حملت عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي مواقف لافتة سيكون لها تداعياتها على المشهد السياسي العام، بعدما أظهرت تقاطعاً مع مواقف التيار الوطني الحر. إذ اعتبر الراعي أن حكومة تصريف الأعمال «ليست أصيلة كاملة الصلاحيات»، محذراً من «البعض» الذي يسعى إلى نقض الخصوصية الحضارية في هذا الشرق المتمثلة بلبنان، ومشدداً على أن «الدولة بلا رئيس كجسم بلا رأس، والجسم لا يحتمل أكثر من رأس، ولا عودة إلى الترويكا». وفي تعليق على مبادرة الرئيس نبيه بري الحوارية، يتناغم مع موقف التيار، قال الراعي إن «الوقت ليس وقت حوار بل وقت انتخاب الرئيس الجديد»، رافضاً مبدأ «الانتخاب بالاتفاق المسبق على الاسم». وأكد الراعي إن «رئاسة الجمهورية والحكومة الكاملة الصلاحيات يشكلان مشتركين السلطة الإجرائية في الدولة».
(هيثم الموسوي)

مصادر عونية رأت في كلام البطريرك «تقدماً كبيراً جداً بعد كل تأكيدات الرئيس نجيب ميقاتي عن وجود غطاء مسيحيّ لخطواته المرتقبة». واعتبرت أن «هذا الموقف البطريركي من الحكومة سيكون له أثره على مواقف سائر الأفرقاء المسيحيين في المجلس النيابي، وعلى الرئيس بري إذا كان ما زال يؤمن بالحد الأدنى من الميثاقية والشراكة في هذا البلد».
ويؤكد زوار الصرح البطريركي أن الراعي «يتعامل بحذر شديد وعدم اطمئنان إلى كل هذا الإصرار اليوم على تجيير صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى رئاسة مجلس الوزراء أو التفكير بإمكانية حكم البلد من دون رئيس للجمهورية، وهو يصل إلى حد الاعتقاد بوجود تآمر حقيقي على الشراكة المسيحية في السلطة، خصوصاً المارونية. وهو قال ما قاله من منطلق الحرص على عدم التفريط بما تبقى من صلاحيات لأن الكلفة ستكون غالية جداً ولا تحتمل الاستهتار أو الاستخفاف كما تسوق بعض وسائل الإعلام وبعض القوى السياسية عن سابق تصور وتصميم». ويؤكد هؤلاء أن البطريرك «متهيب للموقف، ويخشى من ذهاب الأمور أبعد». لكنه مع ذلك، «يميل إلى عدم الدخول في أي نقاش دستوري اليوم لمصلحة التركيز على انتخاب رئيس للجمهورية. فالحل لا علاقة له بآلية عمل مجلس الوزراء أو بشرح الدستور، إنما بانتخاب رئيس للجمهورية».
وفي هذا السياق، تشير معلومات إلى أن الحوار بين الراعي ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل «متقدم جداً في الموضوع الرئاسي»، وأن باسيل «يعطي الأولوية المطلقة للتفاهم مع البطريرك قبل أي فريق سياسي آخر، وقد يكون الطرفان اقتربا كثيراً من مرحلة البحث في الأسماء». علماً أن «كل ما تحدث عنه البطريرك أمس عن مواصفات الرئيس ورد في الورقة التي أعدها التيار الوطني الحر، وكأنه كان يقرأ منها».