أمام الروايات التي يسوقها كثير من السجناء عمّا يتعرضّون له من ضرب وتعذيب وتعنيف لفظي في سجن رومية، إضافة إلى افتقاد أدنى شروط الحياة الكريمة، للمديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي رواية أُخرى تدحض كل ذلك، مستندةً إلى «الأرقام والنجاح الذي حققته في أكثر من مكان، وآخرها إبّان أزمة كورونا، حينما تمكّنت إدارة سجن رومية من تطبيق الإجراءات الصحيّة لتُسجّل حالة وفاة واحدة لكل 1200 سجين متفوّقة بذلك على الكثير من الدول، رغم أزمة الاكتظاظ التي تُعاني منها السجون اللبنانيّة»، وفق ما يؤكد مصدر أمني لـ«الأخبار»، عازياً ذلك إلى «مهنيّتنا والتزامنا بالقانون واحترامنا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، إضافة إلى أن حياة السجين وكرامته خط أحمر بالنسبة لنا وممنوع على أي عسكري الاقتراب منه أو التعدي عليه».وينفي المصدر «قطعاً» قيام عسكريين بضرب أي سجين أو الاعتداء الجنسي عليه، «وفي حال حصول ذلك، فإن المديريّة تجري تحقيقاً عاجلاً ولا تكتفي بإجراءات مسلكيّة بل يتم فتح محضر عدلي بشكلٍ فوري وهذا ما حصل في حالات حصلت سابقاً»، مشدداً على أن ما يتحدّث عنه السجناء من تعرضهم للتعدي الجسدي «أمر غير صحيح وغير منطقي، ولا يُمكن حصوله أصلاً بل هو شائعة صدّقها السجناء وصاروا يتحدثون عنها»، نافياً أن يكون لدى المديريّة أي شكوى في هذا الإطار.
أما حوادث العنف التي جرت إثر اقتحام مبنى المحكومين في سجن رومية أخيراً، فقد استخدم فيها «العنف المبرّر وهو المقبول دولياً لكبح جماح السجناء والحؤول دون تمرّدهم». وسأل: «هل من المنطقي أن نقوم بتعنيف السجناء بطريقة وحشية أو التعدي الجنسي عليهم في وقت كان هؤلاء يقومون بانتفاضة ودخل إلى المبنى 180 عنصراً أمنياً لكبح 1080 سجيناً؟ في حال حصل ذلك، فإن السجناء هم أكثر عدداً وسيقومون بانتفاضة ثانية. هذا الأمر لا يُصدَّق أصلاً».
وعن وضع المباني التأديبية، أكد المصدر أن المبنى «ج» ليس تحت الأرض فعلياً (من جهة تحت الأرض ومن جهة فوق الأرض)، وعادةً ما يتم توقيف السجناء فيه لمدة 8 أيّام تُمدّد لثمانية أيام أخرى في حال كان السجين قد ارتكب فعلاً كبيراً، ولكن لا يقوم العسكريون بضربه أو شتمه، موضحاً أن «المبنى يُعد جديداً وعمره أقل من 10 سنوات وكل الغرف فيه صالحة ومؤهلة لاستقبال السجناء وليس صحيحاً ما يتم الحديث عنه عن أن المراحيض متوقفة عن العمل لأن هذه الزنازين تكاد تكون أحلى من منازلنا». وأضاف: «الأمور التي يحكي عنها السجناء لا تحصل وأكبر دليل على ذلك هو وجود الجمعيات الدولية التي يزور مسؤولوها السجن دورياً، ناهيك أنّ الصليب الأحمر مثلاً يمتلك صلاحية الدخول إلى السجن بصورة فجائية. وهذا يعني أن الجمعيات على علم بأي مُخالفة قد تحصل».
كذلك نفى أن تكون المياه التي يستخدمها السجناء لا تراعي الشروط الصحية، مذكراً أن الصليب الأحمر قام منذ سنوات قليلة بتركيب محطة لتكرير المياه لا تزال فعالة حتى اليوم. كما أكد أنّ «لا أدوية منتهية الصلاحية في صيدلية، وأساساً لا نجرؤ على فعل ذلك لأننا نعرف أن السجناء سيقومون بتصوير هذه الأدوية ونشرها»، مشيراً إلى «وثقة» من الأدوية حصلت عليها إدارة السجن من وزارة الصحة ستنتهي صلاحياتها أواخر الشهر الحالي مثلاً، «مما يضطرنا إلى سحبها من السجن مع انتهاء المدة. ومع أنّ الـFDA يتيح لنا استخدامها 6 أشهر إضافية، إلا أننا لا نفعل ذلك أبداً».
الشكاوى مبالغ بها والعنف الذي يستخدم هو المقبول دولياً للحؤول دون تمرّد السجناء


أما حالات الطفح الجلدي، فهي «موجودة ولكن ليست بأعدادٍ كبيرة، وليس سببها المياه بل الاكتظاظ وعدم اهتمام بعض السجناء بنظافتهم الشخصية مما يؤدي إلى انتشار الجراثيم، علماً أن الأدوية لعلاجها متاحة داخل السجن»، مؤكداً أن السجين أحمد الحلبي لا يعاني من الجدري وإنما من طفح جلدي. ونفى اتهامات الإهمال الطبي، مشيراً إلى «متابعة صحية دقيقة للسجناء، وبعضهم ينقل إلى المستشفيات لمراقبة حالتهم وتأمين الأموال اللازمة لذلك من الدولة أو من الجمعيات قبل أن نلجأ إلى الأهالي». أما عدد الوفيات داخل السجن، فـ«ليس كبيراً إذا ما قورن بأعداد الوفيات خارج السجن أو حتى في السجون الأجنبية». ويقر المصدر بأن «لب الأزمة هو الاكتظاظ الذي يستنزف وقتنا وجهدنا»، معتبراً أن «الظروف استثنائية والأوضاع ليست بألف خير وعلينا أن نتكاتف كي نواجهها من دون أن يتم جلد المديرية التي تقوم بمجهود أكبر من طاقتها لإدارة أزمة السجن والتخفيف من مآسي السجناء».