منذ نشأة الجمهورية، دأبت الحكومات المتعاقبة على استئجار عقارات لتقديم الخدمات للمواطنين، وبقيت على هذه الحال إلى أن صدر قانون يشمل بأحكامه العقود المعقودة قبل تاريخ 22/07/1992، وهو القانون 160/1992 الذي يختص بعقود إيجار العقارات المبنية المعقودة قبل صدوره. وكانت الدولة والمؤسسات العامة هي المستأجر الأكبر الذي يسلب المالكين حقوقهم بأبخس الأثمان، ونعني هنا العقود غير السكنية، لكن مهلة التمديد انتهت وأصبحت الإيجارات مشمولة بأحكام التعاقد الحرّ.صدر قانون الإيجارات بتاريخ 5/9/2014، ونص على أن تقوم الحكومة بإعداد مشروع قانون يشمل بأحكامه عقود الإيجار غير السكنية. خلال هذه المدة، كانت بدلات الإيجار ترتبط بمعدل التضخم، وتزداد سنوياً بنسبة تعادل معدل التضخم السنوي وفقاً للمؤشر الرسمي الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي في السنة السابقة، على أن لا تتجاوز الزيادة الخمسة في المئة (5%)، أي أن البدلات البخسة كانت مفروضة حكماً على المالكين.
بعد ثلاثة أعوام، صدر قانون تعديلي لقانون الإيجارات يحمل الرقم 2 تاريخ 28/2/2017 وينص في مادته الثامنة والثلاثين على تمديد عقود الإيجار غير السكنية إلى حين إنجاز هذا المشروع ووضع مهلة قصوى للتمديد هي تاريخ 31/12/2018.
لكن، بما أن مشروع الحكومة لم يبصر النور، تم تمديد العقود غير السكنية مجدداً بموجب القانون رقم 111 تاريخ 6/12/2018 والقانون رقم 176 تاريخ 13/05/2020، وفي المرة الأخيرة تم تمديده بموجب القانون 243/2021 لغاية 30/6/2022 ضمناً.
أي أنه اعتباراً من تاريخ 30 حزيران 2022، أصبحت المباني (القديمة) المستأجرة من الحكومة والإدارات العامة والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة «محتلة»، أي مشغولة من دون أي مسوغ شرعي.
وبالتالي أصبحت العقود الممددة منذ العام 1992 والتي تشغلها الدولة بمؤسساتها وإداراتها تخضع لأحكام التعاقد الحر بانتهاء مفاعيل التمديد، مما يعني أنه أصبح يحق للمالك مطالبتها بالإخلاء الفوري خلال مهلة معقولة، أو مطالبتها بتوقيع عقد جديد يضمن بدلاً عادلاً هو بدل المثل.
فهل يستمر وضع يد الحكومة على هذه العقارات أم أنها ستسقي المالكين كأس التمديد المرّ لمصادرة الأملاك أسوة بالودائع؟ أم ستدفع لهم بدل المثل نظير بقائها في أملاكهم؟

انقر على الجدول لتكبيره