عادت النّفايات إلى التراكم من جديد في شوارع طرابلس، في انعكاس لأزمة قديمة ـــ جديدة بين مجلس الإنماء والإعمار وشركة «باتكو» للتعهدات، التي تقوم عبر شركة «لافاجيت» التابعة لها، بجمع النّفايات من مدن اتحاد بلديات الفيحاء والإشراف على مكبّ النّفايات في طرابلس. الخلاف سببه «البدل المالي للأشغال»، بعدما أبلغت شركة «باتكو» مجلس الإنماء والإعمار، في كتاب وجّهته إليه في 6 آذار الجاري أنّه «لن نكون قادرين على مواصلة الأعمال في ظلّ الظّروف الحالية... الأسعار التي نعمل بها، وتسوية المدفوعات المتأخرة، تمثل عبئاً كبيراً ولا يمكن تحمّله بعد الآن».وذكّرت الشّركة المجلس بكتابها الذي وجّهته إليه في الأول من آذار الجاري، وأخبرته فيه أنّ «الطّاقة الإجمالية للمكبّ بموجب المعايير الحالية، ستصل إلى حدّها الأقصى بحلول 15 نيسان المقبل، وأنّ هناك ضرورة لإنشاء مكبّ نفايات جديد ومؤقّت». وهو تذكير، أوضحت مصادر مطّلعة في بلدية طرابلس لـ«الأخبار»، أنّه «أحد أساليب الشّركة في الضغط على مجلس الإنماء والإعمار من أجل تلبية مطالبها، سواء بتجديد عقدها، أو الموافقة على طلبها الحالي بإنشاء مطمر نفايات مؤقّت إلى جانب المطمر الحالي المغلق».

مطمر صحي...
طلب إنشاء مطمر صحّي مؤقّت في طرابلس، لتستفيد منه مدن اتحاد بلديات الفيحاء، شرحته شركة «باتكو» في كتابها الأخير، عندما أشارت إلى أنّه «قمنا بإعداد جدول كميات معدّل، في محاولة لتوسيع الطاقة الحالية (للمكب) وفتح مناطق إضافية لاستضافة النّفايات». وكشفت الشركة أنّ تكلفة إنشاء مطمر جديد ومؤقّت للنّفايات في طرابلس تُقدّر بنحو 16 مليون دولار أميركي، مقسّمة على مرحلتين زمنيتين: «الأولى بقيمة 7 ملايين دولار أميركي تقريباً، تجعل المكبّ المؤقّت قادراً خلال 5 أشهر على استيعاب قدرة إضافية تبلغ 120 طنّاً من النّفايات، ما يعادل حوالي 12 شهراً من التشغيل، بمعدل تخميني يبلغ 300 طنّ في اليوم».
يجب إيجاد مكبّ نفايات جديد عوضاً عن المكبّ الحالي المقفل

أمّا المرحلة الثانية، وفق كتاب الشّركة، والتي تناهز تكلفتها 9 ملايين دولار أميركي، ومخطط لإكمالها خلال 12 شهراً، فـ«تتضمّن تأمين المحيط وبناء طرق الوصول، وتغطية المكبّ، وتنفيذ عملية تخفيف الغازات المسبّبة للروائح، ما يعطي المشروع قدرة إضافية تبلغ 30 ألف طنّ، ما يعادل حوالي 3 أشهر إضافية من التشغيل».

...مؤقّت
غير أنّ كلّ ذلك لم يمنع الشّركة من التوضيح أنّ خطتها لمعالجة نفايات طرابلس واتحاد بلديات الفيحاء مؤقّتة، إذ أكّدت أنّ «هذه المرحلة لا تزيد القدرة الاستيعابية بشكل كبير، لكنّها مطلوبة لإتمام المشروع وفق معايير التصميم»، مطالبة بتسوية جميع الأعمال المتبقية بالدولار الأميركي، ومعلنة عن «الحاجة إلى دفعة أولى كبيرة لتأمين المواد من المورّدين المحليين». وأكّدت أنّ «هذه المسألة عاجلة، ويجب التعامل معها كأولوية لأنّ المشروع (المكبّ) يقترب من طاقته الكاملة في ظلّ الوضع الحالي»، معلنة أنّ «المقاول الذي استنزف موارده المالية بالكامل، لا يمكنه تقديم خدماته للمشروع (المكبّ) بدءاً من يوم الأربعاء الواقع فيه 8 آذار الجاري (الفائت)».

حاجة ملحّة إلى مكبّ جديد

هذه التطوّرات المتعلقة بأزمة النّفايات في طرابلس واتحاد بلديات الفيحاء دفعت رئيس لجنة البيئة في بلدية طرابلس نور الأيوبي إلى التمنّي، عبر «الأخبار»، أن يتم التوصّل «إلى حلّ سريع للأزمة، لأنّ المدينة بغنى عن مشكلة إضافية ستؤدي إلى انتشار الأوبئة وتفشّي الأمراض المعدية، بينما هي تعاني أصلاً من مشاكل معيشية واقتصادية واجتماعية لا تُعدّ ولا تُحصى». وأكّد الأيوبي أنّه «بمعزل عن كلّ شيء، يجب إيجاد مكبّ نفايات جديد عوضاً عن المكبّ الحالي المقفل، لأنّ أيّ حلّ آنيّ سيكون مؤقتاً، وستعود الأزمة إلى الظّهور مجدّداً، وهي ستكون أكبر في المستقبل، في ضوء عدم وجود مكب نفايات بديل، أو وجود معمل لفرز النفايات». وسأل الأيوبي: «كيف سندفع ملايين الدولارات لإغلاق مكبّ نفايات حالي، هو شبه مقفل أصلاً؟»، معتبراً أنّ «هذا التصرّف يُعتبر هدراً للمال العام وفي غير مكانه، في بلد مفلس يحتاج إلى أيّ قرش لسد حاجاته».