في 22/10/2021، ادّعى أحد المواطنين بأن عاملة منزل غانية تعمل لديه أقدمت على سرقة أموال ومجوهرات تعود لزوجته، وأنه عثر على إسوارتين و«بلاك» ذهبي وقطعة «حلق» من الألماس بين الاغراض الشخصية للعاملة. وقد تبيّن للقاضي المنفرد الجزائي (المناوب) في بعبدا شادي قردوحي أنه خلافاً للقانون الذي ينص على إعلام المدّعى عليها بحقوقها القانونية قبل الاستماع اليها، فإن ذلك لم يجر إلا بعد إدلاء الموقوفة بإفادتها، واعترافها بالسرقة بحسب الضابطة العدلية. وبدراسة الملف، تبين للقاضي في سياق التحقيق الاستنطاقي، أن العاملة نفت ما نُسب اليها، وأدلت بأنها لا تعرف شيئاً عن الأغراض التي عُثر عليها بين أمتعتها، واتهمت كفيلتها - زوجة المدعي - بوضع المسروقات بين أغراضها، وأوضحت أنها تعمل لدى مخدومها منذ سنة وشهرين مقابل 200 دولار شهرياً، الا أنه لم يدفع لها راتبها في الشهرين الأخيرين، وقد يكون ذلك سبب اتهامها بالسرقة. وأنكرت العاملة ما أُسند اليها في إفادتها الأولية مشيرة إلى زوجة المدّعي هي التي ترجمت أقوالها كونها لا تجيد العربية، وبالتالي لا تعلم بما دُوِّن في الافادة. ما يثير شكوكاً لعدم جواز الاستعانة بالخصم للترجمة لخصمه، علماً أن قانون تعزيز الضمانات وتفعيل حقوق الدفاع الصادر عام 2020 ينص على حق المشتبه به بالاستعانة بمترجم محلّف اذا لم يكن يحسن اللغة العربية، ولكل اجنبي من دولة لا تكون العربية لغتها الرسمية، على ان يصار الى تعيين المترجم في أسرع وقت ممكن، مع إمكان الاستعانة بمترجم غير محلف شرط الا يباشر مهمته الا بعد ان يحلف اليمين.
واعتبر القاضي قردوحي في حكمه أن عيوباً اعترت الادعاء العام، اهمها:
- عدم التأكد مما اذا كانت المدعى عليها تعمل لدى المدعي أو زوجته.
- عدم بيان اسم والد ووالدة المدعى عليها.
- عدم تدوين ما اذا كانت المدعى عليها تجيد العربية في التحقيق الأولي.
- ادلاء المدعى عليها بأن زوجة المدعي هي التي ترجمت أقوالها في مرحلة التحقيق الأولي، علماً أنه لم يذكر ذلك من قبل القائمين بالتحقيق.
- عدم اعلام المدعى عليها بالحقوق المنصوص عنها في المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية من قبل القائمين بالتحقيق الأولي الا بعد ادلائها بأقوالها.
- عدم الاستعانة بمترجم محلّف في التحقيق الأولي.
زوجة المدعي تولت ترجمة إفادة المدعى عليها رغم عدم جواز الاستعانة بالخصم للترجمة لخصمه


لذلك، قرر القاضي قردوحي اعلان بطلان افادة المدعى عليها وبراءتها لعدم كفاية الدليل، وإبلاغ صورة طبق الأصل عن هذا الحكم إلى النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان لاتخاذ ما يراه مناسباً من اجراءات، وكذلك إلى المفتشية العامة في وزارة الداخلية لاتخاذ الاجراءات المسلكية المناسبة بحق المخالفين من رجال قوى الأمن الداخلي، واعتبار ذلك بمثابة تقرير عملاً بأحكام المادة 175 أ.م.ج.، لأن القاضي المنفرد ينظر في الملف بصورة شخصية ولا يحق له ان يتناول غير الاشخاص المدعى عليهم ويتوجب عليه، عند توافر ادلة في حق اشخاص غير المدعى عليهم، ان ينظم تقريرا بالامر ويحيله الى النائب العام من دون تأخير، وهذا فعله.