تطور بارز مرتقب في قضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تمثّل في معلومات تؤكد أن المحامي العام القاضي رجا حاموش سيتولى رسمياً الادعاء على الحاكم ومن يظهره التحقيق في جريمة اختلاس المال العام وتبييض أموال. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن حاموش، وهو الأعلى درجة والأكبر سناً بعد القاضي زياد أبو حيدر الذي تمت تنحيته عن الملف، سيكون ملزماً تنفيذ قرار رئيسه النائب العام التمييزي غسان عويدات بالادعاء على سلامة وفق الملف الذي أعدّه القاضي جان طنوس في أيار الماضي.إجرائياً، يفترض بحاموش ممارسة الادّعاء وإحالة الملف مباشرة إلى قاضي التحقيق، لكن لم يعرف إذا كان بإمكانه تعديل الملف المرفق وتغيير طبيعة الادعاء، وهو أمر ستكون له انعكاساته، خصوصاً أن تحويل الملف إلى قاضي تحقيق لبناني سيفتح الباب أمام تعامل مختلف مع الطلبات الأوروبية بالتعاون القضائي، لأن قاضي التحقيق يمكنه تجميد التعاون مع الأوروبيين إلى حين الانتهاء من الاطلاع على الملف، وتأخير أي تعاون حتى إنجاز عمله.
أمر آخر يفترض أن يكون عنواناً رئيسياً في عمل قاضي التحقيق يتعلق بوضعية حاكم مصرف لبنان، إذ يمكنه بناء على طلب الدولة اللبنانية تعيين حارس قضائي على مصرف لبنان لحفظ الأدلة، وبالتالي منع الحاكم وفريقه من ممارسة أي أعمال في المصرف ريثما تعمد السلطات المعنية إلى تعيين بديل. ومسألة الحارس القضائي صارت مطروحة في ضوء المعلومات عن قرار لدى أمل وحزب الله بالطلب من النائب الأول للحاكم وسيم منصوري الاستقالة في حال تمت تنحية سلامة من دون بديل عنه، ما يفتح الطريق أمام تعيين حارس قضائي لأنه لا يوجد نص في قانون النقد والتسليف يحدد هوية من يتولى أعمال الحاكم بعد شغور منصبي الحاكم ونائبه الأول.

التحقيقات وغداء عمل
إلى ذلك، تواصلت التحقيقات الأوروبية في لبنان أمس مع مسؤولين مصرفيين، فيما ظهرت مؤشرات مقلقة حول تدخل فرنسي يتجاوز البعد القضائي في ملف تفجير مرفأ بيروت. خصوصاً أن الوفد القضائي الفرنسي العامل على ملف المرفأ جاء بصيغة ملتبسة، وحاول المعنيون في باريس وبيروت التغطية على وجوده بـتذويبه» ضمن الوفد القضائي والجنائي الأوروبي الذي يحقق في ملف سلامة.
واستمع الوفد القضائي الأوروبي أمس إلى النائب الأول السابق لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين ومسؤول عمليات القطع في مصرف لبنان نعمان ندور، وسيستمع اليوم إلى المدير العام لبنك عودة سمير حنا وغداً لرئيسة مجلس إدارة بنك البحر المتوسط ريا الحسن، على أن يتم الاستماع إلى آخرين الأسبوع المقبل.
وبحسب المعلومات، فإن الوفود الأجنبية تتوزع المهام. إذ يركز الجانب الألماني على الاطلاع على أوراق الملف الخاص بالحاكم لدى النيابة العامة التمييزية. وقد التقى الوفد حاموش مرات عدة واطلع على تفاصيل الملف، وحاول الألمان الحصول على نسخة كاملة من الملف، بل إن بعض المحققين حملوا معهم كاميرا للمسح الطبقي تتيح تصويراً سريعاً لكل أوراق الملف، لكن القاضي حاموش ذكّر بأن الاتفاق يقضي بالاطلاع وتسجيل ملاحظات على أن يُرسل لاحقاً طلب إلى النائب العام التمييزي غسان عويدات يحدد المستندات التي يريد الوفد نسخاً منها، على أن يعود القرار للبنان. وحاول الجانب الألماني الاحتيال وممارسة ضغوط عبر اتصالات أجراها السفير الألماني في لبنان أندرياس كيندل متحدثاً بلغة فوقية ومحاولة فرض الأوامر والتلطي خلف اتفاقات دولية للقول بأنه يحق لوفد بلاده أخذ نسخة عن كامل الملف، علماً أن الوفد الألماني الذي يضم فريقاً من النيابة العامة في ميونيخ يعمل على التثبت من تحويلات مالية معينة تم من خلالها شراء وبيع عقارات في ألمانيا، وهو ما لا يستوجب الحصول على كامل أوراق الملف.
دعا المحققون النائب السابق للحاكم إلى غداء بعد انتهاء الاستماع إليه


