مع انعقاد جلسات اللجنة الوزارية لبحث أوضاع القطاع العام، وتصحيح الرواتب والمعاشات التقاعدية للعاملين في القطاع العام والأسلاك العسكرية والأمنية والمتقاعدين العسكريين والمدنيين والمتعاقدين، تمهيداً لانعقاد جلسة مجلس الوزراء التي تم تأجيلها أكثر من مرة لاعتبارات غير بريئة في محاولة للتهرّب من تحمّل المسؤولية بعدما وصل سعر الدولار إلى عتبة الـ150 ألف ليرة ليقارب المئة ألف منذ أسبوع ولا يزال، وبعد إقرار تصحيح الأجور، ورفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص ما يقارب 14 ضعفاً، بينما بقيت الرواتب والمعاشات مجمّدة، ولم ينل الموظفون والأساتذة والعسكريون والمتقاعدون والمتعاقدون والأجراء في مشروع موازنة 2022 سوى مساعدتين اجتماعيتين على سعر صيرفة 28500 ل.ل بزيادة لا تتجاوز 9% لتصبح نسبة خسارتهم حوالي 86% بدل 95.5% من قيمة رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية، يفترض قبل تحديد المواقف، ومن باب الحرص للوصول إلى قرارات نهائية من مجلس الوزراء، تقديم بعض التوضيحات في ضوء ما أعلنه الرئيس نجيب ميقاتي عشية انعقاد اللجنة الوزارية، واستباقاً لجلسة مجلس الوزراء:- اعتبار تصريح رئيس الحكومة الأخير محاولة استباقية مكشوفة للتهويل المسبق بعجز الموازنة في حال أقرّت زيادات، ولو هزيلة، على الرواتب والمعاشات التقاعدية، وهذا العجز لا يظهر إلا عند تصحيح الرواتب، في محاولة مكشوفة لتحميل الموظفين والأساتذة والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين مسؤولية التضخم وزيادة عجز الموازنة، وفي تكرار ممجوج لما فعلوه عند إقرار سلسلة الرتب والرواتب عام 2017 بتحميلها تبعات هدرهم وصفقاتهم وسمسراتهم وتهربهم الضريبي وتحويلهم الأموال إلى الخارج، وفي غياب خطة إنقاذ وتعافٍ اقتصادي ومالي ونقدي، كما استباحتهم للأملاك البحرية والنهرية، والتهريب عبر المعابر وغيرها الكثير من أبواب الإنفاق المهدور الذي تجاوز 700 مليار دولار، بينما لم تتجاوز كلفة السلسلة آنذاك ملياري دولار، أُقرّت تحت الضغط بعد تجميد للرواتب 21 سنة متتالية.
- إن المطالبة بتصحيح الرواتب والأجور والنزول إلى الشارع حق مشروع وتعبير ديمقراطي بعدما بُحتّ الأصوات، وليس كلّ ذلك عملاً شعبوياً كما اتهم رئيس الحكومة المطالبين بحقهم بعدما خسروا 95.5% من رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية خلال أقلّ من ثلاث سنوات، والحكومة والسلطة متفرّجتان على حالات الإذلال والإفقار والعوز لكلّ العاملين في قطاعها العام من مدنيين وعسكريين ومتقاعدين ومتعاقدين. والشعبوية هي التغافل المتعمّد عن هذا الحق رغم الاعتراف بمشروعيته. والشعبوية هي تحريض الرأي العام على أصحاب الحق للتهرّب من مسؤولية السياسات المالية والاقتصادية والنقدية واستباحة أموال المودعين وتدمير مؤسسات القطاع العام تمهيداً لخصخصته.
المطالبة بتصحيح الرواتب والنزول إلى الشارع حقّ مشروع وليس عملاً شعبوياً


- أليست الحكومة والسلطة مجتمعتين مسؤولتيْن عن دفع الموظفين والأساتذة والمتعاقدين والأجراء وغيرهم لتنفيذ الإضرابات المتتالية والمفتوحة بسبب عجزهم عن الوصول إلى مراكز عملهم، بعدما نكثت الحكومة والوزارات المعنية بوعودها وبتراجعها عن التزاماتها تجاههم ودون أن يرفّ لها جفن أمام تعطل المرافق والوزارات والمؤسسات العامة وتعطلها أشهراً متتالية وما يتهدّد مصير العام الدراسي والشهادات الرسمية من مخاطر جدية؟
- أليست الحكومة من يدفع المتقاعدين المدنيين والعسكريين للنزول مرغمين إلى الشارع مطالبين بحقوقهم ومعاشاتهم التقاعدية التي أودعوها خزينة الدولة كمحسومات تقاعدية وتعويض خدمة على مدار سنوات خدمتهم، واليوم تتنكر لهم عن هذا الحق المكتسب باعتبار هذه المدّخرات أموالاً موقوفة لهم بعدما أمضوا زهرة عمرهم في خدمة الدولة والشعب والمؤسسات؟

