قد لا يكون ثمة مثيل، وليس سابقة فحسب، للمفاوضات غير المباشرة الدائرة من حول تأليف الحكومة دونما ان تقترن بأي اتصال مباشر بين المرجعين الدستوريين المعنيين وهما رئيسا الجمهورية والحكومة، وان في الايام القليلة الاخيرة في عمر الولاية. لم يعد اي من طرفيْ التفاوض يريد الآخر ينحني له تسليماً بخسارته امامه فقط، بل المطلوب كسره والوقوع معاً في الهاوية وليس الرقص على حافتها. لا يفضي ذلك سوى الى الفوضى. العبارة المألوفة وقد اصبحت ملازمة تقريباً كل استحقاق رئاسي، كما كل شغور، منذ ايلول 1988. كلا الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل المفترض انه يفاوض باسم رئيس الجمهورية وباسم كتلته المسيحية الممثلة في الحكومة، يدوران من حول شرطين فقط لا يسع احد تبرير المغزى الفعلي لهذا الاشتباك ومآله: اصرار باسيل على ان يكون سيد التصرف بحقائب حصته في مقابل اصرار ميقاتي على ربط اي تبديل بالحقائب بمنح حكومته الثقة. لم يعد يُعرف فعلاً في الحكومة القائمة اي ضوابط تسيّرها: رئيسها يقايض المقعد الكاثوليكي في حصته (الوزيرة نجلا رياشي) بالمقعد السنّي في حصة باسيل (الوزير امين سلام) من اجل ان يحتفظ بالحصة السنّية، دونما فقدانه تأثيره في مقاعد مسيحية اخرى. عندما يطلب رئيس الحكومة التخلص من وزيرين يصعب عنده التعاون معهما، يسهل احدهما لفقدانه الظهير كالمقعد الدرزي (الوزير عصام شرف الدين) ويستحيل الآخر بسبب ظهيره كالمقعد الماروني (الوزير وليد فياض). ليست المقايضات فحسب مادة التبادل والتناحر: يريد باسيل مقعدين كاثوليكي وماروني في المتن وجزين ارضاء لاثنين من مرشحيه خسرا في انتخابات ايار هما ادي معلوف وامل ابوزيد. 
الاكثر عجباً في ما يدور في المفاوضات غير المباشرة كثرة الوسطاء: المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم ووفيق صفا عند باسيل الاربعاء، ثم عند ميقاتي الخميس، صفرا اليدين بينهما. لغز الوساطة التي قيل ان الوزير وليد نصار يقودها: ميقاتي يقول ان باسيل ارسله اليه، والاخير يقول ان الاول وسّطه لديه. ليست الحال احسن في ما يصل الى النائب علي حسن خليل وحسين الخليل من معلومات ونقل رسائل. مرة ينقل عن رئيس الحكومة انه في غنى عن ثقة باسيل وكتلته بحكومته، ومرة يشترطها ثمن تبديل في ثلاث حقائب.
على خط الشرطين المستعصيين دخل اخيراً عامل ثالث كان تردد بخجل قبل اسابيع، كما لو انه جسّ نبض ثم اختفى بعد استمزاج آراء قضاة كبار، ثم عاد في الايام الاخيرة الى الصدارة، وهو اصدار الرئيس ميشال عون قبل مغادرته قصر بعبدا، في الربع الساعة الاخير ربما، مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي. صلاحية منوطة دستورياً به منفرداً، تذكّر بمرسوم ربع الساعة الاخير الذي اصدره عام 1988 الرئيس امين الجميّل بترؤس عون حكومة عسكرية انتقالية قبل ولوج الشغور الرئاسي الاول. كلا المرسومين، الذي صدر قبل 34 عاماً او الجاري الكلام على صدوره الآن، اجراءان دستوريان لوظيفة سياسية من شأنها ان تفرض امراً واقعاً في نهاية المطاف يتخطى النص والاجتهاد المحيطين بها. يراد بذلك لمرسوم قبول استقالة الحكومة ان يكون اللاعب غير المحسوب الذي يدخل في المواجهة ويعيد خلط الادوار والاوراق، من غير ان يستبعد التلويح بالفوضى او التسبب بها حتى.
