حلّ رئيس التيار الوطني الحر أولاً في استطلاع للرأي رداً على سؤال حول «من هو مرشّحك الرئاسي المفضّل؟». واختار 23% من المستطلَعين باسيل رئيساً للجمهورية، بفارق أربع نقاط ونصف نقطة عن قائد الجيش العماد جوزيف عون (18.5%)، فرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع (17.8%)، يليه الوزير السابق زياد بارود (16.3%)، فرئيس تيار المردة سليمان فرنجية (9.9%).وبحسب التوزيع المناطقي حلّ باسيل في المرتبة الأولى في الدوائر ذات الغالبية المسيحية أو حيث يوجد ثقل مسيحي (المتن، بعبدا - الشوف - عاليه، كسروان - جبيل)، باستثناء البترون - بشري - زغرتا - الكورة (حيث توجد زحمة مرشحين رئاسيين «طبيعيين»). كذلك حلّ باسيل أول في الجنوب، وثانياً في كل من عكّار وبيروت (بعد عون) والبترون - بشري - زغرتا - الكورة.




الاستطلاع أجرته شركة ITS. Communication (يملكها النائب التغييري وضاح الصادق) على عيّنة إجمالية من 10 آلاف شخص من كافة المناطق اللبنانية، توزّعوا بين 8 آلاف أجابوا على الاستمارة رقمياً (عبر رابط أونلاين أُرسل إليهم)، و2000 أُجريت معهم مقابلات وجهاً لوجه. وقد انقسم التنفيذ إلى مرحلتين تفصل بينهما مدة شهر. فقبل نحو ثلاثة أشهر باشرت الشركة بالمرحلة الأولى، واعتمدت خلالها طرح سؤال وحيد «من هو مرشحّك الرئاسي المفضّل؟»، بهدف تحديد هوية المرشح الأكثر شعبية من بين الأسماء المحتملة لرئاسة الجمهورية. وأتت الأرقام العامة عبر الاستمارة الرقمية التي تتيح التصويت لمرة واحدة لكل فرد كالتالي: جبران باسيل (23%)، جوزيف عون (18.5%)، سمير جعجع (17.8 %)، زياد بارود (16.3%)، سمير جعجع (9.9%)، نعمت افرام (5.1%)، ميشال معوّض (3.7%)، مروان شربل (2.15%) وسامي الجميل (2.05%).
تصدّر باسيل شكّل «مفاجأة» لفريق العمل، على ما يقول مدير عام «Its» داني الجر، فعمدت الشركة إلى إرسال فريق عمل ميداني، و«هي طريقة للتأكد من مدى الدقة»، وجاءت النتائج مطابقة: باسيل الأوّل على تسعة مرشحين.
بعد شهرٍ، قرّرت الشركة خوض مرحلةٍ ثانية ملحقة، والسبب، وفق الجر، أن «نتائج المرحلة الأولى تدل على الرئيس الأكثر شعبية. وبما أن انتخاب رئيس الجمهورية لا يتم بالاستفتاء الشعبي، أردنا معرفة الصفات التي يبحث عنها اللبنانيون في الرئيس المقبل». وطرح في هذه المرحلة من الاستطلاع سؤال: «ما هي السمات الأكثر أهمية في الرئيس المقبل؟»، مع عشر صفات، فجاءت النتائج كالتالي: غير متورط في الفساد (66%)، سيادي (60%)، مستقل (53%)، قوي (44%)، غير مشارك في نظام المحاصصة (42%)، لديه علاقات خارجية (41%)، لديه خبرة اقتصادية (38%)، غير طائفي (36%)، من خارج المنظومة (28%) لديه علاقات داخلية (24%). وقد عبّر المستطلَعون عن رأيهم بكل مرشح انطلاقاً من كل سمة، فتصدّر بارود قائمة المرشحين في أربع صفات (من خارج المنظومة، غير طائفي، علاقاته الداخلية جيدة، مستقل)، وحلّ افرام أول في اثنتين (الاقتصاد والعلاقات الخارجية الجيدة)، ومروان شربل أول في اثنتين (عدم التورط في الفساد والمحاصصة)، وجوزيف عون «الأكثر قوة»، فيما تصدّر سامي الجميل قائمة «السياديين». في حصيلة المرحلة الثانية، وتحت عنوان «النتيجة العامة لكل سمة» أدرج الاستطلاع الأسماء وفق الترتيب الآتي: زياد بارود، نعمت افرام، مروان شربل، ثم سليمان فرنجية وأخيراً جوزيف عون.
ولترتيب ما سمّي بـ«الرئيس المثالي القادم للشعب اللبناني»، عمد فريق العمل إلى دمج نقاط المرحلة الأولى ونقاط المرحلة الثانية، ومنح كل منهما نسبة 50%. وخلصت «ITS» إلى ترتيب الأسماء كالآتي: زياد بارود، جوزيف عون، سمير جعجع، نعمت افرام، جبران باسيل، سليمان فرنجية، مروان شربل، سامي الجميل وميشال معوّض. ليتراجع باسيل من المرتبة الأولى إلى الخامسة.


