منذ بدء فصل الربيع، تقصد أم علي شيت، ابنة بلدة كفركلا الحدودية، كلّ صباح حقول البلدات المجاورة، ولا سيما حقول بلدة دير ميماس المزروعة بمئات أشجار الزيتون «حيث تنمو أعشاب العكوب البري بكثرة». إلا أن الحصول على هذا النبات الشوكي اللذيذ، الذي يعرفه الكثيرون ويطلبونه، ليس سهل المنال. فـ«عملية البحث عنه تتطلّب الحذر الشديد من الأفاعي والعقارب السامة التي تبدأ بالانتشار في الحقول بعد سبات الشتاء الطويل، كما أنّ الجهد الذي نبذله في قطافه شاقّ، وخصوصاً أن خشونته تشبه خشونة أشواكه القاسية». لا تنتهي المشقّة بمجرد الحصول على العكوب، بل يتبع ذلك ساعات طويلة من العمل لنزع الأشواك الكثيرة منها. تقول أم علي: «تجتمع العائلة عصراً للبدء بنزع الأشواك، فنرتدي كفوف اليد، ويستخدم كلّ منّا السكين والمقص، الأمر يحتاج إلى هدوء وتركيز كي لا نتأذى من الأشواك من جهة، وكي لا نخسر أيّ جزء من هذا النبات الثمين».
أما النتيجة فمرضية نسبياً، إذ يتجاوز سعر كيلو العكوب المنظّف من الأشواك المليون ليرة، فيما يباع من دون تنظيف بـ500 ألف ليرة. وإذا تمكّن المزارعون من بيعه إلى الاستهلاكيات الكبيرة في المدن، فقد يصل الثمن إلى مليون ونصف مليون ليرة لبنانية، أي «ما يزيد عن سعر كيلو اللحم» يقول المهندس الزراعي أحمد فواز، لافتاً إلى أن «هذا النبات بات يباع في العديد من المتاجر الكبرى، كما يعمد البعض إلى تصديره إلى الخارج، وهناك من يحتفظ به في الثلاجة كي يتمكن من بيعه بأسعار مضاعفة في فصل الشتاء».
يباع الكيلو بـ500 ألف ليرة من دون تنظيف وبمليون إذا كان نظيفاً


ويعتقد فواز أنّ «هذا النبات لا يوجد إلا في مناطق محدّدة في لبنان، فلا وجود له مثلاً في العديد من قرى وبلدات بنت جبيل، بينما ينتشر بكثرة في بلدات حولا، دير ميماس، الهبارية، شبعا، محيط جبل الشيخ وقرى وبلدات حاصبيا». ويبدو أن السبب هو أن «هذه النباتات تطرح بذارها الكثيرة في محيط الأمكنة المنتشرة فيها لتُنبت أعشاباً مضاعفة في الأعوام المقبلة، وهي تحتاج الى أراضٍ خصبة ورطبة، لكن يمكن لأيّ مزارع أن يأخذ بذارها ليزرعها في أماكن أخرى، لذلك نجد اليوم العشرات من الأهالي يزرعون هذه البذار في حواكيرهم». أما الدول المعروفة بانتشار نبات العكوب فيها فهي «لبنان، سوريا، فلسطين، العراق، إيران وأذربيجان، لأنه يحتاج إلى أماكن جبلية متوسطة الارتفاع».
ويذكر فواز أن «للعكوب فوائد صحية مثل علاج البواسير والصداع وضغط الدم ومحاربة الدهون الثلاثية، وهو منشّط جنسيّ، ويقال إنه مفيد لمرضى السرطان، والأهم من ذلك أنه يُستخدم لعلاج مرضى الكبد لذلك فهو يباع بأسعار مرتفعة جداً في الدول الأجنبية».