يشكل طريق تل أندي، باتجاه الحدود السورية، صورة نادرة عن معالم الطبيعة في عكار، حيث تزنّر الطريق الممتدة على طول 3 كلم قرابة ستة آلاف شجرة من أشجار الكينا المعمّرة، والتي باتت تشكل نفقاً طبيعياً غالباً ما يجذب الزوّار من خارج عكار، ويخلق خلفية طبيعية لالتقاط الصور الفنية.في الوقت الذي تتسبّب فيه أعمال القطع والتشحيل باندلاع حرائق على مساحات كبيرة من أحراج عكار، أعطت وزارة الزراعة رخصة قابلة للتجديد، لقطع أشجار الكينا المعمّرة في منطقة تل أندي والتي تشكل نفقاً طبيعياً. فقد استحصل أصحاب إحدى الأراضي، من آل أبو جودة، على رخصة لقطع أشجار الكينا وبيعها، معتبرين أنهم من زرعوا هذه الأشجار وبات لهم الحق في قطعها كونها مزروعة في أملاكهم الخاصة.
ونتيجة هذه الرخصة، تمّ بيع الأشجار إلى محمد خضر، ابن بلدة قبعيت، الذي يعمل في مجال تجارة الحطب والفحم. وكشفت مصادر خاصة إلى «الأخبار» أنّ الرخصة التي تم الاستحصال عليها من وزارة الزراعة «مخصّصة فقط لقطع 66 شجرة ومحصورة ضمن الأشجار المعرضة للسقوط والأشجار اليابسة، إلا أن ما يجري على الأرض مخالف لكلّ الرخص، إذ أقدم خضر على قطع ما يزيد عن 120 شجرة حتى الآن وكلّها أشجار خضراء». ويتابع المصدر: «بإمكان قاطع الأشجار تجديد الرخصة والاستحصال من وزارة الزراعة على رخصة جديدة، لا يمكن أن تتخطى 66 شجرة، ويكمن خطر القطع، بأنه وفي حال إزالة أحد جوانب النفق، فمن المحتم أن يؤدي إلى سقوط الجزء الآخر».
يؤكد خضر، الذي اشترى الأشجار من أصحاب الأرض، أنها ملك خاص وليست للأهالي، وأنّه يقوم بقطع «أشجار معرّضة للسقوط من المؤكد أنها ستتسبّب بإيذاء السيارات والأهالي»، مطالباً الأهالي الذين يريدون منعه من استكمال العمل بـ«التعويض المالي والتوقيع على تعهد بأن أي ضرر يلحق بأي سيارة هم سيتكفّلون به».
من جهتهم يؤكد أهالي تل أندي، أن النفق الذي يقع ضمن نطاق بلدتهم الجغرافي، بات معلماً خاصاً بالضيعة كونه موجود في الحرم المخصص للطريق العام «ولو تمت زراعته من قبل أصحاب الأراضي، إلا أن جماليّته وخصوصيّته لا يمنعان من أن يكون ملكاً عاماً لنا»، مناشدين وزارة البيئة «الكشف الميداني على النفق، وتحويله إلى محمية طبيعية وتوقيف كل التراخيص الممنوحة عشوائياً، ليصبح في عهدة وزارة البيئة والزراعة».
يتحدّث أحد سكان تل أندي إلى «الأخبار» عن «مؤامرة لتيبيس الشجر المعمّر لتوفير مبرّر لقطعه». أما عن طريقة التيبيس فهي تتمّ «عن طريق سموم تُخلط بالمياه وتُسقى للجذور، ما يؤدي إلى يباس منهجي للأشجار، التي تموت من الداخل ببطء على مدى أشهر، من دون أن يظهر اليباس خارجياً». وعليه، فإن الشجر المعمّر الذي سوف يُقطع لا يمكن تعويضه، كون التربة هناك باتت لا تصلح لزراعة الأشجار مجدداً.
نفق تل اندي تمت زراعته عام 1960، طوله 3 كلم، يحتوي على 6000 شجرة كينا على جانبي الطريق، أما ارتفاعه فيقرب من الـ40 متراً، ويتراوح عرض الجذع بين المتر ونصف والمترين، ما فتح جشع التجار عليه، إذ إن سعر طن الحطب الواحد وصل إلى قرابة الـ6 ملايين ليرة. وفي عملية حسابية بسيطة: فان الشجرة الواحدة تعادل ما مجموعه الـ10 طن من الحطب في حال تم قطعها خضراء، أما الشجر اليابس فالشجرة الواحدة تعطي ما بين 3 و4 أطنان من الحطب.