساحات زراعية كبيرة، لنكون قادرين على إنتاج الحد الأدنى من البذور التي نحتاج إليها بشكل دائم لتغطية حاجة السوق المحلي».