لا يكاد يوم يمرّ من غير أن تظهر على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي مناشدة من أحد سكان طرابلس للمسؤولين والجمعيات الخيرية بمساعدته في ترميم منزله وتأهيله، وتحديداً في مناطق تعاني أبنيتها من تصدّعات وتشقّقات في الجدران والسقوف والأعمدة وشبكات الصرف الصحي، مثل ضهر المغر، الحارة البرّانية، السويقة، باب التبانة والأسواق القديمة... وصولاً إلى الأحياء القديمة في الزّاهرية والتل والميناء.وتأتي هذه المناشدات في أعقاب وقوع جملة حوادث انهيارات قضى بسببها مواطنون، لم يكن آخرها وفاة الشّابة ماغي محمود (16 عاماً) داخل مدرسة الأميركان في جبل محسن في 2 تشرين الثاني الجاري، إذ تلتها وفاة الشّاب حاتم العلي (30 عاماً) بعد ذلك بستّة أيّام في محلة الملولة نتيجة انهيار جدار متصدّع عليه، وسبق ذلك وفاة الطفلة جمانة ديكو (6 أعوام) في محلة ضهر المغر إثر انهيار مبنى متصدّع في 26 حزيران الماضي.
وفي نهاية الأسبوع الماضي، نجت عائلة مكوّنة من 5 أفراد في محلة ضهر المغر من تعرّضها لأضرار جسدية نتيجة سقوط أجزاء من سقف المنزل المتصدّع أرضاً، إنْ في المطبخ وغرف النوم أو غرفة الجلوس. هذا المنزل هو نموذج عن أغلبية منازل المنطقة المهدّدة بالانهيار فوق رؤوس قاطنيها، الذين باتوا يخشون وقوع مصيبة عليهم عند كلّ هطول للأمطار، إذ تتسرّب المياه إلى داخل البيوت، وتدلف على الجدران والأعمدة، وتزيد من رطوبة الجدران التي امتلأت بالعفن، بسبب تلاصقها وعدم رؤية سكّانها الشّمس خلال النهار إلّا نادراً. كما أصيبت شبابيكها الخشبية القديمة بالاهتراء، فضلاً عن أنّ الحجارة الرملية التي تتكوّن منها جدران تلك الأبنية قد ظهرت بكاملها تقريباً، بعدما سقطت طبقة التوريق عنها بفعل تقادم الزمن، وعدم قيام السكّان والبلدية والجمعيات بأيّ عمليات تأهيل ولو بسيطة لتلك الأبنية منذ عقود.
أحمد حجازي الذي يقيم في الحارة البرّانية الملاصقة لمحلة ضهر المغر يقول لـ"الأخبار" إنّ المنازل في منطقته "تعاني من إهمال تاريخي، وقد راجعنا البلدية والمسؤولين وجمعيات خيرية طلباً للمساعدة، لكنّ الجميع كان خارج التغطية". ويشكو حجازي ما تعانيه هذه المنطقة التي "تنام على كارثة وتستفيق على أخرى"، مبدياً أسفه لأنّ "المسؤولين لا يتحرّكون قبل وقوع الكارثة، وإذا أتوا وتفقّدوا مناطقنا فإنهّم يقدّمون لنا العزاء والوعود، ثم يغادرون ولا نراهم مرّة ثانية".
تحميل بلدية طرابلس مسؤولية التقاعس في مساعدة الأهالي، ردّت عليه مصادر مسؤولة في البلدية لـ"الأخبار" بالتأكيد أن البلدية "تعدّ سنوياً تقارير مفصّلة بالأبنية المهدّدة بالانهيار في كل المناطق، وهي بالمئات، وترسلها إلى جهات الاختصاص، سواء المديرية العامّة للآثار في وزارة الثقافة، أو الهيئة العليا للإغاثة، وبالتالي إلى جانب مجلس الوزراء، أو إلى وزارة الداخلية والبلديات". كما تؤكد المصادر توجيه "شرطة البلدية إنذارات إلى السكّان بضرورة إخلاء هذه المباني الآيلة إلى السّقوط، إلّا أنّ الأهالي يرفضون عملية الإخلاء، وهم عاجزون عن ترميم مبانيهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى البلدية التي تفتقر إلى الإمكانية المالية للترميم، كما أنّ القوانين المرعية الإجراء تمنع البلدية من إجراء الترميم على نفقتها، بل في حال وافقت وزارة الثقافة يكون الترميم ديناً ممتازاً للبلدية على صاحب الملك".