انضم لبنان إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم 33 تاريخ 16/10/2008. وتنطبق أحكام هذه الاتفاقية على منع الفساد والتحري عنه وملاحقة مرتكبيه، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المجرّمة وفقاً لهذه الاتفاقية. ورغم أنه ليس في هذه الاتفاقية ما يبيح للدولة الطرف أن تقوم في إقليم دولة أخرى بممارسة الولاية القضائية وأداء الوظائف التي يناط أداؤها حصراً بسلطات تلك الدولة بمقتضى قانونها الداخلي، إلا أنها تضمّنت فصلاً كاملاً يحمل عنوان «التعاون الدولي»، ويتناول أصول الاستنابة القضائية التي تلزم الدول المتعاقدة بالتعاون وتقديم أقصى مساعدة ممكنة، في سبيل تحقيقاتها في إطار مكافحة الفساد. وقد حددت الاتفاقية المعطيات التي يقتضي أن يتضمّنها طلب المساعدة القانونية.


ما هي الاستنابة القضائية؟
الاستنابة القضائية هي طلب أو أمر تصدره جهة قضائية، في معرض تحقيق تقوم به، تطلب بموجبه من جهة أخرى مباشره إجراء قضائي معيّن تحت إشرافها. وقد تكون الإنابة القضائية محليّة أو خارج الدولة. إذ يمكن للسلطة القضائية في دولة أن تتوجّه باستنابة قضائية إلى السلطة المختصة في دولة أخرى لتطلب منها أن تجري، ضمن نطاق صلاحيتها، عملاً تحقيقياً أو غيره من الأعمال القضائية. ويُنظّم هذا الأمر بموجب اتفاقيات ثنائية بين دولتين أو بموجب معاهدات دولية.

هل بإمكان المعاهدات الدولية أن تتعارض مع أحكام القانون اللبناني؟
ينصّ قانون أصول المحاكمات المدنية على أن المعاهدات الدولية تتقدم في مجال التطبيق على أحكام القانون العادي، وذلك عند تعارض أحكامهما، بموجب نص المادة الثانية من قانون أصول المحاكمات المدنية الصادر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 90 الصادر في 16 أيلول سنة 1983. كما تعدّ المعاهدات والاتفاقيات الدولية الملحقة بالقانون جميع نصوص المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتضمّنة قواعد خاصة بأصول المحاكمة أو باختصاص محاكم أو مراجع قضائية أو بأصول التنفيذ أو قواعد إثبات، وذلك وفقاً للمادة 1032 من القانون نفسه.

هل يمكن أن تكون للدولة ولاية قضائية على جرائم الفساد الحاصلة خارج أراضيها؟
تشمل الجرائم الأصلية الجرائم المرتكبة داخل الولاية القضائية للدولة الطرف المعنية وخارجها. غير أن الجرائم المرتكبة خارج الولاية القضائية للدولة الطرف لا تمثّل جرائم أصلية، إلا إذا كان السلوك ذو الصلة يعدّ فعلاً إجرامياً بمقتضى القانون الداخلي للدولة التي ارتكب فيها، وكان من شأنه أن يعدّ فعلاً إجرامياً بمقتضى القانون الداخلي للدولة الطرف التي تنفّذ أو تطبّق هذه المادة لو كان قد ارتكب هناك.

هل يمكن لقاضٍ لبناني أن يقرر استنابة قاضٍ أجنبي لاتخاذ إجراء تقتضيه المحكمة اللبنانية؟ وهل يجوز للمحاكم الأجنبية إنابة محكمة لبنانية؟
رغم أن إجراءات الإثبات تخضع لقانون القاضي، إلا أنه يعتدّ بإجراءات الإثبات التي تمّت في الدولة الأجنبية إذا كانت مطابقة لأحكام القانون اللبناني، وإن كانت مخالفة للقانون الأجنبي. ومن الجائز إنابة محكمة أجنبية لاتخاذ إجراءات إثبات يقتضيها نظر الدعوى. كما يجوز استنابة محكمة دولية أجنبية للقيام باستجوابه ويجوز للمحاكم الأجنبية إنابة المحاكم اللبنانية بإجراء عمل تحقيقي أو أي عمل قضائي آخر.



