رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية بالإجماع، أمس، الطعون التي قُدمت ضد الاتفاق مع لبنان حول الحدود البحرية. ورفض قضاة المحكمة الاعتبارات التي انطلق منها الطاعنون لإلزام الحكومة بعرضه على الكنيست. ويمهد القرار الطريق أمام إمرار الاتفاق في الحكومة التي أعلن مكتب رئيسها، رسمياً، أنها ستعقد جلسة خاصة الساعة 10:30 صباح الخميس المقبل للتصويت على الاتفاق.أتى قرار المحكمة قبل انتهاء الـ 14 يوماً التي تشكل، قانونياً، المدة التي يبقى فيها الاتفاق في الكنيست، والتي تنتهي بعد ظهر الأربعاء. وبعد توقيع الحكومة الإسرائيلية، يفترض أن يتم التوقيع التقني على الاتفاق في مقر الأمم المتحدة في الناقورة، على أن يوقّعه كل طرف منفرداً، بحضور الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين.
قرار المحكمة أجّج السجال الداخلي عشية الانتخابات بين مرحّب ومنتقد، بعدما تحوَّل الاتفاق الى عنوان رئيسي في الحملة الانتخابية. فهلّل مؤيدوه للقرار «الجيد»، فيما صعّد المعارضون انتقاداتهم للاتفاق «المخزي»، وطالت انتقاداتهم المحكمة نفسها.
عضو الكنيست، ميري ريغف، رأت أنه «إذا كان لدى أيّ شخص أيّ شكوك، لماذا يحتاج نظام العدالة إلى الإصلاح. الآن أصبح الأمر واضحاً». وأضافت إن «المحكمة العليا شرعنت اتفاق الاستسلام لمنظمة حزب الله الذي سيوقَّع في الظلام قبل خمسة أيام من الانتخابات من قبل حكومة انتقالية لم يفز رئيسها بثقة الجمهور»، كما أن المحكمة «تصرفت بشكل مخالف للقانون الذي ينص على أن الكنيست يجب أن يوافق على التنازل عن المناطق الإقليمية بأغلبية 80 عضواً و/ أو في استفتاء عام».
وتوعد رئيس حزب «عوتمسا يهوديت»، عضو الكنيست إيتمار بن غفير، المحكمة، في حال فوز اليمين في الانتخابات، واعتبر أن قرارها يجسّد المبدأ السائد منذ سنوات أنه عندما تكون هناك حكومة يمينية فإنها تتدخل في كل خطوة. أما عندما تكون الحكومة يسارية، فإنها لا تتدخل، وهذا الأمر سيتم تصحيحه في الحكومة اليمينية التي ستتشكل بعد الانتخابات.
في المقابل، هنّأت وزيرة الطاقة كارين إلهرار المحكمة العليا على قرارها، وأكدت أن الحكومة ستصادق على الاتفاق تمهيداً للتوقيع النهائي مع لبنان. وأضافت إلهرار في مستهل جلسة الحكومة: «أعتقد أن الادعاءات لم تكن جيدة. هذا اتفاق جيد، ممتاز، لمصلحة مواطني إسرائيل. سواء على المستوى الأمني، وأيضاً على المستوى الاقتصادي، وأيضاً على الاستقرار السياسي».
من جهته، غرّد وزير الأمن بني غانتس على «تويتر» أن «حكم المحكمة العليا سيسمح لنا بالمضي قدماً في الاتفاق». وتوقف عند التزامن بين موعد التوقيع على الاتفاق والانتخابات في الأول من تشرين الثاني، معتبراً أن «هذا الأمر غير مرغوب فيه، لكنه ضروري»، مشدداً على أن للاتفاق «تداعيات أمنية سياسية واقتصادية إيجابية على المنطقة كلها».
في المقابل، رأى خبراء إسرائيليون أن الاتفاق من الناحية الاستراتيجية غير جيد، وأن تنازل إسرائيل يكسر مبدأً مهماً، فيما التنازل التام للبنان عن المنطقة المتنازع عليها يجسّد الخوف من المواجهة مع حزب الله. وهو خوف له انعكاسات سلبية على قوة الردع الإسرائيلية.