يبدو أن العلاقة في مجال الطاقة بين لبنان والجزائر ستتخطّى مسألة الدعوى التي رفعتها مؤسسة كهرباء لبنان على شركة «سوناطراك» بشأن توريد كميات من الفيول المغشوش. فعلى هامش قمة الدول العربية التي عقدت في الجزائر الأسبوع الفائت، بمشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض، عُقِدَ اجتماع في مقرّ وزارة الطاقة الجزائرية جمع فياض ونظيره الجزائري محمد عرقاب. وخلص الاجتماع إلى اتفاق على إنهاء ملف الفيول المغشوش بطريقة وديّة وسريعة، فيما أبدى الوزير الجزائري، بتعليمات من الرئيس الجزائري، استعداد بلاده لاستئناف توريد الفيول أويل إلى لبنان بتسهيلات مالية، على ألّا يقف التعاون عند هذا الحدّ، بل سيجري توسيعه في اتجاه التعامل مع سونلغاز المملوكة من الحكومة في مجال إنشاء محطات كهرباء تتراوح قدرتها بين 25 ميغاوات و60 ميغاوات، وتوريد غاز LPG إلى لبنان أيضاً.الجانب الجزائري تفهّم ما أثاره فياض حول الأزمة المالية وما تفرضه ظروفها من مراعاة لبنان لجهة تسديد المستحقات. وأبدى استعداده لتزويد لبنان بما يحتاج إليه من الفيول أويل والغاز أويل، مع تسهيلاتٍ في الدفع تراعي الأوضاع. لكن السلطات الجزائرية فضّلت أن يتمثّل المدخل لاستئناف التعاون بإيجاد حلٍ ودي سريع لأزمة «سوناطراك». وفي هذا الصدد، أكّد فياض أن ثغرات شابت العقد مع الشركة لا أكثر، وجرى تضخيم القضية إعلامياً عن قصد وبدفعٍ من جهات لبنانية معيّنة لها مصلحة بذلك. الطرفان اتفقا على الحلّ الودي مع تأكيد الجزائر أنها على المستوى الرسمي لم تتلقّ أي رسالة لبنانية رسمية بخصوص «سوناطراك».
على طاولة البحث اللبنانية – الجزائرية، طُرح أكثر من حلٍ، بين المؤقت والطويل الأمد. عكس جدية جزائرية في التعامل مع الملف انطلاقاً من رغبة حقيقية في مساعدة لبنان. من المخارج المؤقتة، وإلى حين الانتهاء من قضية «سوناطراك»، نوقشت فكرة توفير شركة «سونلغاز» الجزائرية المختصة في إنتاج وتوزيع الكهرباء والغاز، محطات كهرباء متنقّلة للبنان. وسيكون كذلك للشركة مساهمتها على الصعيد اللوجستي، وهي النقطة التي تطرّق إليها فيّاض، طالباً المساعدة في تذليل المشاكل اللوجستية المحيطة بقطاع الطاقة. وعليه، من المطروح أن تؤدي «سونلغاز» دوراً يدعم المساعي اللبنانية للخروج من أزمة الطاقة، إن كان في استئجار معدات الكهرباء أو شرائها أو إنتاجها.
على مستوى تقدير الاحتياجات، لا مانع لدى الجزائريين من إرسال فريق عملٍ من شركة «سوناطراك» لتقييم حاجة لبنان من الفيول وغاز البوتان والبروبان، ابتداء من الأسبوع المقبل. ويدرس الفريق خلال زيارته مدى القدرة على توريد كميات من غاز الـ«LPG»، علماً بأن ذلك يتطلب وجود قدرات تخزينية في لبنان. مع تقديم طرحٍ آخر لحلّ الإشكال يتمثّل بتوفير محطات توليد كهربائية صغيرة تتراوح قدرتها الإنتاجية بين 25 و60 ميغاوات خلال ثلاثة أشهر.
ومن المتوقع أن لا تطول الفترة الزمنية لعقد لقاءات جديدة بين البلدين، وتحديداً بين المديرية العامة للنفط ومؤسسة كهرباء لبنان مع شركتَي «سوناطراك» و«سونلغاز». وبحسب مصادر مطّلعة، فإن هذه اللقاءات ستنطلق اعتباراً من مطلع هذا الأسبوع، وسيكون على جدول أعمالها مسألة أولى تتعلق بالطريقة القانونية لإنهاء الدعوى العالقة بين الطرفين التي رفعتها مؤسسة كهرباء لبنان بشأن توريد فيول مغشوش. وإنهاء الأمر بطريقة ودية يتطلّب أمرين: تنازل مؤسسة كهرباء لبنان عن الدعوى، وتنازل الحق العام أيضاً عن الدعوى. هنا المشكلة التي تحتاج إلى علاج، إذ إن سحب الدعوى لا يكفي، بل يجب إسقاط الحق العام تجاه الشركة رغم رغبة الطرفين في إجراء تسوية. والجانب اللبناني يعمل على إنهاء الملف من دون أن تحسم إمكانية استثناء شركة «سوناطراك» المملوكة من الدولة الجزائرية من الدعوى وإبقائها مقامة ضدّ الشركة الوسيطة أي ZR energie.