بانتهاء الانتخابات النيابية في ايار المنصرم، اضحت حكومة ميقاتي في حكم المستقيلة حكماً عملاً بالمادة 69 من الدستور. هي بذلك لا تحتاج الى موافقة رئيس الجمهورية على قبولها، لانها الاستقالة واقعة بحكم الإلزام الدستوري وليست منبثقة من ارادة رئيسها او حجب الثقة عنها او استقالة اكثر من ثلث اعضائها. مع ذلك، طبقاً للعُرف، قَبِلها رئيس الجمهورية وطلب من رئيسها تصريف الاعمال الى حين تأليف حكومة جديدة، واجرى من ثم استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس مكلف للحكومة، على ان يصدر مرسوم قبول الاستقالة بالتزامن مع مرسومي تسمية رئيس الحكومة وتأليفها، فتصبح الحكومة المستقيلة عندئذ منعدمة الوجود. حتى الوصول الى هذا الموعد تبقى تصرّف الاعمال، مكتسبة قانونية تسييرها المرافق العامة. 
في فحوى ما يقول به المنادون بصدور مرسوم قبول استقالتها، في معزل عن صدور المرسومين الآخرين المفترض انهما ملازمان له، انه يبطل وجودها لتصريف الاعمال حتى، ويجعلها منعدمة الوجود، وتالياً تصبح البلاد خارج اي ادارة او مرجعية للمرافق الرسمية. ذلك ما حصل تماماً الرابعة فجر 5 تشرين الثاني 1989 عندما اصدر عون، رئيس الحكومة العسكرية الانتقالية، مرسوم حل مجلس النواب للحؤول دون التئامه في الساعات التالية من اجل ما كان يُعدّ له سراً وتسرّب قبل ساعات قليلة، وهو انتخاب نائب زغرتا رينه معوض قبل ظهر ذلك اليوم في مطار القليعات. رمى حل البرلمان سلفاً الى ابطال انتخاب معوض لصدوره عن مرجعية منحلة، لكنه قاد ايضاً الى إحداث شغور دستوري ثان في السلطة الاشتراعية بعد شغور رئاسة الجمهورية. بيد ان حجم الدعم الدولي والاقليمي المعطى يومذاك لاتفاق الطائف فرض امراً واقعاً معاكساً، هو ان اعاد مجلس النواب، المحلول دستورياً دونما ان يكون كذلك شرعياً، بناء نفسه بنفسه بأن انتخب رئيسه وصوّت على اتفاق الطائف وانتخب رئيساً للجمهورية كي تنشأ من القليعات، لا من قصر بعبدا آنذاك، الشرعية الدستورية اللبنانية الجديدة.
اذا صحّ فعلاً ان رئيس الجمهورية في صدد خيار كهذا، مؤدى ذلك انه يذهب في اتجاه إحداث صدمة تتجاوز الصراع الناشب بين ميقاتي وباسيل ليضع النظام برمته في لحظات حرجة وامام امر واقع جديد. بعض النواب القريبين من الرئيس، من خارج تياره، استمزجوا آراء حقوقية لم تُرضهم تماماً، قالت ان الحكومة المستقيلة تستمر في تصريف الاعمال الى حين تأليف حكومة جديدة تفادياً للشغور في السلطات الدستورية العليا.
لم يكن الرأي المُقال هذا سوى تكرار حديث العهد لما كان استمزج رأيه فيه قبل اكثر من عقدين الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة ووزير العدل سابقا الدكتور جوزف شاوول في 18 آذار 2008، في عزّ شغور رئاسة الجمهورية والنزاع الناشب آنذاك من حول حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بين قائل بدستوريتها وطاعن فيها. 
قال رأيه ذاك: «يمكن بالفعل ان يمر البلد في حقبة تواجه ازمة خطيرة او ظروفاً استثنائية تتطلب التصويت على قوانين لها طابع العجلة، فلا يمكن التسليم بأن السلطات الدستورية مجردة في هذه الحال من كل الصلاحيات. مرد ذلك الى انه، كما يوجد في القانون الاداري مبدأ استمرارية المرافق العامة (continuté des services publics)، يوجد في القانون الدستوري مبدأ عام لا يقل اهمية عن الاول هو استمرارية مبدأ السلطات العامة (continuté des pouvois publics)».
يضيف الرأي المستند الى اجتهادات العالم الدستوري الفرنسي Léon Duguit ان «حكومة قانونية كانت أم واقعية في استطاعتها ان تقترح مشاريع القوانين من اي نوع كانت، عادية او دستورية اذا اقتضى الامر في اي من حالات الضرورة القصوى. ومجلس الوزراء المنوط به صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة، في استطاعته ممارسة كل الصلاحيات التي يمارسها طبيعياً رئيس الجمهورية باستثناء حل مجلس النواب وتوجيه رسائل الى المجلس».