صدرت من بيروت وموسكو، في اليومين الماضيين، إشارات إلى تفادي التوتر في العلاقات اللبنانية - الروسية، على خلفية تصويت لبنان، الأربعاء، إلى جانب قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين محاولة روسيا ضم أربع مناطق أوكرانية، ويعتبر الضم «غير قانوني».وعلمت «الأخبار» أن «لوبي» لبنانياً - روسياً يعمل على احتواء تداعيات موقف بيروت، لقطع الطريق أمام أي استثمار أميركي في الموقف اللبناني الذي جاء بعد ضغوط أميركية شاركت فيها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا وأدّت إلى اتخاذ القرار بالتصويت في اجتماع عُقد في بعبدا، مساء الثلاثاء، ضم رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب.
دبلوماسيون لبنانيون أكّدوا أن التصويت تحت الضغط ليس بعيداً عن الحقيقة، لكنه تبسيط يغفل عوامل أخرى. وأكّدوا أن مساعي دبلوماسية بُذلت للتقليل من شأن الموقف اللبناني ووضعه في إطار «موقف مبدئي». إذ إن «لبنان يعارض ضم القدس والجولان والأراضي العربية إلى إسرائيل، وهو يأخذ في الحسبان إمكان إجراء العدو، مثلاً، استفتاء حول ضم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلتين». لذلك سمع سفراء الدول الغربية ودول الاتحاد الأوروبي في الخارجية أنه «لا يمكن من ناحية مبدئية أن نوافق على ضم أي بلد أراضي بلد آخر، على خلاف السلوك الغربي المزدوج المعايير لدى مقاربة قضايا اعتداء دول على دول أخرى. إذ يطبق الصمت حين تكون إسرائيل معتدية، ويهرع العالم لمساندة أوكرانيا». صحيح أن كلاماً كهذا لن يبدّل في موقف الغرب من ضم الجولان والقدس، لكن أقلّه، برأي دبلوماسيين لبنانيين «نتصرف بناءً على ميزان مصالحنا».
وبحسب مصادر، فإن موسكو أبدت تفهّماً لموقف بيروت ولا نيّة لديها لـ«تكبير» الأمر. وقد «تفهّم» السفير الروسي في بيروت ألكسندر روداكوف خصوصية موقف لبنان، وكانت زيارته للسرايا الحكومية في اليوم التالي لاجتماع بعبدا مقصودة. كما أن تصريحه بعد اللقاء، رداً عما إذا تم البحث في موضوع تصويت لبنان في الأمم المتحدة، اتّسم بالإيجابية، مشيراً إلى «أننا عرضنا الأمر بشكل عام، ويوجد بيننا تنسيق، ونعرف بأن الموقفين الروسي واللبناني كالعادة على الموجة نفسها».
مصادر دبلوماسية أدرجت التصريح في سياق «توجيه رسالة إلى فريق وزارة الخارجية في موسكو بمنح لبنان معاملة خاصة»، واستثنائه من التقييم الذي تجريه روسيا لمواقف الدول حيال عملياتها العسكرية في أوكرانيا، وتخطّي مسألة التصويت وبيان الخارجية اللبنانية الذي دان «الاجتياح الروسي» مع بداية الحرب، في موقف ذهبت فيه أبعد من دول عربية حليفة لواشنطن، السعودية والإمارات اللتين نأتا بنفسيهما عن الصراع.
وفي اليوم التالي لزيارة روداكوف، أعلن السفير اللبناني لدى موسكو شوقي بونصار وصول شحنة مساعدات عبارة عن مشتقات نفطية وحبوب إلى لبنان في غضون أسابيع. هي ليست المرة الأولى التي يعلن فيها بونصار عن المساعدات عينها، لذلك وضعت أوساط متابعة تصريحه في خانة ملاقاة حركة روداكوف والتأكيد أن «موقف روسيا لم يتبدّل بعد التصويت ضدها».