«العاصفة» التي أثارها خروج ميشال دويهي من تكتل النواب الـ13 مستمرة. أمس، تبعه وضاح الصادق. «القلوب المليانة» انفجرت بذريعة الإخفاق في التوافق على اسم مرشح رئاسي، فيما صلب المشكلة يتجاوز الأسماء، ويعود إلى النزاع حول آليات التنسيق واتخاذ القرار، وصولاً إلى اتهامات النواب لبعضهم بعضاً بـ«ضعف الثقافة السياسية».بعد اشتباك إبراهيم منيمنة - مارك ضو الأسبوع الماضي، وقرار دويهي الانسحاب، انهمكت بولا يعقوبيان وملحم خلف في «مهمة مستحيلة» للحفاظ على وحدة «التكتل». استضافت يعقوبيان في منزلها في بيروت اجتماعات ماراثونية الأسبوع الماضي، تخللتها مصارحة ومصالحة بين منيمنة وضو، لم تؤدِ سوى إلى مزيد من التخبط، وسط عجز واضح عن التفاهم على آليات العمل. حاولت نائبة بيروت إقناع الجميع بإرجاء البحث في المواضيع الخلافية إلى ما بعد جلسة أمس، واعدة بأنها وخلف يكفلان إنتاج تفاهم على آلية عمل مشتركة و«لمّ الشمل».
لكن، لم تأت حسابات الحقل وفق حسابات البيدر. الخلاف الراهن عنوانه العجز عن الاتفاق على اسم مرشح رئاسي «يتمتع بالمعايير التي وضعها النواب التغييريون». فيما لا تخفي أكثريتهم أن الخلاف في جوهره عنوانه «تقني» ومضمونه «سباق على القيادة». يقول النائب وضاح الصادق لـ«الأخبار» إن «ورقة المعايير» جعلت من الدستوري صلاح حنين يحتل رأس قائمة المرشحين، فيما يشير زميل له إلى «جلسات وخلوات عقدت مع حنين قبيل الإعلان عن بدء جلسات الانتخاب، وتم التفاهم معه خلالها على عدد من النقاط، قبل أن تنقلب مجموعة تتألف من إبراهيم منيمنة وفراس حمدان وحليمة قعقور وسينتيا زرازير ويطرحوا اسم الوزير السابق ناصيف حتي، على قاعدة أن حنين اشتراكي، متناسين أن حتي سماه رئيس الجمهورية ميشال عون وزيراً للخارجية من حصته»! وبعدما أكد الأخير لمن تواصلوا معه عدم رغبته في الترشح، «ذهبوا نحو التفتيش عن اسمٍ آخر من خارج اللائحة لا يتوافق مع ورقة المعايير. هذا التخبط أدى إلى تزكية اسم الدكتور عصام خليفة من منطلق النكاية. ورغم أن الأخير أبلغ من تواصل معه من النواب أن لا قدرة لديه على الترشح، استمر البعض في تداول اسمه وصولاً للاقتراع له عنوة».
إذاً رئاسة الجمهورية هي النقطة التي أفاضت الكأس، فيما هناك أسباب كثيرة أدت إلى تصدع الهيكل، أبرزها النزاع على آلية التنسيق والتصويت والانتخاب وأمانة السر. فعلى رغم أن خلوة «التغييريين» الصيف الماضي حفلت بأطروحات حول هذه الآلية، غير أن قرار إنشائها بقيَ خارج المتناول بفعل اعتراض «التريو» منيمنة - قعقور - حمدان.
عملياً، غابت يعقوبيان عن التطورات. آخر ظهور سُجّل عند محاولتها «تهدئة النفوس» بين الزملاء المتناحرين بعد دخول النزاع مرحلة تبادل الاتهامات والبحث عن بديل لتكتل يوشك على الموت. علماً أن يعقوبيان هي الخاسر الأكبر من المسار الحالي. إذ إن مشروعها قام على توسيع «التكتل» إلى ما يربو على 25 نائباً. فجأة توقف حلمها عند عتبة 6 نواب، قد يتقلصون إلى ما دون ذلك في ظل انشقاقات وشيكة الحدوث. «الانقلاب الدراماتيكي» جعل من يعقوبيان و «إشبينها» ملحم خلف منزوعي القدرات، باحثين عن توافق ليس على مشروع أو ملف إنما على استمرارية كتلة نيابية.
الصادق خلال إعلانه الخروج عن التكتل، تحدث عن تكتل بديل سيأتي حكماً بمثابة الند للتكتل الأصلي، يتشكل من النواب دويهي، ضو، نجاة عون ورامي فنج، فيما ليس بعيداً إقناع النائبين الياس جرادي وياسين ياسين بالانضمام إليه، لكون الأول ثبت منذ اللحظات الأولى أنه غير منسجم مع المجموعة ويفضل عدم الاستمرار في التموضع الحالي، فيما الميول السياسية للثاني تجعله أقرب إلى الصادق والنواب السنة المستقلين منه إلى منيمنة - قعقور. علماً أن ضو أكّد لـ« الأخبار» أنه وعون ليسا في وارد الخروج من التكتل حالياً.