يؤكد ابن الشهيد أحمد مرعي، الجريح مصطفى مرعي، «ثبات» موقفه رغم «كل الضغوطات والترهيب الذي يمارس على الأهالي من أجل إسقاط حقهم الشخصي»، مشدداً على «ضرورة الإسراع في المحاكمة لمحاسبة كل المجرمين الذين خططوا ونفذوا وتسببوا بمقتل الشهداء». واعتبر أن «التأخير في الحكم هو جرم ثان بحق أهالي الشهداء». وسأل مصطفى: «لماذا لم يطل القرار الظني الكبار المعنيين بالملف؟ ولماذا لا يحاسب الكبار كما الصغار في البلد؟».بدورها، تعتبر والدة الشهيد ناجي عبدالله، سوسن محمد، أن «من ارتكب جريمة التليل إرهابي، لأنه حرق الناس يلي كانت بدها تعبي البنزين المقطوع حتى تروح على شغلها. ابني عسكري استشهد بالانفجار، وكمان زوجي استشهد مع الجيش بمعركته مع الإرهابيين. نحن نحب المؤسسة العسكرية ونحترمها، بس كان في تقصير في مكان ما. ليه السياسيين يلي إلن علاقة بتهريب البنزين ما توقّفوا، وليش صغار المجرمين بس بالحبس والكبار بعدن برّا؟». وأكدت «ضرورة أن يكون هناك تحقيق عادل وشفّاف، كل شخص أو جهة لها علاقة بالانفجار يجب أن تحاسب».
من جهتها، تنتقد زوجة الشهيد خالد حاويك، شهرزاد الشيخ، المماطلة في محاكمة المجرمين والمتورطين في انفجار التليل، وتقول: «جريمة صارت على مرأى عدد كبير من شهود العيان، راح فيها عشرات الشهداء وأكتر من 100 جريح. الحقيقة واضحة، فلماذا التأخير»، معتبرةً أن هذه القضية هي قضية وطنية وإنسانية لا يجب أن تُهمل، بل يجب التسريع في المحاكمة وصولاً إلى العدالة التي يجب أن تطبّق على الجميع.

وقائع جريمة التليل بحسب القرار الاتهامي
بحسب وقائع القرار الاتهامي الذي أصدره المحقق العدلي علي عراجي، بتاريخ 25 تموز 2022، واتّهم فيه ثمانية أشخاص لمحاكمتهم أمام المجلس العدلي، فإنّ المدعى عليه جورج إبراهيم عرض شراء 3 خزانات عائدة للمدعى عليه الآخر علي الفرج، ونقلها إلى البورة، ومن ثمّ قام بتعبئتها والاتجار بها. تشارك المذكوران في تعبئة المحروقات في الخزانات والاتجار بها، وبدأ علي بشراء المازوت ونقله بواسطة آليات «بيك آب» عائدة له لتفريغها في الخزانات الثلاثة، ومن ثمّ بيعها في السوق السوداء. وحقّقا بداية أرباحاً تقارب 18 مليون ليرة، تقاسماها مناصفة.
وبحسب القرار، فإنّه في الأيام التي سبقت 14 آب 2021، وردت تعليمات إلى مخابرات الجيش في عكار بأن تقوم مع الجيش بفتح المحطات التي تحتوي على مخزون بهدف الاحتكار، وقد ورد اتصال إلى فرع المخابرات من أحد الفاعلين في الثورة حول وجود كميات كبيرة من المحروقات المخزّنة. وفي ليلة الحادثة، شهدت التليل حالة من الفوضى، حيث حضر المئات لتعبئة البنزين وتجمهروا حول الصهاريج، وفتحوا سكر أحدها، ولم يتمكّن عناصر الجيش من ضبط الوضع. وحاول الناس ملء البنزين بواسطة دلاء ماء بعد أن صعدوا على ظهر الخزان، ومنهم من أخذ يجمع البنزين الموجود على الأرض بواسطة قمصانهم، بحسب الشهادات التي استند إليها المحقق في قراره. وفي تلك الليلة حصلت مشادات كلامية بين المتظاهرين وعائلة جورج إبراهيم، وساد جو من الشحناء أدى إلى تضارب بين أحد الشبان والمتظاهرين، فتدخل أحد أقرباء هذا الأخير للدفاع عنه. مع تزايد التوتّر، قام الموقوف ريتشارد جورج إبراهيم بإعطاء قدّاحة إلى الموقوف جرجي إلياس إبراهيم الذي يعمل لدى جورج، وأمره بـ«إحراق المتجمهرين»، فقام جرجي على الفور بـ«إشعال النار قصداً في البنزين المتدفّق من أحد الخزّانَين المكشوفَين إثر خلاف مع المتجمهرين».