في المقابل يتولى وفد مشترك من فرنسا وألمانيا ولوكمسبورغ الاستماع إلى شخصيات مصرفية وإدارية وموظفين عامين، وأن قاضية التحقيق الفرنسية أود بورسي التي أصدرت قراراً بالحجز على أملاك سلامة هي من يقود التحقيقات المباشرة ويتولى توجيه الأسئلة بواسطة القاضية ميرنا كلاس، فيما يتولى بقية الأعضاء تدوين الإجابات. وتفيد المعطيات بأن أسئلة الوفد الأوروبي تطابق في غالبيتها الأسئلة التي سبق أن وجهت إلى الأشخاص أنفسهم من قبل القاضي جان طنوس. ويبدو من الأسئلة أن الجانب الفرنسي سبق أن اطلع على تفاصيل التحقيقات اللبنانية، وهو أمر غير مبرر لأنه لم يجر بصورة رسمية، وهو ما ظهر واضحاً من تكرار بعض الأسئلة للتثبت من أقوال المستمع إليهم، وكأن هناك تشكيكاً في التحقيقات اللبنانية. كما تبين أن الوفد الأوروبي يملك وثائق خاصة صادرة عن مصرف لبنان حاول الإيحاء بأنها ليست من أوراق التحقيق اللبناني.
ومع أن الفريق الأوروبي يكرر محاولاته الحصول على نسخة كاملة من كشوفات حسابات رجا سلامة التي سلمتها المصارف إلى القضاء، تظهر التحقيقات ميلاً أوروبياً إلى التعرف على تفاصيل تتجاوز القضية نفسها. ولدى استفسار قضاة لبنانيين من الجانب الأوروبي عن المهمة وطبيعتها أجاب الفرنسيون بأن الهدف الحصول على معطيات حول مصارف أو شخصيات أوروبية. علماً أنه سبق للبنان أن أطلع الجانب الأوروبي على عمليات تبييض تمت من خلال مصارف وشخصيات أوروبية، فيما لم يطلع القضاء الأوروبي نظيره اللبناني على التحقيقات التي أجراها مع هؤلاء، ولم يحصل لبنان على نسخة عن الملف بخلاف ما يحصل مع القضاء اللبناني.
اللافت أن المحققين الأوروبيين لم يكتفوا بالجلسات الرسمية، إذ تبين أنه بعد الانتهاء من الاستماع إلى النائب السابق لحاكم مصرف لبنان سعد العنداري، دعاه بعض أعضاء الفريق إلى الغداء، وهو أمر مستغرب وخارج مهمة الوفد، ما زاد الشكوك حول أهداف أخرى غير ملف التحقيقات مع سلامة.



ضغط أميركي في الكونغرس والخارجية
بعدَ طلب السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا البتّ في مصير مسؤول أمن المرفأ محمد زياد العوف الذي يحمل الجنسية الأميركية، إثر ممارسة عائلته ضغوطاً على أعضاء في الكونغرس الأميركي للتدخل لإطلاق سراحه، لجأ أعضاء في الكونغرس إلى تحريك لجنة نيابية أميركية تعنى بالرهائن الأميركيين خارج الولايات المتحدة، للتعامل مع قضية العوف على أنه رهينة. ووجّه الأعضاء داريل عيسى ودارين لحّود وديبي دينغل، من لجنة الصّداقة الأميركيّة - اللّبنانيّة، رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حضّوا فيها الإدارة على «المساعدة في إنهاء الجمود (الذي يحيط بالقضية) من خلال استخدام أدوات ديبلوماسية إضافية لمحاسبة من يواصلون عرقلة العملية الديموقراطية في لبنان»، ودعت الرسالة إلى «ضرورة دعم الدولة (اللبنانية) واستقلالية القضاء خارج النفوذ الخبيث لطرف ثالث.


البرلمان البلجيكي: توصية بالعقوبات
صوّتت لجنة الشؤون الخارجية (تمثل كل الأحزاب) في البرلمان البلجيكي، أمس، بالإجماع على مشروع قرار تقدم به النائب البلجيكي مالك بن عاشور بشأن الجرائم المالية ومحاربة الفساد في لبنان. القرار الذي ذكر في الأسباب الموجبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ودعم التحقيق في انفجار المرفأ، أوصى الحكومة البلجيكية بإعداد لائحة بالأشخاص الملاحقين في قضايا فساد مالي في لبنان وأوروبا وتطبيق عقوبات بلجيكية وأوروبية في حقهم. وأفاد «المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان» بأن «القرار يعد سابقة وله قيمة القانون». واعتبر بن عاشور بعد الجلسة أن «السرقة الممنهجة للمال اللبناني من قبل طبقة سياسية مالية يجب أن تتوقف». وأكد أن القرار يمهد الطريق لعقوبات أوروبية ضد الجناة ويفتح الباب لفرض عقوبات على الأشخاص الملاحقين بتهم الفساد في لبنان وأوروبا.