هل يقتضي أن يوافق لبنان على الاستنابات القضائية؟
الدول ملزمة بالتعاون مع السلطات القضائية في الدول الأخرى، ولا سيّما تلك التي تربطها معها اتفاقيات ثنائية أو التي ترتبط في ما بينها بموجب معاهدات دولية.

ما هي أصول التعاون الدولي في إطار مكافحة الفساد؟
تتعهد الدول الموقّعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، بما فيها لبنان، بالتعاون الدولي وفقاً لأحكام الفصل الرابع من الاتفاقية، ولا سيّما:
• بمساعدة بعضها البعض، في التحقيقات والإجراءات الخاصة بالمسائل المدنية والإدارية ذات الصلة بالفساد.
• المساعدة القانونية المتبادلة في التحقيقات والملاحقات والإجراءات القضائية المتصلة بالجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية.
• بتسليم المجرمين وإلا يجب عليها القيام، بناءً على طلب الدولة الطرف التي تطلب التسليم، إحالة القضية دون إبطاء لا مسوّغ له إلى سلطاتها المختصة بقصد الملاحقة، أو أن تنظر، بناءً على طلب من الدولة الطرف الطالبة، في إنفاذ العقوبة المفروضة بمقتضى القانون الداخلي للدولة الطرف الطالبة أو ما تبقى منها.
• تبادل المعلومات التي تساعد على القيام بالتحريات والإجراءات الجنائية.

ما هي أوجه المساعدة القانونية المتبادلة في إطار مكافحة الفساد والتي يقتضي أن تقدمها الدول الموقعة على الاتفاقية؟
يجوز لكل دولة موقعة على الاتفاقية «طلب المساعدة القانونية المتبادلة» في إحدى الحالات الآتية:
1- الحصول على أدلّة أو أقوال أفراد
2- تبليغ المستندات القضائية
3- تنفيذ عمليات التفتيش والحجز والتجميد
4- فحص الأشياء والمواقع
5- تقديم المعلومات والمواد والأدلة وتقييمات الخبراء
6- تقديم أصول المستندات والسجلات ذات الصلة، بما فيها السجلات الحكومية أو المصرفية أو المالية أو سجلات الشركات أو المنشآت التجارية، أو نسخ مصدقة منها
7- تحديد العائدات الإجرامية أو الممتلكات أو الأدوات أو الأشياء الأخرى أو اقتفاء أثرها لأغراض إثباتية
8- تيسير مثول الأشخاص طواعية في الدولة الطرف الطالبة
9- أيّ نوع آخر من المساعدة لا يتعارض مع القانون الداخلي للدولة الطرف متلقّية الطلب
10- استبانة عائدات الجريمة وتجميدها واقتفاء أثرها
11- استرداد الموجودات

ما هي المعطيات التي يقتضي أن يتضمنها طلب المساعدة القانونية؟
يقتضي أن يتضمن طلب المساعدة القانونية المتبادلة:
1. هوية السلطة مقدمة الطلب
2. موضوع التحقيق وطبيعته، أو الملاحقة أو الإجراء القضائي الذي يتعلق به الطلب، واسم ووظائف السلطة التي تتولى التحقيق أو الملاحقة أو الإجراء القضائي
3. ملخصاً للوقائع ذات الصلة بالموضوع، باستثناء ما يتعلق بالطلبات المقدمة لغرض تبليغ مستندات قضائية
4. وصفاً للمساعدة الملتمسة وتفاصيل أيّ إجراءات معيّنة تودّ الدولة الطرف الطالبة اتباعها
5. هوية أي شخص معني ومكانه وجنسيته
6. الغرض الذي تلتمس من أجله الأدلة أو المعلومات أو التدابير
ويجوز للدولة متلقّية الطلب أن تطلب معلومات إضافية عندما يتبيّن أنها ضرورية لتنفيذ الطلب.
بإمكان الدولة رفض تقديم المساعدة القانونية إذا رأت أن تنفيذ الطلب قد يمسّ بسيادتها أو أمنها أو نظامها العام أو مصالحها الأساسية


