لا يترك السفير السعودي في بيروت وليد البخاري مناسبة، أو تغريدة على «تويتر»، من دون أن يتطرّق فيها إلى «قيم التسامح»، ويخوض ورشة متعبة لتلميع صورة المملكة في مجال حقوق الإنسان، فيما توقف بلاده لبنانيين من المقيمين على أراضيها، وتخفي بعضهم قسراً بما يشبه اتخاذهم «رهائن».
عملياً، لا معلومات عن الموقوفين الذين احتجزوا في مراحل زمنية متفاوتة، باستثناء حيدر سليم الذي أوقف في موسم الحج المنصرم بسبب تصويره فيديو أثناء طوافه في الحرم المكي، مجاهراً بالدعاء لـ«ظهور المهدي». فبعد انتشار المقطع عبر مواقع التواصل، اقتحم عناصر من مباحث أمن الدولة الفندق الذي يقيم فيه واقتادوه إلى جهة مجهولة، قبل أن يتبيّن أنه أوقفَ بتهمة «إثارة النعرات الطائفية»، بعدما نجح «وسطاء عراقيون» في تأمين اتصال بينه وبين عائلته. «المكرمة» التي مُنحت لسليم مُنعت عن بقية الموقوفين الذين انقطع الاتصال بهم منذ «اختفائهم».

المؤكد أن من حق أي دولة توقيف مشتبه فيه على أراضيها والتحقيق معه على خلفية قضايا أمنية شرط وجود مضبطة اتهام واضحة بحقه ومنحه حقوقه كموقوف. لكن من غير المفهوم، ومهما كان السبب، أن تتخلى دولة أي موقوف عنه كما يحصل في الحالة اللبنانية. إذ تُمارس الحكومة اللبنانية انضباطاً غير مسبوق بـ«النأي بالنفس» وتخلّياً مفضوحاً عن مواطنيها، وعدم تبنّي قضية أي منهم، وصولاً إلى رفض التدخل في كثير من الحالات، بحجج تتعلق إما بارتباط التوقيف بـ«قضايا أمنية»، أو بسبب الخشية على العلاقات الثنائية! فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يردّ على مراسلات من أهالي الموقوفين للاستفهام عن مصيرهم، فيما كان جواب السفير اللبناني في الرياض فوزي كبارة الذي جرى التواصل معه أكثر من مرة أنه غير قادر على الوصول إلى أي معلومات بسبب «حساسية القضايا المرتبطة بأمن الدولة».

في حزيران الماضي، وعد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بحسب مصادر «أهالي الموقوفين» بمتابعة الملف. وعُلم من مصادر متابعة أن إبراهيم طلب وساطة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي في القضية، وبعد الطلب، جرى تأمين اتصال بين الموقوف سليم وعائلته. وأشارت مصادر لـ«الأخبار» الى أن جهود اللواء إبراهيم والوسطاء العراقيين قد تثمر الإفراج عن سليم قريباً.

وبحسب مصادر أمنية، يبلغ عدد الموقوفين اللبنانيين في السعودية 25 شخصاً يُحتجز معظمهم على ذمة قضايا «أمنية» في سجنَي دهبان وحائل، فيما يتكتّم بعض أهاليهم عن الأمر ربطاً بوعود يراهنون عليها منذ زمن، ولعدم تأزيم أوضاع أبنائهم في المعتقلات.