تُضحك عبارة «التغيّر المناخي»، التي ساقها رئيس بلدية جونية جوان حبيش، ضمن أسباب طوفان المياه في منطقة كسروان أول من أمس، المغرّدين على مواقع التواصل الاجتماعي. يمكن إيجاد أكثر من تبرير لسخرية المواطنين من كلام المسؤولين، وخصوصاً في بلد يصعب فيه تصديق أيّ مسؤول. إلا أنّ المشكلة تكمن في تحويل «تغيّر المناخ» إلى نكتة، بعدما بات يشكل التهديد الأخطر لحياة الكوكب، وبعدما تبيّن فعلاً استحالة أن لا تتسبّب كمية المتساقطات غير المسبوقة التي شهدتها كسروان أول من أمس في طوفان، من دون أن يعني ذلك على الإطلاق تحييداً للمسؤولين في البلديات والوزارات المعنية. وكان حبيش قد عدّدهم أول من أمس في واحدة من إطلالاته الإعلامية: «الأوتوستراد والواجهة البحرية من مسؤولية وزارة "الأشغال"، أما الأنهار التي تفيض فمن مسؤولية "الطاقة"، فيما تنحصر مسؤولية البلدية في تنظيف الأقنية ومعالجة أزمات الطرقات الداخلية».لذا يمكن وصف السخرية من «التغيّر المناخي» في كونه سبباً يصعب استثماره في سيل الاتهامات والاتهامات المضادة التي أغرقت مواقع التواصل خلال اليومين الفائتين. فإلى المسؤولين الذين عدّدهم حبيش، هاجم المواطنون نواب كسروان. كلّ مجموعة تهاجم النائب الذي ينتمي إلى الفريق السياسي الذي تناهضه، وتشيد بالآخر، دائماً من دون أي محاولة جدية لفهم ما حصل. لكن ماذا قال الجديون في تغريداتهم؟ وبم اختلفوا عن المواطنين؟

وزير الأشغال
على صعيد المسؤولين، كان وزير الأشغال علي حمية أبرز المغرّدين، رافعاً المسؤولية عن وزارته بما أنّه «طوال الليلة الماضية عملت ورش متعهدي وزارة الأشغال العامة والنقل على رفع الأتربة والحصى والأوساخ التي جرفتها معها السيول المتدفقة من الأعالي إلى الأوتوستراد، فضلاً عن تعزيلها من مجاري التصريف منعاً لانسدادها، ونجدّد الدعوة لقيام الجميع بمسؤولياتهم داخل البلدات وعلى مجاري الأنهر».



وفي معرض تحميله للمسؤوليات، نشر حمية في تغريدة ثانية «فيديو من منطقة ساحل علما - شننعير يُظهر بوضوح مكان تدفق المياه وخروجها عن مجراها الى الطرقات في البلدات لتتشكل عبرها سيول، جارفة معها الأتربة الى الأوتوستراد، وهذا بسبب التعدّيات على مجاري المياه الشتوية والعبّارات وعدم مراقبتها من قبل الجهات المختصة ( بلديات- وزارة الطاقة)».



نواب كسروان
أما على صعيد نواب كسروان الخمسة، فقد غرّدوا جميعاً وأجمعوا على أمر واحد هو المطالبة بتعويضات للمواطنين، سواء مباشرة، أو من خلال مطالبة الهيئة العليا للإغاثة بالتحرّك. ومن طالب منهم الوزارات (وزارة الأشغال حصراً) بتحمّل المسؤوليات، تجاهل السؤال عن أسباب ما حصل.
فقد شكت وزيرة الطاقة السابقة، النائبة ندى البستاني من أنّ «الأمطار التي يفترض أن تكون نعمة تتحوّل إلى نقمة لأهالي كسروان. للمرة الثالثة، يتكرّر هذا المشهد وفي وقت خروج التلاميذ من المدارس. أناشد رئيس الحكومة ووزير الأشغال والهيئة العليا للإغاثة للتحرّك فوراً وإيجاد الحلّ لهذا الموضوع والتعويض عن المتضرّرين ومعاقبة المقصّرين».



ومن باريس، غرّد النائب نعمة افرام، واضعاً إمكاناته في التصرّف «اليوم مصيبة في ساحل جونية وكسروان - جبيل. غداً ستكون كارثة وستتكرّر مع كلّ شتوة. فلتجتمع جهود وزارة الأشغال والبلديات والدفاع المدني والمجتمع الأهلي وكلّ المعنيين لوضع خطة وإيجاد حلّ. كلّ إمكاناتنا في التصرّف».



تغريدة النائب شوقي دكاش بدت أشبه بتغريدة مواطن غاضب، وليس مسؤول منتخب يفترض أن يجيب هو عن السؤال الذي طرحه «غرق الناس على الطرقات. هدر وقتن وأعصابن مسؤولية الدولة والوزارات. كل واحد رح يرمي التهمة على غيرو. بس النتيجة وحدة: كسروان وجبيل بمدنن وضيعهن غرقوا اليوم واختربت بيوت الناس. مين بعوض عليهم؟»



أما النائب فريد هيكل الخازن فاكتفى بتوصيف ما حصل، داعياً إلى التعالي عن المصالح: «مشهد المواطن المحاصر في السيول ما هو إلا دليل سقوط الدولة واهتراء مؤسساتها وحال الفراغ وانعدام الوزن والمسؤولية. أما آن الأوان للتعالي عن المصالح الخاصة المتضاربة والنظر إلى كرامة شعب يرزح تحت أنياب الإهمال!!».



وبعدما تأخرت تغريدة النائب سليم الصايغ يوماً كاملاً، نشر صوراً لما حصل مطالباً بالتعويض على المتضرّرين: «صور من طريق المعاملتين صباح اليوم برسم الهيئة العليا للإغاثة وهيئة إدارة الكوارث والوزارات المعنية المطلوب منها التحرك فوراً! ليس مقبولاً أن تصبح كسروان وجبيل منطقة منكوبة عند كل "شتوة"! قوموا بواجباتكم لأن ما حصل بالأمس من ذلّ وأضرار وخسائر معرّض للتكرار، فليتحمل الجميع مسؤولياته!».