يترقب لبنان في الأسبوعين المقبلين، موجة جديدة من التحقيقات في ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. الأبرز سيكون بدء القاضي شربل أبو سمرا عمله بعد إحالة الملف إليه عقب ادعاء المحامي العام الاستئنافي رجا حاموش على سلامة وشقيقه رجا ومساعدته السابقة ماريان الحويك بجرائم اختلاس مال عام وتبييض الأموال وعمليات تزوير وإثراء غير مشروع.وخلافاً لما تردد حول استجواب أبو سمرا للحاكم وشقيقه ومساعدته في 15 آذار الجاري، أكدت مصادر قضائية أن سلامة فقط سيُستجوَب في هذا التاريخ، ولم يعرف بعد ما إذا كان سيمثل أمام القاضي أم أن فريق الدفاع عنه سيتقدم بدفوع شكلية تؤجل الاستجواب، ما قد يؤثر على قرار أبو سمرا في شأن طلبات الاستماع إلى سلامة وآخرين من قبل فرق قضائية أوروبية سبق أن زارت لبنان وتريد العودة خلال عشرة أيام.
وفي حين روّج الفرنسيون منذ زيارتهم الماضية أن موعد قدومهم المقبل إلى لبنان سيكون منتصف الشهر الجاري، لم يتبلغ مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات بعد بأي طلب رسمي من فرنسا أو ألمانيا أو لوكسمبورغ، علماً أن مسار طلب المساعدة القضائية يتم عبر وزارة الخارجية التي تحوّل الطلب إلى وزير العدل للاطلاع عليه قبل أن يحوّله بدوره إلى مدعي عام التمييز. ويبقى السؤال الرئيسي: هل يستجيب أبو سمرا للطلبات القضائية الأوروبية إذا تزامنت مع مواعيد الاستجوابات؟ يجيب مصدر قضائي بأن القاضي سيستقبل الوفد القضائي الأوروبي ولكن «ضمن مفهوم السيادة اللبنانية أي وفق أصول القانون اللبناني وليس كما يحلو لهم».
وبعيداً من الأضواء، واصل الجانبان الفرنسي والألماني التحرش بالقضاء اللبناني عبر طرق غير ديبلوماسية وغير قانونية. فقد زار وفدان فرنسي وألماني، كل على حدة، قصر العدل للاجتماع مع أبو سمرا والنيابة العامة التمييزية. وقالت مصادر إن الفرنسيين (وبقية الأوروبيين) حاولوا معرفة جواب القضاء اللبناني حول النقطة المتعلقة بتحديد صفة الأموال التي يتهم سلامة باختلاسها، وما إذا كانت من المال العام أو من المال الخاص للمصارف كما قال مصرفيون أمام المحققين الأوروبيين.
وعلى رغم البرودة التي تتسم بها علاقة النيابة العامة مع ممثلي السفارات الأوروبية الذين يتجاوزون الأصول دائماً، فإن الواضح أن القضاء الأوروبي الذي لم يدّع بعد على سلامة أو يتهمه صراحة، مهتم بمعرفة طبيعة الأموال، وإذا ما تم تصنيفها على أنها مال خاص أو عام، لأن ذلك يؤثر في مسار الدعوى القضائية. ففي حال تم اعتبار الأموال خاصة، يُسقط جرم الاختلاس وبالتالي تصبح الأموال مشروعة كما يُسقط اتهام تبييض الأموال، وهو ما يثير مخاوف لدى الفرنسيين خصوصاً.
في غضون ذلك، لم يتضح بعد سبب امتناع رئيسة هيئة التشريع والقضايا في وزارة العدل هيلانة إسكندر عن تعيين محام لملاحقة الأموال باسم الدولة اللبنانية. علماً أنها تذرعت سابقاً بعدم وجود ادعاء على سلامة في لبنان من جهة، وأنها لم تتلق طلباً من وزارة العدل للقيام بهذه الخطوة. علماً أنه يتوجب عليها القيام بذلك، أقله لتجميد أموال سلامة في لبنان قبل الطلب إلى النيابات العامة في أوروبا التعامل مع الأموال المجمدة على أنها أموال تعود إلى الحكومة اللبنانية إلى حين صدور الحكم النهائي.