الجدير ذكره أن العيّنة المستجيبة في المرحلة الأولى التي تصدّر فيها باسيل الأسماء ليست نفسها من أجابت على استمارات المرحلة الثانية، كما يؤكد الجرّ.
في الشكل، يُطرح هنا سؤال بديهي: لماذا لم تنشر «ITS» الاستطلاع حين فاز باسيل بنتيجته بالمرتبة الأولى، علماً أن الجرّ أكد أن العمل على مرحلتين لم يكن مقرراً منذ البداية، ولم تكن خطة العمل تتضمّن البحث في المعايير والسمات، بل تقرّر ذلك بعد نحو شهر من تحليل نتائج المرحلة الأولى بحجة أن الانتخاب ليس شعبياً، وكأن القيمين اكتشفوا أن لا استفتاء شعبياً في لبنان إلا بعد تصدّر باسيل المرتبة الأولى. بمعنى أوضح: طالما أن لا انتخابات شعبية، لماذا قرّرت الشركة منذ البداية طرح سؤالها العام: «من هو مرشحّك الرئاسي المفضّل؟». إحدى الإجابات قد تكون أن القيّمين لم يتوّقعوا على ما يبدو أن يحلّ باسيل في الطليعة.
ويؤكد أكثر من باحث في علم الإحصاء لـ «الأخبار» أنه كان يُفضّل حصر الاستطلاع بسؤال من قبيل «من هو مرشحك لرئاسة الجمهورية؟»، لأن الدخول في المعايير «لا يُعتمد إلا في استطلاعات مع متخصصين، واعتمادها بشكل عام هكذا يزيد من احتمالات الخطأ، كما أن طول الاستمارة يدفع المستجيب إلى الرد بعشوائية أكبر». ويوضح هؤلاء أنه «على سبيل المثال قد يكون مرشح ما هو المفضّل لدى أحد المستطلعين، وأن هذا الأخير نفسه قد يسمّي مرشحاً آخر إذا ما وُضع أمامه معيار ما كاختيار مرشح من خارج المنظومة أو مرشح ذي خبرة اقتصادية مثلاً». أضف إلى ذلك أنه إذا كان باسيل، مثلاً، قد حاز على أصوات 23% من المستطلَعين وحل أول رداً على السؤال الأساسي، فإن المرحلة الثانية من الاستطلاع أتاحت لـ 77% من الذين لم يصوتوا له أن يصوّتوا ضده!
كما يؤخذ على الاستطلاع عدم تضمّنه ما يدل على الفئات العمرية للعيّنة المعتمدة ولا توزيعها الطائفي. وهنا توقّف أكثر من باحث في علم الإحصاء واستطلاعات الرأي، مؤكّدين ضرورة «توزّع العيّنة بحسب حجم كل طائفة وتوزّعها على المناطق إذا أردنا أن نعكس الصورة الأصح لكون اللبناني يجيب بحسب انتمائه الطائفي وليس المناطقي».


جعجع يخترق السنة: ويختفي في كسروان
كان لافتاً أن يسجّل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع حضوراً في طرابلس بـ20% من الأصوات، مع تصدّر الوزير السابق سليمان فرنجية (38%)، رغم تاريخه السيئ مع عاصمة الشمال لتورّطه في مقتل زعيمها رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي. الأمر اللافت الآخر هو نيل جعجع 14% من الأصوات في صيدا وحلوله ثانياً بعد بارود (38%) وقبل العماد جوزيف عون (8%)، فيما لم يرد اسمه بين الثلاثة الأوائل في كل من بيروت وفي «معقل الموارنة» في كسروان - جبيل.


من هي ITS؟
يملك «ITS» ويرأسها رجل الأعمال السعودي عبدالله العثيم (رئيس مجلس إدارة شركة العثيم القابضة)، بالشراكة مع النائب «التغييري» وضّاح الصادق، ويتولى دانيال الجرّ منصب المدير التنفيذي فيها. والأخيران عضوان في مجموعة «خط أحمر» التي أُسست بعد انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، وتقرّر في تموز الماضي تحويلها إلى حزب سياسي برئاسة الصادق، فيما عُين الجر عضواً في المكتب السياسي التأسيسي للحزب. والمهم معرفته هنا أن زياد بارود من أبرز الأسماء المتداولة بين نواب «تكتل التغيير» لتولي سدة الرئاسة إلى جانب آخرين من بينهم نعمت افرام، ولكل منهما مؤيدوه داخل التكتل والجبهة الأوسع التي تضم «النواب المستقلين».