هل يستمع القاضي الأجنبي مباشرة إلى الشاهد المطلوب الاستماع إليه؟
عندما يكون شخص ما موجوداً في إقليم دولة طرف ويراد سماع أقواله، كشاهد أو خبير، أمام السلطات القضائية لدولة الطرف الأخرى، يجوز للدولة أن تسمح، بناءً على طلب الدولة الأخرى، بعقد جلسة الاستماع عن طريق الائتمار بواسطة الفيديو، إذا لم يكن ممكناً مثول الشخص المعني شخصياً في إقليم الدولة الطرف الطالبة. ويجوز للدولتين الطرفين الاتفاق على أن تتولى إدارة جلسة الاستماع سلطة قضائية تابعة للدولة الطرف الطالبة وأن تحضرها سلطة قضائية تابعة للدولة الطرف متلقية الطلب.

هل يمكن رفض تقديم المساعدة القانونية؟
بإمكان الدولة رفض تقديم المساعدة القانونية المتبادلة في الحالات الآتية:
• إذا لم يقدم الطلب وفقاً للأصول المحددة في الاتفاقية
• إذا رأت الدولة أن تنفيذ الطلب قد يمسّ بسيادتها أو أمنها أو نظامها العام أو مصالحها الأساسية الأخرى
• إذا كان القانون الداخلي للدولة الطرف متلقّية الطلب يحظر على سلطاتها تنفيذ الإجراء المطلوب بشأن أي جرم مماثل، لو كان ذلك الجرم خاضعاً لتحقيق أو ملاحقة أو إجراءات قضائية في إطار ولايتها القضائية
• إذا كانت تلبية الطلب تتعارض مع النظام القانوني للدولة الطرف متلقّية الطلب في ما يتعلق بالمساعدة القانونية المتبادلة.
ويجوز للدولة الطرف متلقية الطلب أن ترجئ المساعدة القانونية المتبادلة بسبب تعارضها مع تحقيقات أو ملاحقات أو إجراءات قضائية جارية.

هل هناك اتفاقيات أخرى تلزم لبنان التعاون في إطار التحقيقات التي تجريها دول أجنبية؟
هناك العديد من الاتفاقات الدولية ذات البعد العالمي أو الإقليمي أو الاتفاقات الثنائية التي وقّعها لبنان، والتي تنصّ على وجوب تعاون الدول الأطراف لتحقيق أقصى تعاون قضائي. ومنها ما تنصّ عليه الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب التي انضم إليها لبنان بموجب القانون 53/2015، على الدول الأطراف أن تتبادل أكبر قدر من المساعدة القانونية في ما يتعلق بأي تحقيقات أو إجراءات جنائية أو إجراءات تسليم تتصل بالجرائم المبينة فيها. وكذلك بموجب الاتفاق العربي لـمكافحة الإرهاب، علماً أنه بموجب قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب القانون رقم 44 تاريخ 24/11/2015 وقانون مكافحة تبييض الأموال والقانون رقم 318 تاريخ 20/04/2001، يحقّ لرئيس «هيئة التحقيق الخاصة»، أو لمن ينتدبه، أن يخابر مباشرةً السلطات اللبنانية أو الأجنبية كافة (القضائية والإدارية والمالية والأمنية) بغية طلب معلومات أو الاطلاع على تفاصيل التحقيقات التي أجرتها حول الأمور المرتبطة أو المتصلة بتحقيقات تجريها «الهيئة». وعلى السلطات اللبنانية المعنية أن تستجيب إلى طلب المعلومات فوراً دون الاعتداد تجاه «الهيئة» بأيّ موجب سرية، إلا أن اللبنانيين لم يلمسوا أيّ تحرك من هذه الهيئة.
الإجازة للحكومة الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المعتمدة من قِبل الجمعية العمومية بقرارها رقم 4/58 بتاريخ 31/10/2003: