عشية الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية، على طاولة بحث تكتل «نواب التغيير» أسماء يتصدّرها صلاح حنين بحظوظ أعلى للتوافق حوله. وهو كان مطروحاً سابقاً قبل أن يبدّل النواب خيارهم في الساعات الأخيرة التي سبقت الجلسة الأولى، ويصوّتوا لرجل الأعمال سليم إده «كي لا يحرقوا اسم حنين» بحسب مصادرهم. وإذا ما جرى تخطّي المراهقة السياسية وعدم اللياقة المتمثلة في التصويت لإده غير الموافق على إقحام اسمه في السباق الرئاسي، فما هو «بروفايل» حنين، وهل يتناسب وما قامت عليه مبادرتهم الرئاسية في شقها السياسي من «انتخاب رئيس توافقي من خارج الاصطفافات»؟وحنين هو نجل إدوار حنين، الكاتب والوزير والأمين العام لـ«الجبهة اللبنانية»، وهي تحالف أحزاب وشخصيات يمينية تأسست في بداية الحرب لمواجهة الحركة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية. تعود أصول العائلة إلى تحويطة الغدير قبل أن تغادرها إلى كفرشيما، حيث ولد صلاح حنين عام 1956. حاز الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة ساوثهامبتون البريطانية عام 1991، وعمل في المحاماة. عام 2000 ترشح على لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي، وانتخب نائباً عن دائرة بعبدا – عاليه، (2000/2005)، وانتمى إلى كتلة «اللقاء الديموقراطي». في 2001 تأسس «لقاء قرنة شهوان»، وهو إطار عمل سياسي شكّله سياسيون مسيحيون برعاية البطريرك الماروني الراحل نصر الله صفير، وكان جزءاً من «ثورة الأرز». انضم حنين إلى «القرنة»، واعتُبِر وأنطوان غانم وديعتَي وليد جنبلاط في اللقاء، قبل إتمام «مصالحة الجبل». التموضع السياسي الواضح لحنين في خندق يقول بنزع سلاح حزب الله ومناهضة الوصاية السورية والحياد، أدى إلى انتقاله البديهي وأعضاء «قرنة شهوان» إلى إطار عمل سياسي أوسع اسمه «لقاء البريستول»، الذي تأسس عام 2004، لمواجهة حلفاء سوريا في لبنان وعلى رأسهم حزب الله. وفي وصفٍ لتلك الفترة، يقول أحد أعضاء «قرنة شهوان»: كان حنين «يمثّل يمين هذا الفريق»، مستذكراً أنه عام 2005 عارض «التحالف الرباعي» الذي تشكّل لمواجهة «تسونامي» العماد ميشال عون العائد من المنفى الباريسي. أبقى حنين على علاقة ممتازة بأعضاء «قرنة شهوان»، لكنه اعتكف عن الحضور «بغية تسجيل موقفٍ من التحالف الرباعي».
رغب الرجل في خوض الانتخابات النيابية عام 2018، إلا أنه انسحب منها قبل 48 ساعة من إقفال باب العودة عن الترشح. هو المنظّر لثقافة عدم التوافق بتصريحه في آذار 2014 بأن «التوافق تفريغ لرئاسة الجمهورية...». ومن هذا المنطلق، كان يخطط لانتخابات 2018، وقد صرّح يومها لصحيفة «الأنباء» الكويتية: «حتى تكون المعركة متوازنة يجب أن تحصل على غرار انتخابات 2009، بحيث يكون وليد جنبلاط والقوات والكتائب والأحرار وأنا والمستقلون دعماً أو ترشيحاً للوقوف في وجه التحالف الآخر».

