تُوجَّه إلى منظمة «اليونيسف» اتهامات بتسببها بعودة الكوليرا إلى لبنان، بما أنّها المسؤولة مباشرةً عن رعاية شؤون النازحين السّوريين في لبنان أينما يقيمون، وبما أنّ الإصابات الأولى مطلع الشهر الفائت خرجت من هذه المخيمات، وبعد قرارها تقليص كمية المياه المخصّصة لها، إلا أنّ المنظمة الدولية، تؤكد ردّاً على أسئلة «الأخبار» أنّها كانت تحذّر منذ شهر تموز 2021 من الوضع المزري للمياه في لبنان. أما عن قرارها تقليص كمية المياه، فتؤكد أنّها اتخذت هذا القرار ملتزمة بدليل «اسفير SPHERE»، من دون أن توضح إن كان هذا الدليل ينطبق على الوضع في المخيمات. وتشدّد المنظمة، في إجاباتها التي انتظرتها «الأخبار» أكثر من أسبوعين، أنها لا تلتزم بتنفيذ الأعمال على الأرض بنفسها، بل عبر وكلاء محلّيين أو دوليين لهم أذرع في لبنان، لكنها لا توضح أيضاً إن كانت لديها القدرة على محاسبة هؤلاء في حال وقع الخطأ!
تقليص التمويل
بداية، توضح «اليونيسف» أنّها تقوم بتأمين المياه النظيفة للسّوريين المقيمين في المخيمات الرسمية منذ عام 2012. لكن «بعد تقليص التمويل، اتُّخذ قرار جماعي، بالتنسيق مع مصالح المياه في لبنان، بتقليص حصة المياه المقدّمة للمخيمات الرّسمية من 20 ليتراً للشخص يومياً إلى 7.5 ليترات، علماً أنّ الرقم الأخير يُحسب بناءً على دليل «اسفير SPHERE» للعمل الإنساني خلال الأزمات، وذلك ابتداءً من 15 أيلول في معظم المواقع، وفي الأول من تشرين الأول في عرسال».
وترى المنظمة أنّ «مرض الكوليرا هو أحد عوارض الأزمة التي تصيب لبنان، وتعكس ضعف الاستثمار في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، ومنها الحق في الوصول إلى المياه النظيفة. ومنذ تموز 2021 تحذّر اليونيسف من الأوضاع الخطيرة الخاصة بالمياه في لبنان، التي تؤثر على صحة المجتمع، وخاصة الأفراد الأكثر ضعفاً. كما أصدرت المنظمة في تموز من هذا العام تحذيراً مفاده أنّ سلامة المياه وصلت إلى حافة الخطر على مستوى البلد كلّه، وهذا ما يدفع الناس للتفتيش عن مصادر غير آمنة للمياه ومكلفة في آن معاً، ما سيؤدي لاحقاً لانتشار أمراض عبر المياه كفيروس الكبد الوبائي أ، والكوليرا».

التخلّص من المياه المبتذلة
ورداً على سؤال عن كيفية التخلّص من المياه المبتذلة، أعادتنا «اليونيسف» إلى دليل «اسفير SPHERE»، للتنظيف خلال حالات الطوارئ والأزمات، وبرنامج «واش WASH»، الصادر عنها، والخاص بالتنظيف والتعقيم، إذ «يتم وصل الحمامات في المخيمات الرسمية بخزانات مخصّصة للمياه المبتذلة، ويجري التخلص منها بصورة دورية أو عند الحاجة. كما أنّ أماكن رمي المياه تجري متابعتها عن كثب من قبل شركاء «اليونيسف» للتأكد من أنّ المياه تُفرّغ في محطات تكرير ومعالجة. وبناءً على العقد الموقّع بين برنامج «واش WASH»، ومورّدي مياه الخدمة، يُلزم المورّد بالتخلص من المياه المبتذلة الآتية من المخيمات الرسمية في أماكن صديقة للبيئة وتحتوي على محطات تكرير ومعالجة. أما التفتيش والمراقبة فعلى عهدة «واش WASH»، للتأكد من عدم نفاذ المياه المبتذلة إلى الأنهار أو أماكن رمي ماء غير قانونية».

دعم الدولة اللبنانية
وعمّا قامت به المنظمة منذ بدء انتشار الكوليرا، توضح أنّها تقدّم الدعم الفعّال لمكافحة انتشار المرض، وذلك عبر إتاحة خدمات حياتية في المناطق السّاخنة مثل المحافظة على المياه وتعقيمها، وتقوية أنظمة الصرف الصحي للحؤول دون الانتشار السّريع للكوليرا، بالإضافة إلى دعم المجتمعات لتحسين عاداتها في الحفاظ على النظافة الشخصية. كما وتدعم اليونيسف وزارة الصحة العامة بمعدات تساعد على الوقاية من العدوى ومكافحتها، مثل الأمصال، سوائل إعادة ترطيب الجسم، بالإضافة إلى المساعدة في الجمع والتخلص من النفايات الملوّثة بالكوليرا».
وتشير اليونيسف إلى مساهمتها في التوعية في المدارس «عبر تطوير التدابير الوقائية والأنشطة التوعوية، بالإضافة إلى تنسيق إطلاق فرق عمل في وزارة التربية هدفها مكافحة الكوليرا، وذلك بغية منع أي اضطراب للعام الدراسي».
كما تقوم اليونيسف بتوزيع المحروقات على محطات ضخّ المياه، وتكرير ومعالجة المياه المبتذلة، إذ «وزّعت حتى منتصف الشهر الجاري 192 ألف ليتر من الوقود، يستفيد منها 841 ألف مقيم في المناطق الموبوءة بالكوليرا. كما قامت الصهاريج بإيصال 29 ألف متر مكعب من المياه إلى هذه المناطق، حيث استهدفت الحملة 117 ألف شخص عبر حملات توعية عن الوباء».