لا يعتبر المهندسون كلّ تشقّق خطراً، فمنها ما يكون سببه هو اختلاف مواد البناء. أكثر التشققات طولية، وتقع بين العمود والجدار، إذ يتكوّن الأول من الخرسانة المسلّحة، بينما الثاني يتشكّل من الحجارة غير المرنة، والقابلة للتشقق، وعدم وجود رابط قوي بينهما يؤدّي إلى ظهور تشققات لا تدعو للقلق، كما أنّ انتفاخ البلاط، والشقوق في القشرة، أو ما يُعرف بـالورقة، لا يُعدّ أمراً خطيراً. أمّا ما يدعو للخطر فهو التشققات العميقة في الأعمدة، أفقية كانت أو طولية، والتي تقطع العمود من جهة لأخرى، إذ تشير إلى كسر فيه. يشبه أحد المهندسين اهتراء عمود بـ«التفاحة المهترئة التي ستضرب صندوق الفاكهة بأكمله»، بالإضافة إلى ظهور الكسور في الأسقف، وانكشاف الحديد داخلها، وهو ما يعود بشكل أساسي للنش، إذ يؤدّي وصول المياه إلى الحديد إلى انتفاخ الأخير، وبالتالي «تفقيع الباطون» المحيط، وعند ظهور الحديد في الهواء تتسارع عملية تآكله.
العنصر الخرساني المكوّن من الحديد والباطون له عمر افتراضي يصل إلى حدود الـ120 سنة، في حال تنفيذه بشكل جيّد، أما تعريضه لعوامل التآكل الخارجية من مياه وهواء فإنّ ذلك يهدّده ويقلّص عمره. ويجمع عدد من المهندسين الإنشائيين على أنّ الخطر الأكبر على المباني في لبنان هو النش، وتجمّع المياه في أقبية المباني، التي تتحوّل في فصل الشتاء إلى ما يشبه البحيرات.