من غير المتوقع أن تؤتي خطوة «التوقف القسري عن التعليم» أكلها في «تنفيس الاحتقان»، فأزمة القطاع التعليمي والقطاع العام مرشحة للتفاقم خلال الأيام المقبلة، لا سيّما مع «قبول المجلس الدستوري استلام الطعن» المقدّم بالموازنة من 13 نائباً، ما يعني حكماً «تعليق العمل بهذا القانون إلى حين البتّ بأمر الطعن، وذلك خلال مهلة أقصاها شهر واحد» وفق المحامي جاد طعمة منسّق اللجنة القانونية في المرصد الشعبي. بالتالي، لا رواتب إضافية في شهر كانون الأول المقبل.وكان اليوم الأول من «توقف الأساتذة القسري عن الحضور إلى المدارس الرّسمية»، الذي دعت إليه روابط التعليم الأسبوع الماضي، مرّ بتفاوت في الالتزام، وحيرة في تنفيذ القرار. فبعدما تقرّر «الإقفال التام، والامتناع عن التوقيع على سجلات الحضور»، سجّل عدد من الخروقات في بعض المدارس الرسمية، لا سيّما تلك التي يتقاضى أفراد الهيئة التعليمية فيها مساعدات نقدية من المجتمعات المحليّة عبر البلديات، أو مباشرة من جمعيات أهلية مقابل «العودة إلى التعليم وعدم الإضراب نهائياً تحت طائلة قطع المعونة». هناك لم يتوقف التعليم، ما يعني أنّ هذه المساعدات تفصل أعضاء هذه المدارس عن الجسم التعليمي ككلّ.
أما الجزء الآخر من غير الملتزمين، فكان في المدارس التي لم يقتنع أساتذتها بالجدوى من الإقفال ليومين، معتبرين أنّ ما أعلنته رابطتهم هو «تنفيس للضغط وكيدية سياسية». وعليه، تتم هناك إعادة جدولة البرامج لصفوف الشهادات من دون بقية الصفوف كي لا يتوقف تعليمهم، في رسالة واضحة من الأساتذة للجميع بأنّ «الغاية الأساسية ليست التعطيل، بل المطالبة بتأمين الحقوق المهدورة، وتحسين الأجور»، وهذا ما يجري في بعض ثانويات منطقة بنت جبيل ومرجعيون والنبطية. أما أساتذة الصفوف العادية، فحضروا للتوقيع على الدوام من دون تعليم رغم حضور الطلاب في بعضها.
كما وتقوم بعض إدارات المدارس، التي رفض أساتذتها التعليم بشكل تام، بترك الأبواب مفتوحة للملاك منهم للتوقيع على دفاتر الحضور بحجة «عدم حسم الحوافز المالية في حال تمّ دفعها». ففي السّنة الماضية، كانت هذه المبالغ تقتطع في حال حصول أي تحرّك وإقفال للمدرسة، ولا تزال المساعدة المالية الخاصة بشهر نيسان من العام الدراسي الماضي غير مصروفة بسبب إضراب ليومين. وفي بيروت وجبل لبنان، كانت الحيرة سيّدة الموقف بعد دعوة عدد من المدراء للأساتذة في مدارسهم للتصويت تارةً على الالتزام بالإقفال من عدمه، وتارةً الطلب منهم إعادة النظر بقرارهم، وضعهم في مواجهة زملائهم المتعاقدين الذين سيخسرون ساعاتهم بسبب هذا التحرّك بعد الإصرار على التوقف عن التعليم.
هذا وتسارع مديرية التعليم الثانوي في وزارة التربية إلى «معاقبة» الأساتذة الذين بدؤوا التحرّك مبكراً، إذ لم يعلموا يوم الاثنين الماضي، وتطلب لهذه الغاية من الثانويات تزويدها بأسمائهم خلال «مهلة لا تتعدى اليوم الواحد».