رغم أن راعي أبرشية حيفا للموارنة النائب البطريركي العام على القدس والأراضي الأردنية المطران موسى الحاج مطلوب بموجب إشارة قضائية بجرم نقل أموال من الأراضي المحتلة، غير أنه تمكّن من مغادرة لبنان قبل أيام، عبر مطار بيروت الدولي، متوجهاً إلى الأردن حيث أُوقف في مطار الملكة علياء الدولي لمدة خمس ساعات خضع خلالها لتفتيش دقيق.سفر الحاج جاء بفعل «تواطؤ قضائي»، مستفيداً من رفع منع السفر عنه، كخطوة ضمن مسار كان يُعمل عليه لتسوية الملف. ما حدث، عملياً، هو استغلال البطريركية المارونية الجمود الذي يعتري الملف، وتخطي الوساطة لتسوية القضية، وتجاوز الاعتبار القضائي وكأنه لم يكن واستئناف مسار الرحلات.
وكان الملف قد جُمّد عند إشارة النيابة العامة العسكرية، ودخول رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود طرفاً في القضية وتعهّده للبطريركية بالعمل على حل «قانوني»، قبل أن «يختفي» منذ 6 أسابيع. وعُلم أن بكركي راسلت المديرية العامة للأمن العام الأسبوع الماضي تطلب السماح بعبور المطران النقاط الحدودية وعدم تفتيشه. فردّت المديرية بأن هناك إشارة قضائية صادرة عن القضاء العسكري بحق الحاج، ومذكّرة من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي تطلب مراجعته في حال عبور المطران أياً من النقاط الحدودية، أي عملياً أصرّ الأمن العام على تطبيق مضمون الإشارة القاضية بسوق المطران إلى المحكمة العسكرية للتحقيق معه. عندها لجأت بكركي إلى مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات الذي سطّر كتاباً إلى الأمن العام، يطلب فيه اعتبار الإشارة الصادرة عن القضاء العسكري «ملغاة»، ومراجعته شخصياً في كل ما يخص قضية المطران.
ووفقاً لمصادر قضائية، يضرب كتاب عويدات عدة إجراءات بحجر واحد. فهو جمّد العمل بمضمون الإشارة القضائية التي اتخذها الأمن العام سابقاً مادة لقوننة إجراءات التفتيش في حق المطران في حالتي الذهاب والإياب من وإلى الأراضي المحتلة، وأعاد تطبيق مواد مذكّرة الخدمة الصادرة عن الأمن العام عام 2006 على المطران، مع الإشارة إلى أن الإشارة القضائية تعلو المذكّرة. وبالتالي أعيد الاعتبار إلى التقيّد بمضمون المادة 37 من المذكّرة، والتي تجعل من الشرطة العسكرية التابعة لقوات الطوارئ الدولية MP الجهة المخوّلة إجراء عمليات التفتيش قرب مركز الأمن العام.
من جهة أخرى، خلق كتاب عويدات جدلاً قانونياً، لكون الملف لا يزال عالقاً لدى القضاء. وفي هذا الجانب، قالت مصادر قضائية تتابع الملف لـ«الأخبار» إن القضية باتت حكماً أمام 3 احتمالات: «توجيه ادّعاء» وهو أمر مستبعد بعدما اعتُمد خيار التسوية مساراً للحل. «حفظ الملف» وهي فرضية لا تجوز بسبب وجود محضر عدلي صادر عن مفوّض الحكومة يشمل المضبوطات والمصادرات من المطران ولكون القضاء عيّن جلسة استماع للمطران لم يلبّها بعد يومين من اكتشاف نقله للأموال. أما الخيار الأخير فهو «التوسع في التحقيقات»، وهو المسار الذي يرعاه الوزير السابق ناجي البستاني لحل الملف انطلاقاً من التدقيق في الموجودات التي حملها المطران ومن ثم الاستماع إليه.