بقيت زيارة الرئيس نجيب ميقاتي لقصر بعبدا أمس في سياق «التشاور». لكن أهميتها أنها أتت بعد «حرب البيانات» بين فريقي الرئيسين، وهذا في حد ذاته «مؤشر جيد» بحسب أوساط مطلعة، أشارت إلى أن «نية التأليف موجودة... من دون أن يعني ذلك أن التأليف قريب». وبحسب المصادر، فإن الجميع بات متهيباً الوصول إلى فراغ رئاسي يبدو شبه مؤكد بحكومة غير مكتملة، في ظل الفتاوى الدستورية المتضاربة وغب الطلب، ما ينذر بأزمة دستورية قد تقود إلى فوضى في الشارع، في ظل انهيار اقتصادي.
(حسن أبراهيم)

وفيما أشار رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين إلى أن «ما يظهر من الأطراف السياسية أن هناك جدية في الوصول إلى حكومة»، داعياً إلى «تذليل العقبات وأن تطغى سياسة التنازلات من أجل الوطن ومصلحة الناس»، ربطت المصادر «ليونة» رئيس الحكومة «بالجو المسيحي العام الرافض ضد أن تتولى حكومة تصريف الأعمال إدارة البلد في ظل الفراغ وأن ترِث صلاحيات رئيس الجمهورية». وأضافت أن «ميقاتي هاله أن أحداً من الأفرقاء المسيحيين لم يقف معه، حتى من خصوم عون، وأنه حينَ زار البطريرك الماروني بشارة الراعي قبل فترة، أكد له ضرورة تأليف حكومة بأي ثمن»، كما أن الرئيس فؤاد السنيورة «فشِل في انتزاع غطاء مسيحي لموقف ميقاتي حتى لا يظهر بأن معركة عون هي مع السنة فزاد الضغط على رئيس الحكومة الذي يجِد نفسه في موقع لا يُحسد عليه». وإلى ذلك، هناك موقف حزب الله الذي ورد على لسان الأمين العام السيد حسن نصرالله، في خطاباته الأخيرة، بالمطالبة بـ «حكومة مكتملة».
وعليه، فإن رئيس تيار «العزم» عازم على التأليف، ولكن «ليس سريعاً، ولكن على الأرجح في وقت ما من هذا الشهر». فهو يعتقد بأن الوقت لا يزال متاحاً لمزيد من المماطلة خلال الشهرين المتبقيين من ولاية رئيس الجمهورية، ويمكن أن يؤلف الحكومة بعد انتظار لمزيد من استنزاف العهد، خصوصاً أن تأليفه حكومة جديدة قد يلزمه اتخاذ قرارات وإجراءات في مواجهة الأزمة لا يريد اتخاذها، وعليه من الأفضل الانتظار قبل تأليف حكومة سرعان ما ستتحول إلى حكومة تصريف أعمال تقيه شرّ اتخاذ أي قرار. والحكومة العتيدة، على أية حال، لن تكون سوى الحالية مع تغيير طفيف في اسم أو اسمين. وعليه توقعت المصادر أن «تتسع رقعة المشاورات في الساعات المُقبلة، رغم استمرار وجود عقبات لا يستهان بها، بسبب غياب الثقة التامة بين فريقي الصراع».
وعلمت «الأخبار» أن ميقاتي «يبدو أكثر استعداداً لتقديم تنازلات لعون، إذ لا يُمانع أن يسمي رئيس الجمهورية الوزيرين البديليْن عن وزير الاقتصاد ووزير المهجرين كونهما من حصته، لكنه لا يزال متمسكاً بفكرة أن يكون أحدهما من الشمال للحصول على دعم نواب عكار السنة، فضلاً عن نيل رضى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لضمان أن تنال الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب». بينما تميل مصادر نيابية إلى اتهام ميقاتي بأنه «غير مضمون والتجارب السابقة أكدت أنه لا يريد التأليف»، مستبعدة «الجو الإيجابي الذي سمعنا بمثله أكثر من مرة قبل أن يتبيّن أنه غير جدي».
بري يهاجم التيار: سنقترع في الرئاسة لمن يجمع ولا يقسم ويؤمن بالثوابت القومية والوطنية


إلى ذلك، شن الرئيس نبيه بري، في كلمته في مدينة صور أمس في ذكرى تغييب الإمام الصدر، هجوماً على التيار الوطني الحر من دون أن يسميه، معتبراً أن «لبنان يمر بأسوأ وأخطر مرحلة عرفها في تاريخه، تتم مقاربتها بأسوأ عقلية كيداً وحقداً ونبشاً للقبور وانفصالاً عن الواقع». وسأل: «هل يوجد في العالم بلد بتغذية صفر كهرباء وتكون الحجة ما خلونا؟ وهل يعقل أن يحرم لبنان من الغاز المصري والأردني لعدم تشكيل هيئة ناظمة في وزارة الطاقة وهي التي استنزفت ثلث مالية الدولة؟».
وفي ملف رئاسة الجمهورية، شدّد بري على أنه «ليس مسموحاً العبث بالدستور أو التمرد عليه تلبية لمطامح هذا أو ذاك من المرشحين، وليس مشروعاً الاستسلام لبعض الإرادات الخبيثة التي تسعى لإسقاط البلد في دوامة الفراغ، وعلى عاتق المجلس النيابي الحالي مهمة إنقاذ لبنان وأدعو النواب أن يكونوا صوتاً لإنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواقيتها، ونحن سنقترع للشخصية التي تجمع ولا تقسم وللشخصية التي توحد ولا تفرق وللشخصية المؤمنة بالثوابت القومية والوطنية وتعتقد اعتقاداً راسخاً أن إسرائيل تمثل تهديداً لوجود لبنان، ولا يزايدن أحد علينا بالسيادة».