في الموقف:
- لا نريد مساعدات اجتماعية ولا رشوات ولا مسكّنات وهمية معظمها مؤقت لا تدخل في صلب الراتب، بل نريد:
- العيش بكرامة، حلاً شاملاً لأزماتنا التي نعانيها يومياً التي أفقدتنا كرامتنا الإنسانية، اعتماد السلم المتحرّك للأجور، إعادة القدرة الشرائية للرواتب والمعاشات التقاعدية لتأمين مقوّمات العيش اللائق والكريم بدل الوقوف عاجزين عن الوصول إلى مراكز عملنا، كما أمام جابي الكهرباء وصاحب المولد وأمام محطات المحروقات والصيدليات والسوبرماركت، وغير قادرين على تأمين الحد الأدنى من مستلزمات العيش بالحد الأدنى لنا ولعائلاتنا. الحماية الصحية والاستشفائية والدوائية والخدماتية وعدم الموت أمام المستشفيات بسبب عدم توفير الاعتمادات الضرورية للهيئات الضامنة: تعاونية موظفي الدولة، صندوق التعاضد، الضمان الاجتماعي.

الحلول الرسمية المذلّة:
- بدل أن تبادر الحكومة بوضع حلول لهذه الأزمات المرهقة والمتمادية، تطلّ علينا وزارة المالية والمصرف المركزي بصرف رواتبنا الهزيلة أساساً بسعر صيرفة 60 ألفاً بدل 28500 كما أقرّتها الموازنة، وبذلك تعيدنا إلى أسفل الهاوية بتخفيض رواتبنا الى أقلّ من 9% من قدرتها الشرائية التي كانت عليه بعد إقرار موازنة 2022، والتي لم تكن توازي أكثر من 4% من قدرتها الشرائية قبل إقرار الموازنة.

في مطالب الحد الأدنى:
أولاً: رفع المساعدة الاجتماعية بضرب الراتب والمعاش التقاعدي بستة بدل ثلاثة، واحتسابه على أساس سعر صيرفة 60 ألف ليرة شرط إبقاء سعر صيرفة ثابتاً.
ثانياً: إدخال المساعدة في صلب الراتب لتُحتسب في المعاشات التقاعدية، وتعويض نهاية الخدمة واستيفاء المحسومات التقاعدية واشتراكات التعاونية والضمان وصندوق التعاضد على أساس الراتب الجديد.
ثالثاً: إقرار بدل انتقال عادل وكافٍ يمكّن الموظفين والأساتذة والمتعاقدين والمستخدمين الوصول إلى مكان عملهم والعودة منه.
رابعاً: اعتماد المساواة والتماثل في إعطاء الزيادات أو الحوافز أو التقديمات بين جميع العاملين في القطاع العام دون تمييز أو استثناء لأي قطاع.

في الخطوات المطلوبة:
أ- التنسيق الفعلي بين مكوّنات القطاع العام كافة، والمتقاعدين المدنيين والعسكريين ووضع رؤية مشتركة وخطة مواجهة شاملة لتحقيق الأهداف. ب- التحضير والتعبئة الجدية لتنفيذ خطوات تصعيدية ومختلف أشكال الضغط الفاعل والمؤثر الكفيلة بتحقيق هذه المطالب.
وأخيراً، تحميل اللجنة الوزارية ومجلس الوزراء المسؤولية الكاملة عن الحالة المأساوية التي وصلت إليها الأكثرية الساحقة من الشعب اللبناني وفي مقدّمهم الموظفون والأساتذة والمعلمون والمتقاعدون المدنيون والعسكريون، وعن النتائج المترتبة عن إضراب الموظفين في القطاع العام وتعطيل المرافق العامة وإضراب الأساتذة، وما يهدّد مصير العام الدراسي، وعن كلّ الخطوات التصعيدية التي سيضطر المتضرّرون إلى اعتمادها.

* نقابي