دفع الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي ضمّنه تحذيراً من مغبّة «التسويف» في التنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية، شركة «توتال» ودوائر القرار الفرنسي إلى محاولة فك طلاسم الخطاب، عبر تواصل فرنسي مباشر بواسطة القنوات الدبلوماسية المعتمدة مع حزب الله، ومن خلال محيطين بالحزب لسؤالهم عن الأسباب وراء التهديد.عملياً، تخشى فرنسا، و«توتال» ضمناً، من أيّ تصعيد محتمل. لذلك، بدت أكثر اهتماماً في فهم أبعاد خطاب نصر الله، وبإيصال رسائل تطمين حول أنشطتها جنوباً. وتؤكد المعلومات أن الشركة الفرنسية التي زار وفد رفيع منها بيروت الأسبوع الماضي، كانت مهتمة بإبداء رغبتها في العمل «بشكل منتظم» ضمن الحقول اللبنانية. وأطلعت الشركة المسؤولين اللبنانيين أنها ماضية في الإجراءات التقنية المتعلقة ببدء الأعمال التمهيدية للاستكشاف والتنقيب في حقل قانا المحتمل الواقع ضمن البلوك 9، وقد أنجزت تقريباً كلّ الأمور المتعلقة باختيار «مشغل حفر» ليبدأ أعماله في الربع الأخير من العام الجاري، وفقاً للجدول الزمني الذي وضعته هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان، وللجدول الذي سلّمته الشركة الفرنسية إلى وزير الطاقة وليد فياض عقب توقيع التفاهم على ترسيم الحدود البحرية.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد راسلت «توتال» نحو 12 شركة متخصصة بالحفر والتنقيب في المياه العميقة، وقد أبدت خمس شركات (ثلاث منها أميركية أو مسجلة في الولايات المتحدة) اهتماماً وقدّمت عروضاً في هذا الشأن، هي: Valaris PLC (تمتلك 56 حفارة، 11 منها تعمل في المياه العميقة)، Noble Corporation (تشغل 24 حفارة من بينها 8 سفن حفر و4 منصّات شبه غاطسة في المياه العميقة)، Transocean INC (37 وحدة حفر بحرية من بينها 27 عائمة فوق المياه العميقة)، Odfjell Drilling (نرويجية، تمتلك 10 حفارات)، Saipem Drilling (متعددة الجنسيات تملك «إيني» الإيطالية 30% من أسهمها).
5 شركات أميركية وأوروبية مستعدّة لتولّي الحفر بين أيلول ونهاية السنة


نظرياً، يفترض أن ترسو مناقصة «توتال» على واحدة من الشركات الخمس لتولي أعمال الحفر والتنقيب في حقل قانا، مع توقعات بأن ترسو المناقصة على إحدى الشركات الأميركية لخبرتها الطويلة في هذا المجال. ويتوقع أن تُعلن الشركة الفرنسية النتائج الشهر الجاري.
في الشق العملي، حددت «توتال» مبدئياً المكمن الأول الذي ستُباشر حفره خلال موعد (يحدد لاحقاً) ضمن مهلة أيلول - تشرين الثاني 2023، بعدما أنجزت مسح الأثر البيئي في المنطقة المستهدفة. وبحسب معلومات «الأخبار»، سيكون موقع البئر الاستكشافية الأولى في الجزء الجنوبي من حقل قانا، شمال خط الحدود الرقم 23 ويبعد عنه بين 6 و7 كلم، أدرجته «توتال» تحت اسم Saydon South-01، ويتوقع أن تستغرق أعمال الحفر بين 3 و4 أشهر. بعدها يفترض تقييم موجودات البئر، وفي حال تبيّن توفّر كميّات تجارية كافية، ستعمل الشركة على حفر بئر ثانية، ما يعني إعادة إطلاق مناقصة لتأمين شركة تتولى أعمال الحفر، ثم حجز موعد وانتظار وصول الحفارة. وتبرز هنا إشكالية تتعلّق بالجوانب التقنية للاتفاق الموقّع بين الدولة اللبنانية والشركة الفرنسية عام 2018، الذي يتحدث عن حفر بئر واحدة فقط، ما يوجب تعديله.
إلى ذلك، تؤكد مصادر مطّلعة أن العدو الإسرائيلي يضغط على «توتال» لإقناع الجانب اللبناني بتغيير اسم الحقل الغازي المحتمل الواقع في البلوك 9 بحيث يصبح «حقل تيروس Tyros» بدلاً من «حقل قانا»، وهي كلمة إغريقية قديمة تعني «صور»، مع الإشارة إلى أن العدو، طوال فترة المفاوضات غير المباشرة التي خيضت في الناقورة عام 2020، كان يرفض إطلاق تسمية «قانا» على الحقل ويُصرّ على تسميته «حقل صيدا».