يتمنّى بعض أبناء طريق الجديدة لو أنّ في منطقتهم سياسياً كأنطون صحناوي الذي «يفتّ» المال والخدمات على شبان في الأشرفية. «جنود الرب السنّة» حاضرون، و«في الخدمة» لمصلحة «أوّل متبنٍّ»... ما ينقصهم «صحناوي سني».معظم هؤلاء ممن كانوا، حتى الأمس القريب «يذبحون بظفرهم» في أحياء العاصمة، ويتباهون بفروع جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة، ويتسابق عليهم طالبو الخدمات، قبل أن «تشرّدهم» الأزمة الماليّة التي ضربت تيّار المستقبل، قبل أن تضرب البلد بأكمله، وقبل أن يدير الرئيس سعد الحريري ظهره لـ«فتوّاته» ويمضي إلى «سبيله الإماراتي».

(هيثم الموسوي)

عشية 14 شباط الماضي، استبشر هؤلاء خيراً برجوع رئيسهم إلى بيروت، قبل أن يتيقّنوا بعد عودته إلى «المنفى»، أنّ الحريري «مش راجع» إلى الحياة السياسيّة، وأن ذلك بات ضرباً من الخيال. عليه، صار الانتقال إلى «الخطّة ب» ضرورياً، وهو ما تحتّمه الأزمة الاقتصادية والمالية التي تزداد تفاقماً. قبل أسابيع، اضطر هؤلاء للقيام بـ«لميّة» من أجل مساعدة شاب أُصيب بإطلاق نارٍ في رجله، لكن كل ما جمعوه لم يكفِ لتسديد فاتورة المستشفى. أوضاع طريق الجديدة باتت «مأساويّة»، وفق ما يؤكّد مسؤولون، إذ إنّ المخدّرات وعمليات السرقة «نخرا عظامها»، فيما أهلها متروكون لقدرهم في غياب الخدمات والمساعدات. لا أحد يعتب على «الدولة» أو يسأل «وينيي؟»، إذ اعتادوا غيابها وتقصيرها. لكنّ ما «يعز» عليهم هو انقطاع «أثر» المُساعدات، ليصبح أقصى أحلامهم «دق» أبواب المسؤولين لتأمين بعض الخدمات.
لذلك، عمل هؤلاء، قبل أسابيع، على جمع شملهم وعقدوا اجتماعاً لفاعليات من العاصمة ومخاتيرها، بدعوة من الرئيس الفخري لـ«رابطة بيروت الحضارية» طارق الدنا. المُفارقة أن المجتمعين الذين طالبوا بـ«وحدة بيروت الإدارية وعدم القبول بتقسيم بلديتها»، شكلوا لجاناً لمتابعة شؤون بيروت والبيارتة: لجنة للأمن والقضاء، لجنة التنظيم والمتابعة، واللجنة التربوية.
بحسب المعلومات، فكرة الاجتماع والدعوة إليها جاءا بتنسيق تام بين الدنا وسامر الترك. والاثنان من «قبضايات» الأحياء، ولطالما تقاتلا على النفوذ في أزقّة طريق الجديدة. الأوّل كان محسوباً على المنسّق السابق لتيار المستقبل في بيروت العميد المتقاعد محمود الجمل، فيما يعدّ الثاني من المقربين من الأمين العام للتيار أحمد الحريري. بعد إقالة الجمل من منصبه في المستقبل، و«استقالة» آل الحريري من متابعة شؤون الناس، وجد الترك والدنا أنهما أصبحا «يتيمين»، فقرّرا «التوحّد» والتنسيق في «الكبيرة والصغيرة»، حتّى خرجا بفكرة اللقاء لاستعادة شيء من تأثيرهما ونفوذهما في الأحياء البيروتية. وهما عقدا حتى الآن لقاءات مماثلة في طريق الجديدة، من بينها الاجتماع الدوري في «خيمة أبو سارة» عند دوّار قصقص.
لجنة للأمن والقضاء وأخرى للتنظيم والمتابعة وثالثة تربوية... ورفض لتقسيم بلدية بيروت!


رغم ذلك، فإن «أصابع أحمد الحريري موجودة في اللقاء»، بحسب ما يؤكد كثيرون، لأنّ «الترك لا يزال يعمل في مكتب الحريري، ولا يجرؤ على الدعوة إلى لقاءات كهذه من دون التنسيق مع الأمين العام». في المقابل، ينفي قريبون من الترك ذلك بشدّة، وينقلون عنه قوله إنّ هذه اللقاءات موجّهة أصلاً ضد الحريري الذي لا يقوم بأي تحرّك لمُساندة أبناء بيروت المتروكين اليوم لـ«يقبّعوا شوكهم بأيديهم».
مهما يكن من أمر، يشكّك كثر من فاعليات بيروت بإمكان الخروج بأي نتيجة من «لقاء اللجان». يؤكّد هؤلاء أنّ بعض المُشاركين وأعضاء اللجان أسروا أمام معارفهم بأنّهم «ضُلِّلوا، إذ لم يكونوا على علمٍ بأمر اللجان مسبقاً، ولم يجرِ حتّى الأخذ برأيهم قبل تعيينهم فيها». مع ذلك، بدأت اللجان عملها على الأرض. دشّنوا أنشطتهم بمشاركتهم قبل أيّام في الاعتصام الذي نفّذه عناصر فوج الإطفاء أمام مقر مجلس بلدية بيروت، ومنعوا أعضاء المجلس من الوصول إلى القصر البلدي للمشاركة في الجلسة. أكثر من ذلك، التقى الترك مسؤولين في المجلس لحل أزمة فوج الإطفاء الذي ينتمي أكثر عناصره إلى طريق الجديدة، ونجح في فكّ الاعتصام وإقناع عناصر الفوج بالعودة إلى منازلهم!