لا لتضييع الحق
«ما لازم الإنسان يضل رخيص بهيدا البلد»، تقول وكيلة عدد من أهالي الضحايا المحامية زينة المصري، مؤكدةً «صمود الأهالي من أجل إحقاق الحق في هذه القضية رغم كل الضغوطات والمحاولات التي تمارس بهدف تضييع هذا الحق ومحاصرته». وتتابع: «انحرق كتير ناس بتفجير المرفأ وبعدين انحرق ناس كمان بانفجار التليل، حق هول الناس إنو ما يضيع حقّن، ويتحاسب كل مخطئ، وينعطى كل صاحب حق حقّه، بعد تصحيح الأمور الشكلية التي تم التوقف عندها في الجلسة الماضية، صرنا قادرين نمشي بالملف بشكل أسرع».

تحييد مسؤولية الجيش
يعتبر وكيل المدعى عليه جرجي إبراهيم المحامي علي أشمر «أن ما يحصل من تظاهرات ربطاً بالقضية هو تجييش طائفي ومحاولة لأخذ الملف إلى منحى آخر»، منتقداً عمل «المحقق العدلي الذي كان في بداية الملف يسير في مسار ثم انحرف عنه. كان التوجه العام يتركز على مسؤولية قيادة الجيش لجهة سلطتها على المكان الذي وقع فيه الانفجار، ثم قام المحقق العدلي بنفيها بطريقة مثيرة للريبة، كما أن المحقق العدلي لم يأخذ بأي معطيات قمنا بالإدلاء بها سواء التسجيلات الهاتفية أو الفيديوهات التي أُبرزت. المسؤوليات الكبرى تقع على قيادة الجيش التي أتاحت للناس الدخول إلى المكان الذي يتواجد فيه الصهريج، إذ تسقط سلطة صاحب المكان عند دخول القوى الأمنية».
وفي ما يتعلق بملف الإسقاطات، يلفت أشمر إلى أن «التفاوض بين المدعى عليهم وأهالي الضحايا أمر طبيعي يجري في كل الملفات القضائية، ومعنا عدد من الإسقاطات من أهالي الضحايا والجرحى، والمبالغ دفعها جورج إبراهيم للأهالي ليس لإسكاتهم بل للمساعدة في حل هذه القضية».

لمحة عن المسار القضائي لانفجار التليل
في 15 آب 2021، وقع انفجار في بلدة التليل العقارية وأدى إلى سقوط 36 ضحية وعشرات المصابين بحروق مختلفة بين مدنيين وعسكريين.
بتاريخ 26 آب 2021، ادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بالإنابة القاضي فادي عقيقي، على ثلاثة أشخاص بالتسبب بالانفجار.
وأسند عقيقي إلى كل من الموقوفين جورج إبراهيم وعلي صبحي فرج إقدامهما على «تخزين مواد ملتهبة بشكل غير آمن، رغم علمهما بخطورة عملهما، وتوقع النتيجة وتعريض حياة المواطنين للخطر، والتسبب بقتل 31 عسكرياً ومدنياً». كما أسند إلى المدعى عليه الموقوف جرجي إلياس إبراهيم إقدامه على إشعال الحريق، وأحالهم جميعاً على قاضي التحقيق العسكري الأول بالوكالة القاضي فادي صوان، طالباً استجوابهم وإصدار مذكرات توقيف وجاهية بحقهم.
مطلب أهالي الضحايا إحقاق الحق وملاحقة كل المتورطين


في 29 أيلول 2021، أحال مجلس الوزراء ملف انفجار التليل على المجلس العدلي بموجب المرسوم رقم 8377/2021.
في 16 تشرين الثاني 2021، جرى تعيين رئيس محكمة الجنايات في البقاع القاضي علي عراجي محققاً عدلياً في جريمة التليل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى على اقتراح وزير العدل القاضي هنري الخوري، فانتقل الملف من القضاء العسكري إلى المحقق العدلي عراجي.
في 25 تموز 2022، أصدر المحقق العدلي قراره الاتّهامي، واتّهم فيه ثمانية أشخاص ليحاكموا أمام المجلس العدلي، وأضاء على جملة من الجرائم الاقتصادية التي اقترفت في عكار آنذاك، وأدت إلى انقطاع تام للمحروقات بسبب خط التهريب الناشط إلى سوريا، متطرّقاً إلى جريمة الاحتكار التي فاقمت معاناة العكاريين، ودفعتهم إلى التجمهر بالمئات للحصول على القليل من البنزين.



بتاريخ 12/4/2022، صدر القانون رقم 289 الذي قضى بإعطاء تعويضات ومعاشات تقاعدية لذوي الضحايا اللبنانيين الذين قضوا في تفجير 15 آب 2021 في بلدة التليل العكارية، وتمكين اللبنانيين الذين أصيبوا منهم من الاستفادة من التقديمات الصحية.