أبعد من المصارف
في بورصة الأسماء في مجالس «نواب التغيير»، حُجِزَ لنعمت افرام مكان. والرجل «مستعد» في حال اختياره، بحسب ما تفيد تصريحاته. هو رجل أعمال كسرواني، يرأس شركة «إندفكو» الصناعية العالمية، قريب من بكركي ومن الإكليروس. انضم إلى النادي السياسي بعد ترشحه على لائحة «التيار الوطني الحر»، في انتخابات 2018. مع اندلاع انتفاضة تشرين 2019، حرص على إظهار تمايزه عن التيار في خضمّ أشرس حملة تعرض لها الأخير. وقدّم مع زملائه نواب «الكتائب» وبولا يعقوبيان استقالته عقب انفجار المرفأ في 4 آب 2020. ليعود ويدخل البرلمان بعد فوزه بانتخابات 2022 التي خاضها بلائحة شكّلها بالتحالف مع «الكتائب». وقبيل الانتخابات أسس حركة سياسية بعنوان «مشروع وطن الإنسان».
حنين على يمين قرنة شهوان وافرام لتسليم الصندوق السيادي إلى رياض سلامة


حليف انتخابي وسياسي لحزب «الكتائب»، ويعتبر أن «القوات اللبنانية ليست جزءاً من المنظومة». في مواقفه السياسية، «حزب الله أمام لحظة الحقيقة ويجب أن يتخلى عن سلاحه من أجل بناء دولة لا تعادي أحداً»، و«لبنان الجديد مجبر على أن يكون محايداً»، و«مشروعنا الانتخابي في صلبه الحياد»... الخ. وهو ما يجعله في صلب فريق سياسي ضد فريق آخر. لا هو توافقي ولا هو محايد بمعزلٍ عن مهزلة الطرح نفسه في بلدٍ لا اتفاق فيه على معنى الوطنية ولا السيادة ولا حتى الهوية.
يضاف إلى «CV» افرام الرئاسي، رؤيته الاقتصادية. ولمعالجة مبتكرة وخلّاقة سبيلاً للتعافي، يطرح على الموقع الإلكتروني الخاص به فكرة «صندوق أصول سيادي لممتلكات الدولة مرتبط مباشرة بالاتفاق على حجم الخسائر وتوزيعها». ويكمل باقتراح إدارة الصندوق من قبل... رياض سلامة، بقوله «لقد سلّمنا جدلاً كلبنانيين ولأعوام طويلة بحيادية ومحورية الدور الإنقاذي الكبير والفريد من نوعه الذي لعبه المصرف المركزي. فلمَ لا نودع ملف الصندوق السيادي في عهدته وإدارته وتحت إشرافه؟». الصندوق «يوضع في خدمة خفض أصول وفوائد الدين، ويغذّى من النفط والغاز والثروة المائية». ولا يكتفي الطامح الرئاسي بما ردمه رفيق الحريري من الملك العام، فيطرح سؤاله «ماذا يضير الوطن لو زيدت مساحته البرية خلال عشر سنين فقط 20 مليون متر مربع ليصبح وطن الـ 10472 كيلومتراً؟... في ردم مدروس شفاف ومنظّم للبحر بمساحة مليونَي متر مربع سنوياً بهدف البيع والاستثمار»؟



لا قرار بعد
حتى الساعة لم يَحسُم تكتل «نواب التغيير» موقفه بالسير باسمٍ محدد في الجلسة الثانية لانتخاب رئيسٍ للجمهورية غداً. وتفيد مصادرهم بأن لا توجه لمقاطعة الجلسة، إنما تغيّب حصري للنائبة سينتيا زرازير بداعي المرض. وأن الخيارات لا تزال مفتوحة بين زياد بارود وناصيف حتي وصلاح حنين أو ورقةً بيضاء، مع إشارة إلى تمييز أوراقهم عن أوراق الثنائي الشيعي في حال السير للمرة الثانية بخيار الورقة البيضاء.
وفي المعلومات أن التكتّل ينقسم بين فريقٍ يذهب باتجاه إظهار قربه من أجواء «14 آذار» ويتبنى صلاح حنين. وآخر يفضّل السير بناصيف حتي أو زياد بارود أو أي اسم «من خارج الاصطفافات الممانعة والسيادية، وليس قريباً من طرف ضد آخر، وقادر على أن يتحاور مع الجميع».