قرّرت جمعيّات المودعين تصعيد تحرّكاتها معلنة الحرب على المصارف في يوم غضب شهد محاولات حرق بضعة مصارف وتكسير واجهاتها. وجاء هذا التصعيد بعدما أغلقت المصارف أبوابها أمام الزبائن، وأبقت الصرافات الآلية قيد العمل، احتجاجاً على الإجراءات القضائية التي اتّخذت بحقّ عدد من المصارف ورفع السرية المصرفية عن حسابات رؤساء مجالس الإدارات فيها.انطلقت التحرّكات بدعوة من جمعية «صرخة المودعين» وبمشاركة جمعيّة «أموالنا لنا». حافظ المنظمون على سرية الأهداف لكسب خطوة أمام القوى الأمنيّة. أيضاً استطاعوا التخلّص من ملاحقة القوى الأمنية لهم تحت جسر البربير بعد إيهام متعقبيهم بأنّهم يتوجّهون نحو العدليّة. هكذا نجحوا في بلوغ شارع بدارو حيث عمدوا مباشرةً إلى إشعال الإطارات أمام مصرفيّ «عوده» و«فرنسبنك» وتكسير واجهة المصرفين. ومع بدء وصول القوى الأمنيّة وانشغالها بالسّيطرة على الحريق وقطع الطرقات المجاورة، توجّه المشاركون إلى الشارع الموازي حيث يوجد فرعان لبنك «بيبلوس» وبنك «الاعتماد اللبناني» فحطّموا واجهاتهما وأحرقوا مدخل الثّاني. لاحقاً انتقلوا إلى سن الفيل حيث يقع منزل رئيس جمعيّة المصارف سليم صفير. في محيط القصر كان هناك عنصران من القوى الأمنيّة اكتفوا بالمراقبة من وراء التحصينات الهائلة التي تحمي قصر صفير وسوره الذي تعلوه أسلاك شائكة.
غالبية الذين شاركوا في التحرّك هم من كبار السن، وعددهم لم يزد على المئة. واللافت، أن عناصر الجيش لم تتدخل في كبح جماح الغاضبين وبقوا على مسافة بعيدة من عمليات التكسير. بالعكس، عندما حضرت القوى الأمنية، تّدخلت بشكل «ودود» لتهدئة الأمور من دون أي تعرّض للمتظاهرين. لكن تحديد الأهداف، لم يحصل بشكل عشوائي، بل كان مخططاً له، إذ يشير أحد المشاركين إلى قرار بالابتعاد عن فروع المصارف في الأحياء المكتظة.
وبحسب خليل برمانا، أحد منظّمي التّحرك، فإن الخطوة جاءت ردّاً على إقفال المصارف في حركة مشابهة لما حصل بعد أحداث 17 تشرين. ويلفت برمانا إلى أن الدافع لهذا التحرّك هو أن الودائع ضاعت بين المصارف وبين «الحرامي الأكبر» رياض سلامة، قائلاً: «مكملين، بدنا أرواحهم». ويروي طلال، وهو مودع لبناني يعمل كمندوب مبيعات، قصّة معاناته التي دفعته إلى المشاركة في هذا التحرّك، إذ عانى الأمرين لعقود في السّعودية حتى يدخّر مبلغاً من المال وضعه في أحد المصارف بعد عودته إلى لبنان عام 2018 و«انجذابه» إلى الفوائد العالية على ودائع اللّيرة.