آخر رقمٍ عن الإصابات بفيروس كورونا كان منذ يومين. من بعدها، لم تنشر وزارة الصحة العامة أية مستجدّات عن الفيروس الذي عاشت رعبه البلاد ثلاث سنوات. مع ذلك، ليست قلّة الاهتمام به أنه لم يعد موجوداً، فآخر الأرقام تتحدث عن 73 إصابة وحالة وفاة و18 حالة استشفاء، منها 11 حالة موصولة إلى أجهزة التنفس في غرف العناية الفائقة. يربط المعنيون تراجع الاهتمام بالضغط الذي شكله دخول الكوليرا إلى لبنان، وانتشاره المتسارع في معظم المحافظات، على الخط.
عبء اللقاح
خفّ وهج الكورونا وبدأ يسطع نجم الكوليرا، وقد انعكس هذا الأمر تالياً على اللقاحات، فالاستنفار اليوم لتأمين اللقاحات الخاصة بالمرض الجديد، حيث تنشط الحملات الرسمية لتأمين كميات عاجلة منه لتمنيع الفئات الأكثر هشاشة، فيما اللقاحات الخاصة بفيروس كورونا وُضعت على الرفّ. فمنذ آخر ماراثون خلال شهر آب الماضي، خفّ الطلب من قبل مراكز التلقيح على اللقاحات، فيما طلبت مراكز أخرى إعفاءها من المهمّة بعدما بات وجود اللقاحات فيها عبئاً مع عزوف غالبية المواطنين عن تلقي جرعات اللقاح. فحتى الجرعة الرابعة المعزّزة كان الإقبال عليها دون مستوى التوقعات.
بالمجمل، لا تتخطى نسبة الطلب على اللقاحات من المراكز «الـ10%، إن لم نقل متوقفة»، تقول مصادر معنية باللقاحات. وتميّز هذه الأخيرة بين مراكز المدن وبين الأطراف، حيث أن سير العمل في الأطراف بطيء جداً ونسبة المرتجع منها كبير جداً. وعلى ما يبدو، فقد توقفت عملية التلقيح عند نسبة 50.2% للملقحين بجرعة أولى و44.2% للملقحين بالجرعة الثانية و27.2% للملقحين بالجرعة الثالثة، فيما لم تحظ الرابعة بالكثير من الصدى.

120 ألف جرعة
اليوم، ثمة تخمة في عبوات اللقاح الخاصة بفيروس كورونا، غير المرغوب بها، إذ تشير المصادر إلى أن أعداد العبوات المتبقية «مخيفة». وبحسب هذه الأخيرة، فإن الكميات المتوافرة اليوم في برّادات التخزين للبالغين تبلغ بحدود عشرين ألف عبوة، وهو ما يعني 120 ألف جرعة لقاح… ممدّدة الصلاحية للمرة الثانية. وهو تمديد يسري حتى الثالث والعشرين من كانون الثاني المقبل. وكذلك الأمر بالنسبة للقاحات الأطفال، حيث هناك كمية «لا يستهان بها أيضاً»، وتبلغ حوالى 18 ألف عبوة، بمعدل 180 ألف جرعة (عبوة لقاح الأطفال تساوي 10 جرعات)، وممدّدة هي الأخرى لمرتين تنتهي صلاحيتها في الثاني والعشرين من الشهر المقبل.
وليس هذه الكميات هي آخر ما قد يتكدّس في البرّادات، مع وجود كميات محجوزة من اللقاحات عبر منصّة «كوفاكس»، يعمل وزير الصحة العامة، الدكتور فراس الأبيض على تأجيل مواعيدها. والمفارقة هنا أن هذه الأخيرة ليست بالمجان، إذ يلتزم لبنان بدفع مبالغ لقاء الحصول عليها.
أما ما الذي يحدثّ بعد انقضاء شهري التمديد؟
الجواب البديهي هنا أنها ذاهبة للتلف... كما ذهب ما يقرب من 400 ألف جرعة ذهبت للتلف سابقاً. هذا ما تؤكده المصادر. ونظراً لأن التلف دونه عملية معقدة وقوانين، فإن الخيار الأسهل الذي يتبعه لبنان هو تخزين ما تنتهي صلاحيته. وقد درجت العادة منذ بداية أزمة كورونا أن تستخدم وزارة الصحة العامة جزءاً من مستودعات تخزين الأدوية في مستشفى بيروت الحكومي لتخزين ما هو للتلف من لقاحات وأدوية. لكن، على ما يبدو أن الأمور مع الرزمة الجديدة من اللقاحات الآيلة للتلف لن تعبر بسلاسة كما في المرات السابقة، خصوصاً مع مطالبة المستشفى باسترجاع المبنى!