رحل الرئيس رفيق الحريري، واعتكف الرئيس سعد الحريري، إلا أن صورتيهما لا تزالان معلقتين في صدر قاعة مقر اتحاد جمعيات العائلات البيروتيّة. لكن، فعلياً، لم يبق منهما إلا صور قديمة وذكرى لنفوذٍ خفت، حتّى يكاد يختفي.مع غياب «الحريريّة السياسيّة» التي أنتجت سابقاً انتخابات بـ«المونة» داخل الاتحاد من دون مُراجعة النظام الداخلي، بات أعضاء الهيئة العامّة مُلزمين بالعودة إلى القانون. إلا أنه في اجتماع الهيئة الذي عُقد أمس لتحديد موعد لانتخاب هيئة إداريّة جديدة، بدا أن كثيرين يجهلون المواد القانونيّة.
لذلك، استبق رئيس اللجنة القانونيّة ماجد دمشقيّة اتخاذ أي قرار بالسؤال عمّا إذا كان النصاب مؤمّناً ليتبيّن أن لا نصاب (مع حضور 114 عضواً من أصل 128)، فيما حميَ النقاش بين من أشار إلى أنّ الجلسة الثانية لا تحتاج إلى نصاب ومن أكّد أنّها تحتاج إلى نصاب الثلثين.
النقاش القانوني نفسه استحضر لدى الحديث عن المهل القانونيّة التي يجب مراعاتها في الدعوة إلى الانتخابات؛ بين رافضين لتأجيل الانتخابات إلى ما بعد شهر رمضان احتراماً للمهل، ومتمسكين بتطبيق النظام الداخلي. عضو الهيئة الإداريّة نسيمة الطبش التي قالت: «هل تُريدون تطبيق القانون أم لا؟ القانون لا يُطبّق إلا دوغما»، مؤكّدةً أنّ النظام الداخلي ينص على ضرورة الدعوة إلى انتخابات مع احترام المهل، أي بعد 40 يوماً من اليوم». في حين علت مطالبات بسؤال وزارة الداخلية والبلديات عن المهل، قبل أن يأتي الجواب واضحاً بأن النظام الداخلي «معروف»!
هذا الواقع اختصره دمشقيّة حينما ذكّر الحاضرين بـ«أنّنا اعتدنا على وجود الحريري الأب الذي أسس الاتحاد ثم الحريري الابن. الاثنان كانا يرعيان التوافق داخل الاتحاد، وكنا نراعي هذا التوافق بمن في ذلك العائلات التي كانت تعترض. لكن، اليوم، لا مرجعيّة سياسيّة للاتحاد سوى النظام حتّى إشعار آخر».
ومع ذلك، لم يؤخذ بكل الكلمات التي دعت إلى احترام النظام الداخلي وتحديداً لجهة الالتزام بالمهل القانونيّة. فبعد أكثر من ساعةٍ كاملة من النقاش بين الحاضرين، اقترح عضو اللجنة القانونيّة محمّد خالد الكردي الذهاب نحو الانتخابات قبل انتهاء ولاية الهيئة الإدارية (17 آذار المقبل) مع تقصير المهل لمرة واحدة فقط «باعتبار أن الهيئة العامة هي سيدة نفسها»، علماً أنّ الكردي نفسه كان قد وقّع على قرار اللجنة القانونيّة بعدم إمكانيّة الذهاب إلى الانتخابات التي كانت مقررة الجمعة الماضي لعدم مخالفة القانون!
يفتقد الاتحاد إلى «المَوْنة» الحريرية التي كانت تحول دون عدم التوافق


في المقابل، يعتقد البعض أنّ «كبّ» الكردي اقتراح الدعوة إلى الانتخابات في 17 آذار من دون فتح باب الترشيح من جديد لم يكن عفوياً، بل كان تعبيراً عن رغبة «تريو الرؤساء»، أي رئيس الاتحاد الحالي محمّد عفيف يمّوت والرئيسين السابقين محمّد خالد سنو ومحمد أمين عيتاني، خصوصاً أن «الجميع يعرف مدى علاقته بهم». وعليه، يظن معارضو اقتراح الذهاب نحو انتخابات خلافاً للنظام الداخلي أن «طبخة» يحضّرها الـ«تريو»، متخوّفين من إمكانية الطعن في العمليّة الانتخابيّة في حال خسر أحد الفريقين.
مع تحديد موعد الانتخابات، يتحضّر من أطلقوا على أنفسهم اسم «الحركة التصحيحيّة - الإصلاحيّة» للمشاركة في الانتخابات، مشدّدين على أنّهم الأقوى ويمتلكون أصوات أكثر من نصف الهيئة الإداريّة، خصوصاً بعدما تردّد أنّ قياديي «المستقبل» والمحسوبين عليه داخل «الاتحاد» سيقفون معها.
في حين يتحدّث آخرون عن مبادرات توافق تُطرح وإمكانيّة الاتفاق حول اسم واحد يُعتقد أنّه عبد القادر سنو، وإن كانت المعلومات تؤكّد أنّ ترشيح سنو غير قانوني باعتبار أنّه تقدّم بأوراق ترشّحه بعد انتهاء المهلة القانونيّة. وهو ما حصل أيضاً مع الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف سمير حمود الذي كان الاسم الأكثر تداولاً، لعدم تمكّنه من استكمال أوراقه قبل انتهاء المهلة.