حقّق الشّيخ محمد إمام فوزاً متوقّعاً بمنصب مفتي طرابلس والشّمال في الانتخابات التي جرت أمس في دار إفتاء طرابلس، ونجح في تثبيت نفسه مفتياً بالأصالة في منصب احتلّه بالوكالة مرتين: الأولى لنحو ثلاث سنوات بعد استقالة المفتي الأسبق الشّيخ طه الصابونجي عام 2005 لأسباب صحيّة؛ والثانية نحو سنتين بعد انتهاء ولاية المفتي السّابق مالك الشّعار عام 2020.وإمام هو المفتي الثامن لطرابلس منذ تأسيس هذا المنصب، وقد جاء انتخابه نتيجة توافق واسع حوله، فحصد 82 صوتاً، مقابل 28 صوتاً فقط لمنافسه الأول إمام مسجد السّلام الشيخ بلال بارودي المدعوم من النّائب أشرف ريفي.
أسباب عدة ساهمت في فوز المفتي إمام بمنصب «صاحب السّماحة»، أبرزها أنّه بقي طوال توليه مركزه بالوكالة بعيداً عن الاصطفافات السّياسية، ونسج علاقات جيدة مع كل الأطراف بلا استثناء، ما أبقاه إلى حد كبير على مسافة واحدة من الجميع. ولم يُسجّل عليه طوال الفترة الماضية إبداء أيّ موقف سياسي إلّا نادراً، مفضّلاً إيلاء الاهتمام لدار إفتاء طرابلس والشّمال.
كذلك استفاد إمام من انسحاب 3 مرشحين من السّباق الانتخابي، هم الشيخ أحمد المير الذي وجد أنّ «الانتخابات غير عادلة ولا يوجد فيها تكافؤ»، والشّيخ أحمد كمّون الذي انسحب لمصلحة بارودي، وأبرز المنافسين على المنصب قاضي المحكمة الشّرعية في طرابلس الشيخ سمير كمال الدين (مقرّب من النّائب فيصل كرامي) الذي انسحب لمصلحة إمام «إسهاماً في جمع الكلمة ووحدة الصف».
هكذا، راكم المفتي إمام تأييد غالبية أعضاء الهيئة الناخبة البالغ عددهم 134 عضواً، بدءاً من نوّاب ومشايخ وقضاة ورئيس بلدية طرابلس وأعضائها، فضلاً عن أعضاء في الهيئة النّاخبة من أقضية المنية وزغرتا والكورة والبترون ممن نسج إمام علاقات وطيدة معهم طيلة توليه منصب المفتي بالوكالة. النتيجة كانت متوقّعة منذ مساء الجمعة بعد اللقاء الموسّع الذي عقده أعضاء الهيئة النّاخبة في الضنّية، في حضور النّائبين جهاد الصمد وعبد العزيز الصمد، وقرروا فيه دعم إمام، إذ إنّ أصوات أعضاء الهيئة الناخبة في الضنّية تزيد على ثلث عدد أعضاء الناخبين. في اللقاء، طرح بعض الأعضاء توزيع الأصوات على المرشّحين، إلا أن النّائب الصمد دعا إلى عدم هدر الأصوات والاتفاق على رأي موحّد يلتزم الجميع به، وهو ما حصل بإعلان الأعضاء الالتزام بالتصويت لإمام، وانتدبوا وفداً زار إمام لإبلاغه بتأييدهم له. كما زار الوفد الشّيخ كمال الدّين قبل إعلانه الانسحاب من السباق.
الهيئة الناخبة في الضنية رجّحت كفة المفتي الجديد


وكانت دار إفتاء طرابلس غصّت باكراً بالموظّفين والمُكلّفين بالإشراف على عملية الانتخاب، وببعض أعضاء الهيئة النّاخبة، وألقى المشرف على الانتخابات نائب رئيس المجلس الشّرعي الإسلامي الأعلى الوزير السّابق عمر مسقاوي كلمة شدّد فيها على «أهمية انتخاب المفتي الذي يجب أن يكون ممثلاً للجميع، وأن يكون مفتياً جامعاً».
وإثر اكتمال النصاب للبدء بعملية التصويت، فُتحت صندوقة الاقتراع في بهو دار الإفتاء، واقترع 124 عضواً بينما تغيّب البقية لأسباب مختلفة. وبعد الاقتراع، نفى ميقاتي وجود اصطفافات سياسية في هذه الانتخابات، بينما أكد ريفي أنّه «ليس هناك أيّ تدخل خارجي أو سياسي في الانتخابات»، ردّاً على سؤال عن تدخّل سعودي.
وألقى المفتي المنتخب كلمة اعتبر فيها أنّ «نتيجة الانتخابات إعلان صريح بضرورة متابعة مسيرة رعاية شؤون ديننا وطائفتنا ووطننا، وأن نقوم جميعاً بما يفرضه علينا هذا المركز من موجبات».