رغم وجود قناعة لدى غالبية سياسية بتعثر جهود تشكيل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حكومة جديدة قبل انتهاء العهد، إلا أن الباب بقي مفتوحاً أمام مبادرة ربع الساعة الأخير. علماً أن القوى الإقليمية والدولية تتصرف وكأن عدم تشكيل حكومة من شأنه تسريع الاتفاق على مرشح رئاسي.والانقسام حول من يتحمل مسؤولية عدم التأليف لا يلغي حقيقة أن الشروط والشروط المضادة صارت عائقاً فعلياً أمام التشكيل. وأظهر أداء ميقاتي في زيارته الأخيرة لقصر بعبدا، الثلاثاء الماضي، أنه غير مهتم جدياً بالتوصل إلى اتفاق، بل وضع الزيارة في سياق لقاء وداعي قبل مغادرة الرئيس ميشال عون القصر الجمهوري. خصوصاً عندما سأل: «لماذا الحكومة؟ لماذا لا نبحث في انتخابات الرئاسة؟». بعدها سأل الرئيس المكلف رئيس الجمهورية عن إمكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية يعرف أنها لا يمكن أن تشكّل في ما تبقّى من وقت، فأجابه عون: «إذا بتقدر ليش لا؟».
إلى ذلك، نقلت مصادر مطلعة عن ميقاتي أمس قوله إنه «ما بقا محرزة نشكّل حكومة لأن تأخرنا كثيراً». وبحسب المصادر نفسها فإن ميقاتي «مطمئن إلى أن الأطراف المسيحية والبطريركية المارونية لن تفتح مشكلاً معه على صلاحيات الرئاسة بعد نهاية الشهر الجاري، وأن الخارج سيتعامل معه كرئيس للحكومة، بالتالي ليس مضطراً لتأليف حكومة يتحمّل مسؤولية قراراتها مستقبلاً». وكان لافتاً كلام لمستشار ميقاتي، النائب السابق نقولا نحاس أمس، بأن «لا معطيات تُفيد بتشكيل حكومة في أي لحظة قبل انتهاء ولاية عون»، معتبراً أن «الحكومة لم تستقِل. فلا كتاب استقالة ولا يُمكن للرئيس عون أن يُقيلها، وفي حالة الفراغ ستتحمّل حكومة ميقاتي مسؤولية إدارة البلد».
من جهة أخرى، تحدّثت أوساط سياسية عن أيام فاصلة لتقرير مصير المشاورات والاتصالات لتشكيل الحكومة، وقالت إن العقبات في مسألة توزيع الحقائب أو منح الثقة باتَت معروفة، والساعات المقبلة من العهد كفيلة بتظهير إذا كانت ثمة قطبة مخفية تكمن وراء التعقيدات التي تؤخر ولادة الحكومة. وقد شهدَ اليومان الماضيان حركة تولاها وزير السياحة وليد نصّار بينَ الرئيس ميقاتي والنائب جبران باسيل في محاولة لـ «تقريب وجهات النظر»، بينما تضاربت المعلومات حول من وكّله بالمهمة التي قال باسيل إنها بطلب من ميقاتي أكد الأخير العكس. إلا أن أحداً لا يعلّق آمالاً كبيرة على «وساطة نصار» لأن «ما فشِل حزب الله في تحقيقه طيلة الأسابيع الماضية لن ينجح فيه نصار في فترة وجيزة». وباتَ الشعور لدى كل المعنيين بأن أحداً لا يريد الحكومة، لا باسيل ولا ميقاتي ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر معنية بملف التشكيل مساء أمس أنه «لا حكومة، ولا بوادر لولادة حكومة»، مستندة إلى كلام بري الأخير بأن «الحوار سيحل مكان جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بعد تحولها إلى مسرحية»، معتبرة أن «رئيس المجلس بالدعوة إلى الحوار نعى المشاورات الحكومية، لأنه لو كانت هناك أي فرصة للتأليف ما كانَ سيطرح فكرة الحوار التي، إن تمت الاستجابة لها، ستستمر إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية».