بعد أشهر قليلة، تُطفئ «إرادة» شمعتها العاشرة. قليلون يعرفون عن هذه الجمعيّة أكثر ممّا تعلن عنه على موقعها الإلكتروني أو توزّعه من أخبار على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وهي تضمّ مجموعة من رجال الأعمال بهدف: «ربط بعضهم ببعض لتوسعة أعمالهم وزيادة فعاليتهم، وبناء تجمع اقتصادي واجتماعي رائد يهدف إلى خدمة مجتمعنا وتعزيز هويته». ولهذه الغاية أنشأت «سوق إرادة»، وهو تطبيق هاتفي لـ«تداول السلع والخدمات وعرض فرص الأعمال والتوظيف والخدمات المختلفة»، بهدف «إعطاء الأفضلية في المعاملات التجارية لأعضاء الجمعية» التي أنشأت، أيضاً، لجاناً متخصصة في مجالات مختلفة، كالشؤون الطبية والشبابيّة والتربوية.لنحو عقد، بقيت الجمعية «في العتمة»، متمسّكة بـ«النأي عن الأمور السياسيّة والحزبية». لكنها، منذ أشهر، بدأت تخرج إلى الضوء، ومعها طموحات سياسية، باتت أمراً مشروعاً منذ أن شقّ رجل الأعمال رفيق الحريري طريقه إلى زعامة السُّنة في لبنان. المفارقة، أن هذه الطموحات ما كانت ربما لتبرز لولا غياب تيار المستقبل واعتكاف الرئيس سعد الحريري.
تتألّف «إرادة» التي تضم نحو 400 شخص من رجال أعمال سُنّة غالبيّتهم «بيارتة»، يؤكّد مطّلعون أنهم ممن يدورون في فلك الجماعة الإسلامية وجمعية الإرشاد والإصلاح، من بينهم، مثلاً، عضو مجلس بلديّة بيروت مغير سنجابة الذي ترشّح باسم «الجماعة». أضف إلى ذلك، أن أعضاء الجمعية لم يدعموا في الانتخابات النيابية الماضية عضو هيئتها الإدارية مازن شبارو الذي ترشّح على لائحة «بيروت بدها قلب» برئاسة النائب فؤاد مخزومي، وصبّوا أصواتهم لنائب «الجماعة» في بيروت عماد الحوت. وفي البقاع الغربي، دعموا النائب ياسين ياسين «الإخواني الهوى» الذي انضمّ اليهم بعد وصوله إلى المجلس، وأقام له «فرع أميركا» في «إرادة» استقبالاً حاشداً نهاية العام الماضي.
ورغم نفي قياديين في الجماعة أي علاقة بالجمعيّة تؤكّد المصادر أن «إرادة» تضم «أغنياء الجماعة»، ممن يعملون على استقطاب البيارتة عبر مساعدات دوريّة لبعض أبناء العاصمة. ويشير هؤلاء إلى أنها «أقرب إلى النموذج التركي في عالم الاقتصاد مع إسلام معتدل ومُنفتح»، وتربط المنتسبين إليها، خصوصاً من يملكون أعمالاً في الخارج، علاقات جيدة مع كثير من الدول الخليجيّة والغربيّة، أبرزها قطر التي حضر سفيرها في بيروت إبراهيم بن عبد العزيز السهلاوي العشاء السنوي لـ «إرادة» قبل أسبوعين. في حين كان لافتاً غياب أي تمثيل سعودي، رغم أن دعوة أُرسلت إلى السفارة السعوديّة في بيروت ووعدت الأخيرة بتلبيتها. علماً أن بعض القياديين في «إرادة» يتمتّعون بعلاقاتٍ «مميزة» مع المملكة.
تقديم «نموذج تركي» في عالم الاقتصاد مع إسلام معتدل ومُنفتح


خلال العشاء الذي ضمّ حشداً سياسياً، برعاية رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحضوره إلى جانب الرئيسين تمّام سلام وفؤاد السنيورة، برزت بوادر تحوّل «إرادة» إلى «لوبي سني». وهي بدأت فعلاً، في المرحلة الأخيرة، «التدخل» في الشأن السياسي عبر زيارة منتسبين إليها مجلس النواب أخيراً للتضامن مع النواب المعتصمين في قاعته، بتشجيع من ياسين ياسين، إضافة إلى الضغط لترشيح أحد مؤسسيها، عبدالله شاهين، لرئاسة اتحاد جمعيات العائلات البيروتيّة، قبل أن يعلن الأخير عدم رغبته في الترشّح. بحسب المصادر، ليس كل المنتسبين إلى «إرادة» يهتمّون للأمور السياسية، إلا أنّ من «يكمش» الأمور الداخلية والعلاقات السياسية للجمعية هما الرجلان الأقوى فيها: رئيسها عبد السميع الشريف وأمين السر وممثل الجمعية لدى الحكومة المحامي عبد العزيز جمعة.