رغم تسارع الاتصالات في اليومين الماضيين لدفع التأليف الحكومي، بدت الحصيلة العامة للاجتماعات والاتصالات التي عُقِدت في الأيام الماضية، بوساطة قادها حزب الله والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، «صفراً». إذ أكدت مصادر معنية بالتأليف أن أي تقدّم لم يتحقق في ما خص الملف الحكومي، لا لجهة تغيير الوزراء ولا لجهة التوافق على الأسماء الجديدة التي سيتم توزيرها، مشيرة إلى أن وتيرة هذا الحراك تراجعت أمس، بفعل الشعور بصعوبة إزالة «المتاريس» بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه من جهة والرئيس نجيب ميقاتي.مصادر في التيار الوطني الحر أكدت لـ«الأخبار» ان ميقاتي «لا يزال يراوغنا ويراوغ الوسطاء ويلعب لعبة تمرير الوقت، وكلما تم التوصل إلى تفاهم أخرج من جعبته مشكلة جديدة». وأشارت إلى أن رئيس الحكومة «عاد على ما يبدو إلى فكرة أن ترث حكومته المستقيلة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الشغور الرئاسي، وهو ما لن نسمح به».
وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أنه ستكون للرئيس ميشال عون إطلالة تلفزيونية قبل نهاية العهد يعلن فيها سلسلة خطوات لقطع الطريق على هذا التوجه، من بينها توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة ميقاتي. وفي المعلومات أيضاً أن رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر سيتخذان مجموعة من الخطوات لقطع الطريق على تسلّم حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئيس. وفي هذا السياق، عُقد اجتماع للوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية والتيار، واتُخذ قرار بمقاطعة هؤلاء لأي اجتماع للحكومة أو اي اجتماع وزاري بعد 31 تشرين الأول الجاري، وهو «ما يُفقد ميثاقيتها وشرعيتها»، إضافة إلى «خطوات أخرى» لم يُكشف عنها، «تجعل من إمكانية حكم حكومة تصريف الاعمال أمراً مستحيلاً، وقد تؤدي إلى فوضى دستورية وأزمة سياسية حادّة».
وبالتوازي، عجز المجلس النيابي، للمرة الثالثة على التوالي، عن انتخاب رئيس للجمهورية وسط تكرار المشهد نفسه في توزيع الأصوات. فأعادت كتل حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر التصويت بورقة بيضاء (55 صوتاً) مقابل تصويت كل من أحزاب القوات والاشتراكي والكتائب وبعض المستقلين لصالح النائب ميشال معوض (42 صوتاً)، فيما انضمّ نواب «التغيير» إلى زملائهم في كتلة الاعتدال الوطني بالتصويت لصالح «لبنان الجديد» (17 صوتاً). يضاف إلى هذه الأصوات، 4 أوراق ملغاة وصوت لميلاد أبو ملهب، وتغيّب 9 نواب. فيما طار النصاب القانوني للدورة الثانية بعد خروج بعض نواب حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر، ما دفع رئيس مجلس النواب إلى رفع الجلسة إلى الاثنين المقبل.
خريطة توزيع الأصوات داخل المجلس، أكدت مجدداً أن المشهد لا يزال على حاله من دون أي خرق يحتسب للمرشح ميشال معوض الذي عمد والقوات اللبنانية إلى مهاجمة نواب «التغيير» بعد انتهاء الجلسة. إذ اتهم النائب جورج عدوان «التغييريين» بتعطيل وصول معوض إلى رئاسة الجمهورية عبر الحؤول دون حصوله على 65 صوتاً. علماً أنه يستحيل على معوض أن ينال 65 صوتاً حتى لو صوّت له النواب الـ13 الذين احتسبهم عدوان 22 نائباً! ومع التسليم جدلاً بقدرة معوض على تأمين 65 صوتاً، فإنه عاجز أساساً عن ضمان النصاب المتمثل بـ86 نائباً في الدورة الثانية من دون «أصوات الممانعة» كما صنّفهم عدوان. وبعيداً من حفلة الاتهامات التي قدّمها عدوان أمس، فإن الواقع هو أن القوات ستكون أول الخارجين من الجلسة في حال تأمين النصاب القانوني منعاً لوصول معوض، على حدّ قول أحد نوابها. إذ «كيف يمكن لجعجع الذي جهد لكسر الإقطاع في منطقة الشمال ونصّب نفسه زعيماً على الدائرة خصوصاً في الانتخابات الأخيرة، أن يأتي بإقطاعي ينافسه على جمهوريته الجديدة». أما التزام معراب، شأنها شأن الكتائب، باسم معوض فليس سوى «تمرير للوقت» إلى حين اتضاح الصورة الكاملة واستجابة لطلب السفير السعودي وليد البخاري.
إطلالة تلفزيونية لرئيس الجمهورية للاعلان عن إجراءات تقطع الطريق على حكومة تصريف الأعمال


هجوم من معوض والقوات على نواب «التغيير» استدعى ردوداً. إبراهيم منيمنة أكد أن «محاولة جرنا إلى اصطفاف من أجل التفاوض على ظهرنا في لحظة سياسية ما لن يحصل»، فيما اعتبر وضاح الصادق كلام عدوان «إنجازاً جديداً لمصلحة الكتلة وتأكيداً على شعار كلن يعني كلن». أما يعقوبيان، فأشارت إلى خطأ حسابات عدوان بشأن قدرة «التغييريين» على إنجاح معوض، وكشفت عن طلب وزير الخارجية السابق ناصيف حتي بعدم طرح اسمه، بعدما اتفقت عليه غالبية «التغييريين» والنائب أسامة سعد، بعد رفض كل من منيمنة وحليمة قعقور وسينتيا زرازير وفراس حمدان التصويت للنائب السابق صلاح حنين باعتباره «اشتراكياً، ولا يتناسب مع معايير الاستقلالية والسيادة». علماً أن مجموعات المجتمع المدني التي شكل هؤلاء النواب جزءاً منها، كانوا يجوبون الشوارع ليلاً ونهاراً لإسقاط حكومة حسان دياب التي شغل فيها حتّي منصب وزير الخارجية عن التيار الوطني الحر.